تضمن الدستور الجزائري اعتماد الأمازيغية لغة رسمية شأنها شأن العربية، وإصدار قانون ينظم كيفية العمل بهذه اللغة، وينصّ كذلك على إحداث مجمع جزائري لهذه اللغة يوضع لدى رئيس الجمهورية، وعلى عمل الدولة على ترقيتها وتطويرها بكل تنوعاتها اللسانية، كما أشار إلى أن الأمازيغية تعدّ مكوّنا أساسيا للهوية الجزائرية، شأنها في ذلك شأن العروبة والإسلام.
وفي هذا الصدد تسارع الحكومة الخطى لتعميم تدرسيها عبر كامل التراب الوطني، حيث سجل اكاديميون في حديثهم مع ” الجزائر ” احراز تقدم هام في مجال اصدار الكتب باللغة الأمازيغية، مؤكدين ان الفرق في المستويات اللغوية بين القبائلية والمزابية، والشاوية والتارقية، ساهم في إيجاد مكونات اللغة نفسها وهي الامازيغية الموحدة، كما اوضحوا ان الامازيغية الموحدة لن تقضي على اللهجات بل ستكون قاسما مشتركا لها.
سي الهاشمي عصاد:
الفرق في المستويات اللغوية بالجزائر ساهم في إيجاد مكونات الأمازيغية الموحدة
صريح الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، سي الهاشمي عصاد، أن اللغة الأمازيغية هي الصرح المشترك لجميع الجزائريين وعامل أساسي للتماسك الاجتماعي.
وعبر المتحدث عن رفضه لكل المناورات المغرضة التي تزرع البلبلة بغرض زعزعة مسار استكمال الإطار القانوني لتطبيق أحكام الدستور الذي يعزز اللغة الأمازيغية، بالشروط المناسبة لترقيتها ثقافيا ويوفر لها المقاربات والوسائل العلمية والأكاديمية المطلوبة لغويا.
واعتبر المتحدث ان النجاحات السياسية والدستورية المسجلة لصالح اللغة الأمازيغية، بعد إقرارها كلغة وطنية في التعديل الدستوري عام 2005، ثم الاعتراف بالأمازيغية كلغة وطنية ورسمية في دستور فيفري 2016 مكاسب هامة انتظرت أجيال عقودا من النضال لتحقيقها، معترفا في الوقت ذاته بوجود حيل وعراقيل للحيلولة دون الشروع في تعميم اللغة الأمازيغية في المجتمع، رغم أنه يتم تعليمها حاليا على مستوى 37 ولاية من مجموع 48 ولاية، ويدرسها 600 ألف تلميذ وطالب.
وفي سؤالنا حول إشكال توحيد اللغة الأمازيغية في الجزائر واي امازيغية ستدرس، قال سي الهاشمي عصاد ان الحكومة احرزت تقدما هاما في مجال اصدار الكتب باللغة الأمازيغية بالتعاون مع وزارة الثقافة والمجمع الجزائري للغة الأمازيغية الموضوع لدى رئيس الجمهورية والذي سيتولى عدة جوانب متعلقة بهذه اللغة الوطنية مع اشراك أكبر للأدباء ورجال الثقافة الأمازيغية.
واضاف ان مكونات اللسان الأمازيغي في صورته الأولى غير ما هي عليه اليوم، حيث نجد فرقا في المستويات اللغوية بين القبائلية والمزابية، والشاوية والتارقية، وهو ما ساهم في إيجاد مكونات اللغة نفسها.
كما اكد المتحدث ان إنشاء قاموس موحد للغة الأمازيغية محاولة شريفة تستحق الاهتمام والثناء، مشددا على ضرورة تحديد المدخلات اللغوية الأصلية في صورتها الأولى تفاديا للتنازع بين لهجة وأخرى.
ابراهيم تازغارت:
الأمازيغية الموحدة لن تقضي على اللهجات بل ستكون قاسما مشتركا لها
من جانب اخر قال الناشط الامازيغي ابراهيم تازغارت ان تعميم تدريس اللغة الامازيغية سيفتح آفاقا للعاطلين عن العمل ويمنحهم فرصة الاندماج في سوق الشغل وحتى الوزرات الكبرى.
واكد ذات المتحدث ان تعليم اللغة الأمازيغية والسعي إلى ذلك بأيسر الطرق والأساليب يعتبر إصرارا على هوية الجزائريين وتشبثا بالأصل، كما اكد ان تعميم تعليمها يعد حجر اساس ترقيتها.
وطالب تازغارت من وزارة التربية الاسراع في تجنيد كل الموارد البشرية من أجل تعميم تعليم اللغة الأمازيغية.
وفي سؤالنا المتعلق بإشكال توحيد اللغة الأمازيغية في الجزائر، قال الناشط الامازيغي ان اعتقاد تعدد اللهجات إشكال خاطئ من أساسه، وأوضح أن الأمازيغية من اللغات الطبيعية التي يتكلمها الناس وبالتالي يجب أن تنمو طبيعيا، وبتقوية اللهجات الموجودة ستنتج لغة موحّدة.
واضاف ” عكس ما يظن البعض، لن تقضي اللغة الامازيغية الموحدة على اللهجات وإنما ستكون قاسما مشتركا لها، ومثل جميع اللغات تتشكل من المنظومتين النحوية والفونولوجية، ومن ناحية النحو نجد أن اللهجات الأمازيغية تتشابه تماماً من حيث التركيب مع اختلاف طفيف في أدوات النفي”.
كما طالب المتحدث بإقحام مادة الأمازيغية، في امتحانات الشهادات النهائية للتعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي.
الهادي ولد علي:
الحكومة لن تتراجع عن مسألة ترقية اللغة الأمازيغية
وفي السياق ذاته اعتبر وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي، أن وزارة التربية والتعليم توظف سنويا معلمين لتدريس الأمازيغية باتجاه تعميم تدريس هذه اللغة في كل الجزائر، بالاضافة الى تنظيم مهرجانات لترقية الثقافة الأمازيغية كالشعر والمسرح والسينما والتكوين الجامعي، وإنشاء المؤسسات اللازمة لتعزيز الأمازيغية.
وطالب الوزير بسحب هذه القضية من النقاش السياسي، مؤكدا ان الدولة الجزائرية التي عمدت إلى دسترة وإقرار اللغة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية، لن تتراجع عن مسألة ترقيتها.
ونفى أن تكون الدولة بصدد التراجع عن تدريس اللغة والهوية الأمازيغية، واصفاً الشائعات التي تتحدث عن عدم رغبة الحكومة في إعطاء هذه اللغة التي يتحدث بها أعضاء الحكومة ورئيس الحكومة نفسه مكانتها اللازمة في جميع أنحاء البلاد، بـ”الكاذبة”.
للاشارة، فقد عادت مسالة المطالبة بتعميم تدريس اللغة الامازيغية وترقيتها تحت قبة البرلمان، إذ سربت النائب عن حزب العمال، نادية شويتم، خبر إسقاط مادة اقترحت إدخالها على قانون المالية تنص على اقتطاع جزء من موازنة التربية، تخصص لدعم تدريس اللغة الأمازيغية.
ويستشف من نص المادة أن الأمازيغية تحتاج إلى جهد ووقت، كي تجد مكانتها كلغة رسمية كاملة المعالم في الدولة الجزائرية، ويتعلق الأمر بعمل بحثي أكاديمي، واستحداث هيئات وقوانين.
نسرين محفوف