تنتظر الوافد الجديد- القديم أحمد أويحيى على رأس الحكومة عديد الملفات المفتوحة والمثيرة للرأي العام في الجزائر، على الأقل منذ أيام الوزيرين الأوليين الأسبقين عبد المالك سلال وخلفه عبد المجيد تبون ” المغضوب عليه ” لكن أويحيى المعروف عليه صرامته والمشحون بكاريزما تحملها مفردات خطابه السياسي الذي لن يخرج عن الخطوط الحمراء التي ترسمها السلطة خاصة في قضية تعامل الجهاز التنفيذي مع الشركاء من رجال الأعمال المحليين وفك قنابل الدخول الإجتماعي المقبل.
أويحيى.. للمرة الرابعة في قصر الدكتور سعدان
مباشرة بعد إزاحة عبد المجيد تبون، بدأت وكالات الأنباء العالمية تتناقل الخبر ” المفاجئ “، من بينها ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية على لسان مصدر حكومي طلب عدم كشف عن هويته بأن ” رؤية رئيس الوزراء تبون لم تكن متوافقة مع رؤية الرئيس “، مشيرا أيضا إلى مشاكل في “التواصل” بين الرجلين، هذا على الأقل ما هو واضح من الأسباب التي دفعت الرئيس بوتفليقة للتخلي عن وزيره الأول عبد المجيد تبون، واستبداله برجل ” المطافئ ” “سي أحمد” الذي يعود للمرة الرابعة إلى قصر شارع الدكتور سعدان ، وفي جعبته هذه المرة ملفات ” ملغمة ” لا بد أن يواجهها بكل صرامة في ظل وضع متسم بالأزمة الإقتصادية التي تخنق الدولة ومن وراءها المواطن البسيط الذي يدفع لوحده ثمن ” التقشف ” المفروض على جيبه بسبب قانون المالية 2017 وفي ظل انعدام سياسات اقتصادية محكمة تفرض إعادة الثقة للمواطنين، سياسات كان لحزب أويحيى ” الأرندي ” يد طولى في تجسيدها على أرض الواقع وشرعنتها والدفاع عليها.
نحو اجتماع “ثلاثية” لدخول اجتماعي هادئ
كان علي حداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات أول المهنئين والمهللين لعودة أحمد أويحيى لرئاسة الحكومة بعد تعيينه على رأس الجهاز التنفيذي خلفا لعبد المجيد تبون، حيث كتب رجل الأعمال “القوي” يقول في صفحته على ” الفايسبوك ” ” بمناسبة تعيين السيد أحمد أويحيى وزيرا أولا من طرف فخامة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أتقدم إلى معالي الوزير الأول بأحر التهاني وباسمي الشخصي ونيابة عن كافة أعضاء منتدى رؤساء المؤسسات، نجدد التزامنا الثابت والمبدئي، للعمل جنبا إلى جنب مع معالي الوزير الأول وكافة مؤسسات الجمهورية في كنف الحوار والتشاور ستبقى خدمة الوطن هدفنا الأسمى، وسنعمل سويا من أجل بناء اقتصاد مستدام وتنافسي يضمن للجزائر قوّتها ولمواطنينا العيش في رفاهية وأتمنى من العلي القدير أن يمدكم موفور الصحة والسداد في أداء مهامكم خدمة لوطننا الغالي “، هذه الكلمات كانت أولى إشارات التهليل والبشائر من علي حداد نحو ” صديقه ” أحمد أويحيى قبل شهر من التئام الثلاثية في غرداية، ثلاثية هذه السنة تنتظرها ملفات صعبة لكن عودة أويحيى الذي سبق له التعامل مع الشركاء الإجتماعيين الموجودين اليوم على رأس الباترونا ونقابة العمال باستطاعته فك العقد التي عقدها عبد المجيد تبون معهم خلال أزمته الحادة مع علي حداد ورئيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد، حيث سيعمل على خلق جو ” تعايش سلمي ” مع أصحاب المال والمصالح أو ما تسميهم لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال ” الأوليغارشية ” كما ينتظر أحمد أويحيى خلال هذا الموعد، التفاهم مع الأطراف الاجتماعية تجسيدا لما ينص عليه العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي والمتمثل في تسريع مسار الإصلاحات الاقتصادية والتطور الصناعي وتحسين مناخ الأعمال والمنظومة الصحية والحماية الاجتماعية وولوج عالم الشغل وتحسين القدرة الشرائية والأمن الطاقوي وغيرها من الملفات الإقتصادية المفخخة والتي لديها علاقة تماس مباشر مع المواطنيين.
