قال الوزير الأول أحمد أويحيى إن وضع البلاد الاقتصادي ليس كارثيا كما راحت بعض الجهات لتهول من الأمور وتخيف الجزائريين بفضل السياسات التي تبنتها الحكومة لمجابهة الوضع بعد انخفاض أسعار البترول مرفقا نفيه للوضع الكارثي للبلاد تأكيده على أن الدخول الاجتماعي المقبل سيكون صعبا على الحكومة .
وحملت خرجة أويحيى في ختام لقاء الحكومة والولاة بقصر الأمم عديد التوصيات للولاة بضرورة مسايرة وضع البلاد والعمل على ترشيد النفقات مذكرا لهم بالوضع الاقتصادي للبلاد وجملة الإجراءات التي اتخذتها لمواجهتها وذكر :”بخصوص الوضع الاقتصادي أذكركم بأن سعر برميل النفط شهد تدهورا رهيبا بلغت نسبته 70 بالمائة في 2014 حيث تراجع من 100 دولار إلى تقريبا 30 دولارا وقد تمكنت ميزانية الدولة من الصمود إلى غاية 2016 بفضل ادّخار عمومي قارب 6 آلاف مليار دينار زوّد بها صندوق ضبط الإيرادات الذي أنشأه رئيس الجمهورية غير أن هذا الصندوق نفد تماما في مطلع سنة 2017.” وأضاف :”وانطلاقا من سنة 2017 بدأت الخزينة تستدين بشكل مستمر من بنك الجزائر لتمويل عجز الميزانية الذي قارب 2000 مليار دينار في السنة وإلى غاية اليوم، اقترضت الخزينة حوالي 4000 مليار دينار من بنك الجزائر، مما جعل نسبة الديون العمومية تبلغ 36 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. ولا يعتبر هذا الوضع كارثيا كما يدّعيه البعض ولا هو أحدث انفجارا في نسبة التضخم كما أعلنه البعض الآخر، بدليل أن نسبة التضخم بلغت أقل من 5 بالمائة.” مؤكدا في السياق ذاته أن تمويل الخزينة من بنك الجزائر سيتوقف في 2022 طبقا للقانون وهو الأمر الذي يستلزم الشروع في إصلاحات من شأنها تحقيق التوازن في ميزانية الدولة.
وشدد على ضرورة ترشيد النفقات بفضل الإصلاحات الموجودة قيد التحضير والتي سيتم تطبيقها بوتيرة مقبولة بالنسبة للمجتمع، دون المساس بحركية التنمية وذكر :”الأمر يتعلق بالمال العام وما إن ظلت الدولة تواجه صعوبات مالية، فإن ذلك سينعكس مباشرة على المؤسسات، وقد لاحظنا ذلك في السنوات الأخيرة حيث تراكمت الديون التي تحوزها المؤسسات لتبلغ حوالي 1000 مليار دينار، تعذر الوفاء بها مما تسبب في إفلاس بعض هذه المؤسسات.”
تخوف من النمو الديمغرافي
ونقل أويحيى تخوفات الحكومة من النمو الديمغرافي سيما وأن هذا الارتفاع يجب أن يصاحبه تكيف مع الوضع :”إن عدد سكان الجزائر بات يتزايد حاليا بمليون نسمة في السنة وبطبيعة الحال يرافق هذا الارتفاع ارتفاع بالقدر نفسه في الطلبات الجديدة في كافة الميادين” وتابع :”وبخصوص تحدي النمو الديمغرافي ينبغي أن نبذل كل ما أوتينا من جهد لتوفير مناصب شغل أكثر لشبابنا في الميدان فمن الأكيد أن تطوير الاستثمار يسمح بخلق المزيد من مناصب الشغل لكن ذلك يبقى غير كاف وعليه ينبغي أن تحظى كل البرامج العمومية الموجهة لدعم خلق مناصب الشغل وتشجيعه بحركية أكبر في جميع القطاعات .”
وصاحب تحدي النمو الديمغرافي حديثه للولاة بضرورة الاهتمام بفئة الشباب وتشجيعهم لخلق مؤسسات صغيرة و توفير كافة التسهيلات لهم وقال :” فيما يتعلق الأمر بإنشاء مؤسسات صغيرة في كافة قطاعات النشاط وأطلب منكم في هذا السياق أن تفعلوا ما بوسعكم لترقيتها وأن تحرصوا على تقديم نصائح للشباب حول القطاعات المربحة وأن تعملوا أيضا على تهيئة محلات لهم بالمناطق الصناعية ومناطق النشاطات.” وأضاف :”كما أطلب منكم أن تولوا نفس الأهمية لتوجيه الشباب نحو خلق نشاطات في مجال الفلاحة الواسع، حيث يمكنكم تعريفهم بالفرص التي يزخر بها القطاع، وينبغي لكم أيضا أن تتزودوا بهياكل وفرق محلية لمرافقة الشباب الذين يختارون هذه المجالات.”
