تثير حملة التحقيقات التي باشرها القضاء بعد حراك 22 فيفري الماضي تساؤلات كثيرة حول الطريقة التي ستتعامل بها الحكومة مع الأشخاص الذين تثبت في حقهم اختلاس الأموال وتهريبها، فبين إثبات الجرم واسترجاع الأموال فترة زمنية طويلة وإجراءات قانونية معقدة قد تنغص على الحكومة استرجاع كامل الأموال المنهوبة.
إذا كانت بعض القراءات المطمئنة تصب في أن الهدف الأساسي من المتابعات القضائية التي باشرتها العدالة ما هي إلا محاولة لتحصيل الأموال المنهوبة وإعادتها للخزينة العمومية، بغض النظر عن هوية الأشخاص وبعيدا عن لغة تصفية الحسابات التي طالبت بها بعض الجهات، خاصة في هذا الظرف الحساس الذي تمر به الجزائر على الصعيدين السياسي والاقتصادي، أين تآكل احتياطي الصرف لأقل من 79 مليار دولار. في خضم ذلك يتوجس بعض المراقبين من الخطوات التي ستنتهجها الحكومة الحالية لاسترجاع الأموال المنهوبة، حيث اعتبر كثيرون قضية استرجاع رؤوس الأموال ستشوبها تعقيدات قانونية، وذلك نظرا لعدم تكيف المنظومة القانونية للوقاية من الفساد مع الإطار الدولي خلال الفترة السابقة، وكذا تحفظ الحكومة الجزائرية خلال فترة حكم بوتفليقة، على المادة 66 مكرر من الاتفاقية الدولية الخاصة بالوقاية من الفساد والتي تمكن من إحالة المتورطين في قضايا تهريب الأموال على التقاضي الدولي.
في هذا الصدد يعتقد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول أن استرجاع رؤوس الأموال المنهوبة بالعملة الصعبة سيكون صعبا في ظل الاتفاقيات الدولية الحالية، لافتا في اتصال هاتفي مع “الجزائر” إلى أن التجارب السابقة مع دول الجوار كليبيا بعد سقوط القذافي قد أثبتت أن استرجاع الأموال من الخارج غير ممكن، خاصة إذا كانت تلك الأموال ضخت في حسابات أخرى لا تحمل اسم المتهم، أو تم بها شراء أسهم في شركات، حيث شدد ذات المتحدث أن مدة استرجاعها ستطول، على عكس الأموال بالعملة الوطنية التي قال -مبتول- ان الحكومة يمكن استرجاعها بسهولة.
كمال رزيق: المشكل في تحديد كمية الأموال المهربة
أما الخبير الاقتصادي كمال رزيق فيؤكد على أن الحكومة ستنتهج طريقتين لاسترجاع الأموال، أولها استرجاع المال العيني وهو إجراء يخص أصحاب الشركات الكبرى التي ثبت فسادها وهنا تقوم الحكومة بتاميمها على شاكلة شركة “تونيك”، أما الطريقة الثانية هي استرجاع الأموال المهربة للخارج وهنا يشدد رزيق على أن الحكومة مطالبة بتفعيل الاتفاقيات مع الدول التي هربت لها الأموال ومحاولة الضغط عليها لاسترجاعها، لافتا إلى انه في الحالة الثانية ستواجه الحكومة مشكلة في استرجاع الأموال، خاصة إذا كان حجم هذه الأموال مجهولا، ما يتطلب من الحكومة استعمال ضغوطات لاسترجاعها.
عمر حمادي