تدخل الجزائر شيئا فشيئا أجواء الانتخابات الرئاسية لـ18 أفريل، رغم الضبابية الكثيفة التي تلف المشهد العام بسبب عدم قياس بوصلة المراقبين اتجاه رياح هذه الرئاسيات.. ومع أن الوضع الذي يصفه البعض من رجالات النظام السابقين بأنه “متأزم” إلا أن هذه الانتخابات استطاعات جذب شخصيات مهمة للنقاش حولها كمولود حمروش واللواء المتقاعد علي غديري الذي أعلن نيته الترشح من دون شروط مسبقة.
تطرح عدة تساؤلات قبل ثلاثة أشهر عن موعد الاقتراع الرئاسي حول جدوى هذه الانتخابات في ظل عدم توفر مؤشرات واضحة قد تؤدي إلى التغيير المنشود، ويحاول الكثير من المراقبين نزع القداسة عن هذه الرئاسيات بالنظر إلى موقف مسبق من العملية الانتخابية ككل، وكذلك إلى فكرة أولية من منطلق معارضة أي مشروع ترعاه السلطة ولكن من ناحية أخرى يعتقد آخرون أنه باستطاعتهم مزاحمة ومنافسة مرشح الإجماع، فأن تحاول وتنهزم خير من أن لا تحاول، وهي محاولة هجومية لكسر قواعد اللعبة المعروفة في السياسة الجزائرية في ظل وضع يحتم على الجميع العمل وفق تصور سياسي توافقي يضع عربات البلاد على السكة ليس فقط على مستوى تسيير وتنفيذ القرار ولكن أيضا على مستوى الخطاب السياسي خاصة أن الجزائريين في حاجة إلى تغيير في لغة الخطاب ومصطلحات التداول والذهاب نحو أعمق نقطة من طرح الحلول.
لحد اللحظة، خاضت حوالي أربعة شخصيات سياسية من بينها عسكري متقاعد في ملف الرئاسيات وما يطبع الساحة السياسية اليوم من نقاش له علاقة أساسا بمستقبل الجزائر للعهدة القادمة، أولهم رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش الذي يظل وفيا لمعتقداته السياسية حول كيفية بناء الدولة وفي هذا السياق أكدت مساهمته الأخيرة أن الرجل لا يريد المغامرة في النضال السياسي وسيبقى بعيدا في “مقصورته” للتنظير وتحليل المشهد السياسي وتطوراته عن بعد.. وككل مرة تنقسم الآراء حول حمروش، بين مؤيديه الذين يرون أن الرجل بإمكانه لعب دور مهم في أي مرحلة انتقالية تحتاجه فيها الدولة بالنظر إلى عوامل ذاتيه كذلك متعلقة بشخصيته وثقافته ومنتقديه الذين يرون في الرجل ذلك الذي يختار المناسبات الكبيرة للظهور وتقديم تصورات أكاديمية تموت بمجرد إخراجها من الورق، كما خرج عبد الرزاق مقري رئيس “حركة مجتمع السلم” إلى العلن بعد فشله في تسويق مبادرة “التوافق الوطني” مع القوى السياسية وسقوط مقترح تأجيل الرئاسيات الذي أسقطته دعوة رئيس الجمهورية للهيئة الناخبة، ليحث أنصاره ومناضلي حزبه في بيان رسمي إلى “التأهب والاستعداد لجمع التوقيعات ولخوض غمار الانتخابات الرئاسية بمرشحها بجدارة واستحقاق، في حالة ما قرر مجلس الشورى الوطني ذلك”.
وفي قرار مفاجئ، أعلن الجنرال المتقاعد علي غديري في بيان له نيته دخول غمار الانتخابات الرئاسية من دون شروط مسبقة مثلما يضعها عادة “أبناء النظام” الذين ينوون الترشح، وقال غديري البالغ من العمر 64 عاما وغير المعروف على الساحة السياسية “قررت أن أقبل التحدي والترشح في الانتخابات الرئاسية”، مضيفا: “هذا التحدي الكبير، ينطوي على طرح أسئلة دون أي محظورات على النظام القائم”، وكأول ردود فعل على ترشح هذا الإطار العسكري المتقاعد قرر المحامي المعروف والسيناتور السابق مقران آيت العربي بعد تبادل الحديث عدة مرات مع علي غديري حول الخطوط العريضة لمشروعه، أن يساند ترشحه للرئاسيات كما سيشارك فعليا في حملته الانتخابية، واصفا ترشح غديري في بيانه بأنها “بادرة خير سياسية”.
وللإشارة فإنه ليست للمرة الأولى أن يعلن عسكري متقاعد خارج دعم السلطة نيته خوض غمار الانتخابات الرئاسية ليفشل في الأخير، وهو الأمر الذي حصل مع الجنرال رشيد بن يلس عام 2004 الذي أعلن ترشحه للانتخابات وفي الأخير لم يستطع جمع التوقيعات القانونية اللازمة، وفي عام 2014 وضع القائد السابق للقوات البحرية الجنرال محمد الطاهر يعلى رجلا في الرئاسيات قبل أن يسحب أخرى بمجرد ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة.
وللمرة الثالثة بعد 2004 و2014 يتجه رئيس الحكومة السابق علي بن فليس نحو إعادة الكرة والترشح للانتخابات، ورغم أن بيان حزبه “طلائع الحريات” فصل بشكل دقيق في الموضوع مؤكدا استعداد بن فليس للترشح إلا أنه ترك القرار النهائي بخصوص المشاركة في يد اللجنة المركزية للحزب وستفصل فيها لاحقا، كما تحركت قواعد حزب “جبهة المستقبل” لجمع التوقيعات لصالح مرشح الحزب ورئيسه عبد العزيز بلعيد الذي سبق له الترشح لأول مرة عام 2014.
وكخطوة ثانية بعد استدعاء الهيئة الناخبة، تشرئب أعناق هؤلاء المعلنين لترشحهم للسباق نحو قصر المرادية إلى ما سيقرره الرئيس بوتفليقة خلال الأسابيع القليلة القادمة، إن كان سيترشح لعهدة جديدة مستجيبا لدعوات أحزاب التحالف الرئاسي التي تلح على ترشيحه أم أنه سينسحب في نهاية المطاف، ويبدو أن محور الانتخابات يتركز حول مسألة ترشح الرئيس الحالي من عدمه، وقضية نزاهة وشفافية الاقتراع مثلما يقر بذلك رئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور وهو الذي أعلنها في 2014 وما زال متمسكا بها من أنه لا فائدة من المشاركة في لعبة انتخابية “مغلقة” وفق تقديره.
إسلام كعبش
دعوات لانتخابات رئاسية مفتوحة:
الوسومmain_post