مع اقتراب انعقاد قمة مجموعة “بريكس” بجوهانسبورغ ما بين 22 إلى 24 أوت الجاري، تبدي الجزائر رغبة قوية في الانضمام لهذا التكتل، معتمدة في ذلك على العديد من المقومات التي تحوز عليها، إذ ترفع من نسبة حظوظها، ومنها الورقة الدبلوماسية والعلاقات الإقتصادية التي تربطها بغالبية دول المجموعة.
وفي سعيها لدخول مجموعة “بريكس”، تنتظر الجزائر ما سيسفر عنه اجتماع المجموعة على مستوى القادة نهاية هذا الشهر، وحسب النظام الداخلي للتكتل، يفرض على أي دولة ترغب بالانضمام إليه أن تكون عضويتها في البداية كمراقب أو ملاحظ، في انتظار استكمال الترتيبات لاسيما التقنية.
وحسب الخبراء سيكون للجزائر حظوظ كبيرة لدخول أكبر تكتل اقتصادي عالمي يشكل 31 بالمائة من حجم الاقتصاد العالمي، و25 بالمائة من حجم الاستثمارات العالمية المباشرة، وهذا لامتلاكها العديد من المقومات، منها اقتصادية ودبلوماسية وعلاقات محكمة مع غالبية دول المجموعة.
وقد أكدت الجزائر في كل مرة وعلى لسان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الرغبة الكبيرة للانضمام للمجموعة، لكن يبقى هذا الانضمام مرتبط بمدى توفرها على المقاييس التي سوف تحددها دول التكتل.
وقال رئيس الجمهورية، مساء أول أمس، خلال لقائه الدوري مع وسائل الإعلام الوطنية، أن دول مجموعة بريكس لم يتفقوا بعد على المقاييس التي سيتم اعتمادها لقبول دخول دول جديدة للمجموعة، غير أنه أكد أن الفاعلين الكبار ضمن المجموعة كالصين وروسيا وجنوب إفريقيا والرئيسة السابقة للبرازيل، رئيسة بنك بريكس، يدعمون دخول الجزائر.
وأضاف الرئيس تبون أن “دعم هذه الدول للجزائر يأتي بناء على عدة عوامل، ومنها أن هذه الدول تعتبر الجزائر مهمة لبريكس، باعتبارها بوابة مهمة”، وأشار إلى أن “الأغلبية داخل المجموعة تدعم الجزائر، لكن إذا كان هناك رفض فلن تقوم الجزائر بفرض نفسها على المجموعة”.
وقال تبون إن “بريكس قطب اقتصادي جديد، ويمكن أن يأخذ مستقبلا صبغة سياسية، ومن الأهمية معرفة ما يقدمه لنا وما نقدمه له”، وأضاف “أن الجزائر والصين ناضلتا كثيرا في اتجاه خلق أقطاب جديدة، كون العالم انتهى من عهد الأحادية القطبية” .
وأكد أن الإمكانيات الموجودة في بنك بريكس تفوق إمكانيات البنك العالمي، حيث قال: “نحن ساهمنا في بنك بريكس بغض النظر عن انضمامنا من عدمه في مجموعة بريكس”.
وبتكليف من رئيس الجمهورية، استقبل وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، أمس الأحد، بمقر الوزارة، تباعاً، سفراء وممثلي الدول الخمسة الأعضاء في مجموعة “بريكس” المعتمدين لدى الجزائر.
ويتعلق الأمر بسفراء كل من الصين وروسيا والهند وكذا القائمَيْن بأعمال سفارتي كل من البرازيل وجنوب إفريقيا بالجزائر.
وتندرج هذه الاجتماعات حسب بيان لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، في إطار المساعي الرامية لحشد المزيد من الدعم لترشح الجزائر لعضوية مجموعة البريكس، لاسيما من خلال تسليط الضوء على مقومات هذا الترشح الذي يستند على إرادة سياسية قوية من لدن رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ويستمد خصوصيته من المبادئ والقيم والمراجع التي ترتكز عليها السياسية الخارجية لبلادنا وهي التي ما فتئت ترافع من أجل قيام نظام دولي متعدد الأقطاب وتعمل في سبيل تفعيل العمل الدولي متعدد الأطراف ودمقرطة العلاقات الدولية.