حافظوا على الأمن العام أيها الولاة
وحمل خطاب الوزير الأول للولاة تعليمات تتعلق بضرورة الحفاظ على الأمن العام و الوقاية مما أسماه بالحوادث والانحرافات في الميدان واحتواء أية محاولة لخلق الفوضى و البلبلة في الأحياء و الملاعب وفي الطريق العمومي و ذكر في هذا الصدد :”وبخصوص تحسين الأمن العمومي، تقدم الدولة دعمها لعدد لا يحصى من الجمعيات المحلية التي ينبغي إشراكها في الوقاية من الحوادث والانحرافات في الميدان.” و تابع :”كما تزوّدت الدولة بقوات هائلة في سلكي الشرطة والدرك الوطني استفادت من تكوين ذي نوعية لاحتواء أية محاولة لخلق الفوضى والبلبلة في الأحياء والملاعب وعلى الطريق العمومي وتعتمد الحكومة إذا عليكم، السيدات والسادة الولاة لاستعمال هذه الوسائل الوقائية استعمالا أمثل لحفظ الأمن العام.”
سنحد من الإشاعات والتأويلات بسد فجوة الخلل في الاتصال
وأقر الوزير الأول أحمد أويحيى بوجود خلل في الاتصال بين مختلف المؤسسات على مستوى الإدارة المحلية والذي انعكس سلبا على التسيير على المستويين المحلي والوطني وأفضى لوجود فجوة هذه الأخيرة التي أدرجها في خانة التحدي الذي ينبغي تجازها سيما وأنها أضحت مادة دسمة للإشاعات والتأويلات ووصلت – على حد تعبيره – لغاية المناورات التحريضية وأكد أن المواطن لا تصله المعلومة عن الإنجازات والأشياء الإيجابية بل أضحوا فريسة أمام الترويج والمساس باستقرار البلد في شبكات التواصل الاجتماعي وقال :” يبقى الاتصال فجوة هامة في طريقة التسيير سواء على المستوى الوطني أو المحلي ومافتئت هذه الفجوة تتسع مع تطور الشبكات الاجتماعية ويعد سد هذه الفجوة تحديا سنسهر على رفعه حيث يمكن بث المعلومة على المستوى المحلي من طرف الإدارة المعنية، من إبطال الإشاعات وأحيانا حتى المناورات التحريضية وعدم ترك المجال لتغذيتها.
ودعا أويحيى الولاة لاستخدام الإذاعات المحلية و مواقع التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات الخاصة بمصالحهم و ذكر :”أنتم مكّلفون إذا بضمان الاتصال، أنتم السيدات والسادة الولاة وأيضا معاونوكم بمن فيهم رؤساء الدوائر استعملوا الإذاعات المحلية وتزوّدوا بمواقع على الشبكة الإلكترونية لتقديم معلومات حول مصالحكم ونحن بطبيعة الحال مستعدون لتنظيم وتمويل أي برنامج تكوين أو تطوير للكفاءات ترونه ضروريا في هذا المجال وباسم الحكومة أيضا نضمن مسبقا التغطية اللازمة لكل مبادرة يتم إطلاقها في هذا الشأن، ذلك أن الممارسة هي التي تسمح بتطوير اتصال فعال.”
نحو تعزيز مكانة المنتخبين المحليين
وكشف أويحيى في الجلسة الختامية للقاء الولاة والحكومة عن تعزيز مكانة و دور المنتخبين المحليين بمراجعة الترسانة القانونية الخاصة بهم بوصفهم شركاء في تحقيق التنمية الإقتصادية وتجاوز الصعوبات المالية التي تواجهها البلاد وقال :” لم أتحدث في ملاحظاتي عن المنتخبين المحليين الذين يعتبرون شركاءكم في العمل اليومي والذين ستسمح المراجعة المقبلة للقوانين ذات الصلة بتعزيز مكانتهم ودورهم وآمل أيضا أن تمكننا هذه الرسالة التي تعكس تعليمات رئيس الجمهورية وتوجيهاته المنتظمة من تعبئة الطاقات اللازمة لتخطي هذه المرحلة الوطنية التي تطبعها صعوبات مالية، متفائلين في ذلك بالآفاق الواعدة التي تنتظر بلدنا على المدى المتوسط” و أردف في السياق ذاته :”ينبغي لنا إذا نحن الوزراء والولاة المجندون لخدمة الجزائر ومسيّرو إدارتها المركزية والمحلية أن نعمل على تحقيق هذا الهدف بالمزيد من العقلانية في جهودنا ومن التقارب في عملنا.”
زينب بن عزوز