خسرت الساحة الفنية إحدى أهم الشخصيات العظيمة في سماء المسرح والشاشة الجزائرية الصغيرة، الفنانة نـــورية، التي توفيت عن عمر ناهز 99 سنة، تاركة حزنا كبيرا في القطاع الفني، خاصة ممن عرفوا الراحلة واحتكوا بها، ومن تابعوا اعمالها وكبروا عليها، حيث أجمع العديد أنها أيقونة ومدرسة تمثيل وحياة أيضا لن يكررها الزمن، لانها كانت من النسوة اللواتي تحدين كل شيء ليؤسسن المسرح أولا و النضال في زمن الاستدمار والحياة فيما بعد.
وخصص المسرح الوطني “محي الدين بشطارزي”، وقفة لالقاء النظرة الاخيرة على جثمان الراحلة، حضره بعض الفنانين، قبل أن توارى الثرى في مقبرة قاريدي بالقبة.
ونورية قزدرلي -واسمها الحقيقي خديجة بن عايدة- من مواليد مدينة تيارت عام 1921، هي ممثلة مسرحية، عملت في أكثر من 200 مسرحية و 160 فيلمًا تلفزيونيًا و 4 أفلام روائية.
دخلت نورية الفن بالصدفة عندما طالب منها زوجها ورفاقه إعارتهم مبلغ من المال كانت تخبئه من مهنتها كخياطة فوافقت بشرط أن ترافقهم في الجولة للفرجة فقط. لكنهم في طريقهم بين سطيف وقسنطينة اكتشف الفريق غياب الممثلة التي كانت ستقوم بأحد الأدوار فعوضتها نورية التي لعبت أول أدوارها دور المتسولة، أمام عبد الرحمان عزيز في عام 1945، وهنا بدأت حكايتها مع الفن.
لعبت نورية أولى أدوارها رفقة عبد الرحمان عزيز عام 1945 رغم معارضة زوجها للفكرة. وكان أكثر شخص شجعها هو مصطفى بديع الذي أسهم في عودتها إلى التمثيل بعدما توقفت لفترة بسبب اصرار زوجها عليها لتترك العمل، قبل أن يظهرا معا على خشبة أوبرا الجزائر المسرح الوطني حاليا.
كان محي الدين بشطارزي يبحث عن ممثلة تقوم بدور امرأة بدوية تتكلم باللهجة الوهرانية، فرشحها مصطفى بديع، فأدت الدور أمام الفنانتين كلثوم، لطيفة وحبيب رضا. كما مثّلت نورية إلى جانب وهيبة زكال، هجيرة بالي، فريدة صابونجي، شافية بوذراع، رويشد وحسن الحسني، هذا الأخير مثّلت معه في خمسينات القرن الماضي، وكانت له معها جولة في فرنسا، أما مصطفى بديع فقدّمت معه عدة تمثيليات إذاعية. قدّمت نورية خمسة أعمال للسينما.
إلى جانب تألقها فوق الخشبة التي أعطتها أزيد من 200 مسرحية، لنورية أيضا رصيد تلفزيوني وسينمائي وصل إلى 170 عمل تلفزيونيا و خمسة أعمال للسينما، حيث تعاملت مع أغلب المخرجين في الجزائر أمثال بن عمر بختي وموسى حداد والحاج رحيم. من بين أعمالها خذ ما أعطاك الله عام 1981، والليل يخاف من الشمس عام 1964.
في 2016، عادت الفنانة القديرة نورية قصدرلي، البالغة من العمر 96 عاما، إلى عالم التمثيل و الأضواء، بعد سنوات طويلة من الغياب، عبر مسلسل “سامحني” للمخرج سيد علي بن سالم. الفيلم يتحدث عن مشاكل الإرث في العائلة الجزائرية. وفي 19 ماي 2020، أقدمت وزيرة الثقافة ملیكة بن الدودة، على زيارتها في بيتها.
كرمت نورية سنة 2011 من طرف المسرح الوطني الجزائري بالتعاون مع مؤسسة التلفزيون الجزائري نظير عطائها في مجالي المسرح والدراما التلفزيونية على مدار 66 عاما، إذ تعدّ ثاني ممثلة تعتلي الخشبة في الجزائر بعد كلثوم التي رحلت هذه السنة، كما تم تكريمها في عام 201 في حفل افتتاح فعاليات الطبعة السادسة لمهرجان وهران للفيلم العربي بقصر المؤتمرات بوهران. وكرمت أيضا في مارس 2017، من طرف الجمعية الفنية الثقافية “الألفية الثالثة”، بالجزائر العاصمة، بمناسبة اليوم العالمي للمسرح الذي يصادف يوم 27 مارس من كل سنة، وفي 2017، تم أسدي لها وسام الاستحقاق الوطني الجزائري من مصف “عهيد”.
ص ك