استطاع المؤلف والباحث في التاريخ “أحمد كريم لعبش” أن يقدم قراءة شاملة عن مؤلفاته التي تناولت تاريخ مدن الساحل الجزائري، و التي حاول من خلالها توثيق وإعادة كتابة التراث المبني والحفاظ على التراث التاريخي المحلي من النسيان وتقديمه كمادة سليمة للأجيال القادمة، واطلاعهم على الأصول القديمة لكل مدينة من خلال جولة عبر التاريخ و المدن التي احتضنت في وقت مضى عائلات ارستقراطية على أرضها.
الكاتب احمد كريم لعبش مؤلف و باحث في ميدان التاريخ سبق له و أن نشر عدة مؤلفات، كلها تروي تاريخ مدن الساحل العاصمي، منها 25 مؤلف قدم فيها العديد من التفاصيل التي تخص الأقاليم المعنية للدراسة و نشرها على شاكلة مونوغرافيات (للعلم أن المونوغرافيا تعني الدراسة المفصلة و المتكاملة حول نقطة خاصة في التاريخ و العلوم او حول شخص و حياته)، بدأ أحمد لعبش بمؤلف مدينة شراقة الذي يحمل عنوان “شراقة ضاحية الجزائر” تطرق فيه إلى تاريخ المدينة و القبائل الأولى و أصل التسمية و الأحياء التي أنشأت أثناء الاستعمار، و كذلك مؤلف أحواش و مدن الساحل العاصمي الذي يضم خمس مونوغرافيات لكل من مدينة دالي إبراهيم الدويرة معالمة السويدانية الرحمانية، و في نفس المضمار يتناول كل مؤلف نبذة تاريخية عن كل هذه المدن، كيف أنشأت و ما هي الظروف التي أنشأت فيها، بالإضافة إلى قسط من الجغرافيا التي تحدد موقع هذه المدن و الحدود والوديان، وبداية المدينة ذات المعايير الأوروبية.
– من أين استمدت فكرة البحث عن تاريخ وأصل مدن الساحل الجزائري؟
الفكرة كانت عن طريق الصدفة و الفضول، و الدافع الكبير هو ميولي الكبير لمادة التاريخ، و من هذا المنطلق كانت لي رحلة بحث عن تاريخ المدن، حيث قمت ببحث في مساري الدراسي عن معركة سطاوالي التي دارت أحداثها في 19 جوان 1830، كان عندي دافع كبير في الدراسة و البحث الموسع عن هذه الحادثة، و تطورت فكرتي لأقوم بإعداد مونوغرافيات مدعمة بصور لهذه المدن التي كانت محور دراستي، و لتكون في متناول الجميع ، فهدفي الأساسي هو الحفاظ على التراث التاريخي المحلي من النسيان و تمريره بشكل سليم للأجيال القادمة، بالإضافة إلى توحيد أسماء الأماكن Toponymie
– على ما استندت واعتمدت في البحث عن الحقائق التاريخية التي تخص كل مدينة؟
اعتمدت في أبحاثي على عدة مستندات و مراجع، ففكرتي الأولى هو الانطلاق من الميدان من خلال المقابلات المباشرة مع شخصيات عاشت حقبة ما من تاريخ المدينة و أشخاص مسنين، بالإضافة إلى البحث في الكتب القديمة و المجلات و الصحف، و بغض النظر عن الأبحاث التي قمت بها في الميدان فيه من الأبحاث التي قمت بها على مستوى المكتبات و قراءات و الاستنباط عن الصور و البطاقات البريدية التي تظهر حالة التراث المبني الذي تغير عبر الزمن، إلى جانب اعتمادي على المجلات و المخططات القديمة لكل مدينة، فقد خصصت أعمالي كلها للتراث الوطني.
– في رأيك هل التراث التاريخي يلقى اهتماما من قبل السلطة الوصية؟
إهتمام الإدارة الوصية المختصة في هذا الميدان لا يزال متواضعا جدا، و بالخصوص أن التراث الوطني المتواجد على مستوى مدن الساحل الجزائري لابأس به، لكن العناية اللازمة غير موجودة، ففي دراستي و خلال تنقلي عبر المدن التي أجريت بحثا موسعا عليها تمكنت من اكتشاف العديد من البقايا لحضارات قديمة يعود تاريخها للمرحلة الرومانية تعاني من النسيان، فسلطت الضوء على كل تلك التحف و البقايا التي شهدت حالة من التدهور، و عليه أتمنى من السلطات المعنية أن يكون لها اهتمام كبير بهذه البقايا و التحف و ترميم ما يمكن ترميمه.