وفي هذا الإطار، أكد الوزير أحمد عطاف أن “الجزائر بنضالها السياسي المعروف في سبيل إعلاء القيم والمبادئ التي قامت عليها ومن أجلها منظمة بريكس وبالحركية الاقتصادية التي تشهدها في سياق الإصلاحات التي بادر بها السيد رئيس الجمهورية والتي تتجلى في المؤشرات التنموية الإيجابية التي حققتها بلادنا في السنوات الأخيرة، لتطمح لتقديم مساهمة نوعية في نشاط هذا التكتل بما يخدم أهداف السلم والأمن والتنمية والرخاء إقليمياً ودولياً”.
الخبير الإقتصادي، مراد كواشي:
“حظوظ الجزائر للإنضمام إلى هذا التكتل كبيرة”
قال الخبير الاقتصادي، مراد كواشي، إن “حظوظ الجزائر للانضمام إلى بركيس تبقى مرتبطة بمعايير القبول للدول التي ترغب في الانضمام للمجموعة، وهي معايير بطبيعة الحال تحددها دول بريكس، لكن رغم هذا فلديها حظوظ كبيرة”.
وأشار كواشي في تصريحه لـ”الجزائر” إلى “وجود حوالي 22 دولة أعلنت رغبتها للانضمام إلى المجموعة، ويبقى الاختيار وفق المعايير التي يجب أن تتفق عليها الدول الخمسة المشكلة للمجموعة، هل هي معايير اقتصادية، أم معايير سياسية، أم جيواستراتيجية”.
وأضاف المتحدث ذاته، أن “الجزائر من الناحية الدبلوماسية تحصلت على موافقة من طرف كل من الصين وروسيا، و يوجد قبول أيضا من قبل جنوب إفريقيا، ليبقى الأمر متعلقا بالهند والبرازيل، فإذا كان التصويت بالأغلبية فستكون للجزائر حظوظ كبيرة للانضمام”.
ويرى كواشي أن “للجزائر مقومات كبيرة تؤهلها للانضمام إلى المجموعة، فسياسيا تربطها علاقات جيدة مع روسيا، ويوجد توافق تام بينهما في مختلف القضايا الدولية، وزاد التقارب بين البلدين أكثر في الفترة الأخيرة”.
كما أن للجزائر علاقات مميزة للغاية مع الصين، فهي أكبر مورد للجزائر في المرحلة الحالية، حيث تورد الجزائر بأكثر من 17 بالمئة من احتياجاتها، كما أن مكانة الصين بالجزائر تتزايد، يضيف كواشي- حيث تحصلت مؤخرا على مشاريع ضخمة بالجزائر تضاف إلى المشاريع التي كانت قد حظيت بها في السنوات الماضية، أما جنوب إفريقيا فهي حليف سياسي للجزائر.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى مقومات أخرى تتميز بها الجزائر وتمنحها الأفضلية، ومنها الموقع الجغرافي الهام باعتبارها بوابة إفريقيا، وستكون ضمن مخطط طريق الحزام والحرير، والجزائر هنا تشكل بوابة نحو إفريقيا، -يقول كواشي- مضيفا أن “السوق الإفريقية واعدة وهي اليوم تستقطب مختلف الدول للإستثمار”.
ويرى المتحدث ذاته، أن “الجزائر تمتلك ورقة اقتصادية هامة للغاية وهي ورقة الطاقة والمعادن، وهو ما قد تجده دول المجموعة ورقة رابحة وجب استغلالها، فالجزائر تمتلك الطاقة ، إذ منحتها مكانة قوية، وهي تزود الاتحاد الأوروبي بكميات هامة من الغاز سنويا، ومنظمة بركيس تسيطر على 40 بالمئة من مصادر الطاقة بالعالم، وإذا انضمت إليها الجزائر والسعودية ستصبح مسيطرة على 50 بالمئة من هذه المصادر”.
كما أن الجزائر تمتلك من المعادن المختلفة من حديد وزنك، وهي مواد مهمة للغاية في مختلف الصناعات، والصين وروسيا تعطيان أهمية كبيرة لها، وهذا ما يمنح الجزائر فرصا أكبر لقبول دول بريكس انضمام الجزائر إليها.
ويرى كواشي أن الجولة الدبلوماسية الأخيرة لرئيس الجمهورية لكل من جمهورية الصين الشعبية وروسيا الفدرالية، سمحت للجزائر بقطع شوط كبير في سبيل الانضمام لـ”بريكس”.
رزيقة. خ