التحضير للإنتخابات المحلية والرئاسية
تنتظر حكومة أحمد أويحيى استحقاقات سياسية مهمة بالنسبة للدولة، أبرزها الإنتخابات المحلية المزمع تنظيمها في نوفمبر المقبل، ومعروف أن المحليات تحتل اهتمام السلطات العليا بالنظر إلى أن البلديات تعتبر أهم حلقة تربط الدولة بالمجتمع، وبالتالي فإن الحكومة ملزمة بتسيير هادئ للإنتخابات الملحية وتوفير كامل الظروف اللازمة لتمريرها في جو من الهدوء والشفافية، على عكس الإنتخابات التشريعية في ماي الفارط، التي طعنت في مصداقيتها عديد الأطراف السياسية سواء المشاركة أو المقاطعة للتشريعيات. ومن جانب آخر، يمكن أن تكون حكومة أحمد أويحيى الرابعة في مساره القيادي للجهاز التنفيذي آخر حكومة قبل الإنتخابات الرئاسية المزمع إجراءها سنة 2019، وبالرغم من أن الوقت لا يزال بعيد عن الإستحقاق الرئاسي إلا أن كل المؤشرات تصب في أن السلطة تحاول تحقيق استقرار للجهاز التنفيذي بعد كل هذه الهزات التي مسته خلال الأسابيع الماضية وليس من مصلحتها استبدال أويحيى بـ ” جوكير ” آخر على شاكلة عبد المجيد تبون الذي على ما يبدوا يكون قد أمضى على شهادة وفاته السياسية بعد ثلاثة أشهر من تسييره للحكومة.
عودة بعض الوجوه إلى الحكومة
ومن الممكن أن تكون عودة أحمد أويحيى على رأس الحكومة الجديدة، خطوة للملمة شتات أحزاب الموالاة التي فقدت مقاعدها الوزارية وحضورها الفعال في المشهد السياسي مع عبد المجيد تبون الذي اختار حكومة “تكنوقراط” ليس لديها رائحة سياسية مع أنه كان مدعوما بأغلبية “أفالانية” ساحقة، وحسب بعض المصادر فإن خلاف أحمد أويحيى الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي مع تبون كان حول تشكيلة الحكومة التي قفزت على أسماء موالية لأويحيى على غرار وزير الصناعة الأسبق عبد السلام بوشوارب، وبدأت أحزاب شاركت في حكومات سابقة وتحتفظ بإعلان ولائها التام للرئيس بوتفليقة من قبيل الحركة الشعبية الجزائرية لعمارة بن يونس تهلل لأحمد أويحيى، حيث ذكرت في بيان تلا تكليفه من طرف الرئيس لقيادة الحكومة أنه ” أنهى الجدل القائم والضرب لمصداقية مؤسسات الدولة ” في انتقاد حاد لعبد المجيد تبون، في حين سارع عمار غول وزير السياحة الأسبق ورئيس ” تجمع أمل الجزائر” إلى مباركة عودة أويحيى إلى الصفوف الأولى للمشهد الجزائري، في انتظار ما إذا كان أويحيى سيحافظ على وزراء تبون أم أنه سينفذ عملية ” ليفتينغ ” واسعة أو ضيقة على طاقم حكومي، غلب عليه طابع التكنوقراط والولاة ؟؟، في انتظار إن كان أويحيى سيفتح مشاورات سياسية مع الأحزاب مثلما وعد تبون لتحقيق ” إجماع وطني ” أم أن رجل ” المهمات القذرة ” كما يصف نفسه سيتكفل بما لديه من أغلبية في البرلمان لمواجهة سنوات الأزمة.
إسلام كعبش