– هل واجهتك بعض العراقيل خلال عمليات البحث من طرف السلطات المحلية؟
الوقت الذي استغرقته في انجاز كل هذه المجموعة و المونوغرافيات الخاصة بكل كتاب دام أكثر من ستة أشهر في كل عمل، خاصة و أنني كنت أتنقل إلى الميدان و المكتبات، أما فيما يخص التعاون كان متواضعا و أنا أتأسف لذلك لأنني لم أجد تسهيلات للقيام ببحثي و الوصول إلي بعض الآثار أو التراث المبني المتواجد في مناطق صعبة الوصول إليها، لكن في بعض الأحيان وجدت المساعدة و السهولة للدخول إلى بعض القصور و الكنائس و غيرها.
– لما لم تتبن أي من دور النشر الجزائرية مؤلفاتك؟
عملي يتمحور في تاريخ كل منطقة من مدن الساحل الجزائري، و لهذا وجدت صعوبة في عملية النشر و التوزيع من قبل دور النشر التي قصدتها، و التي شددت على عرض أعمالي على لجان القراءة و مؤرخين للموافقة على نشرها و توزيعها، بالإضافة إلى العديد من المعوقات التي حالت دون استلامها لأعمالي التي كان هدفي الوحيد من انجازها هو الحفاظ على التراث الوطني و تثمينه في كتيبات تستطيع الأجيال القادمة من خلالها معرفة تاريخ مدن الساحل الجزائري، إلا أنني لحد الآن في رحلة بحث عن دار النشر التي تتبنى هذا العمل القيم.
– هل ستكون حاضرا في معرض الكتاب 2018؟
شاركت في صالون الكتاب سيلا 2017 عن طريق بعض دور النشر التي مدت لي يد العون، و استطعت عرض مجموعتي المتواضعة التي تحكي عن تاريخ مدن الساحل الجزائري، و التي تحمل العناوين التالية: “الشراقة إحدى ضواحي الجزائر العاصمة“، “أحواش وقرى الساحل العاصمي” و الذي تناولت فيه خمس مونوغرافيات كل من دالي ابراهيم الدويرة المعالمة السويدانية و الرحمانية، مؤلف “برج الرياح لبوزريعة“، ” الساحل الغربي للجزائر العاصمة” و الذي درست فيه كل من منطقة سيدي فرج سطاوالي زرالدة عين البنيان، مؤلف “الأبيار:جناين ناس الفحص“، مؤلف “مدن التتابع إبان الوجود العثماني“. هي كلها مؤلفات شاركت بها في المعرض، و أتمنى أن أكون حاضرا في الصالون القادم بعرض كل المجموعة التي لازلت في صدد إكمالها و البحث عن تاريخ أسماء مدن الساحل الجزائري.
حاليا لازلت في المرحلة الأولى لإعداد و استكمال مجموعتي التاريخية التي تحكي عن تاريخ مدن الساحل الجزائري، و لهذا لم أقم بالتوجه لوزارة الثقافة و الطلب منها المساعدة في أبحاثي او مساعدتي في الترويج لهذه السلسلة التي لم تكتمل بعد رغم أن كل من يطلع عليها يقول أنها ثرية و تحوي على كل التفاصيل عن كل منطقة و مدينة.
25 مونوغرافيا في رصيدك… فيما تتمثل مشاريعك القادمة؟
آخر كتاب أصدرته في 2016 و أنا في صدد إتمام مؤلفين لكل من مدينة الحراش الذي يحوي على 130 صفة، و مؤلف بئر خادم و بئر مراد رايس، لكن حاليا أنا متوقف بسبب التكاليف، فقد سبق لي و أن طلبت المساعدة من دور النشر لتتبنى هذه المشاريع و تأخذ على عاتقها نشر و توزيع أعمالي لكن دون جدوى، و من مشاريعي أيضا سأقوم بمواصلة عملي في انجاز مونوغرافيات لكل المدن الجزائرية البالغ عددها 57 بلدية و المتواجدة في ضواحي الجزائر العاصمة، حد الآن أنجزت 25 مونوغرافيا.
حاورته: شفيقة أوكيل