الأحد , نوفمبر 17 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الحدث / في خضم البحث عن توافقات سياسية وعن مرشحين محتملين :
أي رهانات للرئيس القادم؟

في خضم البحث عن توافقات سياسية وعن مرشحين محتملين :
أي رهانات للرئيس القادم؟

يفصلنا عن أفريل 2019، الموعد الانتخابي الرئاسي في الجزائر، أقل من سنة وهي فترة قصيرة بالمقارنة مع حجم العملية الانتقالية في دولة مثل الجزائر حيث يعد منصب رئيس الجمهورية أهم منصب سياسي على الإطلاق بالنظر إلى السلطات الواسعة التي يتمتع بها القاضي الأول في البلاد وقائد القوات المسلحة وقائد الجهاز التنفيذي ومكانته في النظام الدستوري الجزائري فهو الذي يضع السياسات وينفذها ويرسم توجهات السياسة الخارجية ويشرف على تنفيذها وإدارتها فضلا عن أنه المخول الوحيد بالمبادرة بأي إصلاحات سياسية ودستورية وفق الدستور الجزائري.
لا شيء يوحي من تحركات الساحة أن الطبقة السياسية واعية بما فيه الكفاية بحجم الرهان الرئاسي إذ أن تحركها ظل لمدة محتشما وخجولا وبعيدا عن أهمية الموعد حتى يوحى للمراقب أن هذا الموعد الرئاسي، على أهميته، لا يختلف عن المواعيد الانتخابية الأخرى بل ظلت الجزائر السياسية في حالة ترقب لتقرير الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مصيره بعد أفريل القادم بالترشح لعهدة جديدة أم الانسحاب، في محاولة شائكة لفك لغز ظل يلاحقها ولم تعرف بعد إلى حله النهائي بعد سبيلا وهو ما غذى القلق لدى الأطراف السياسية من أحزاب وشخصيات ولا تختلف في هكذا شعور بالقلق أحزاب الموالاة عن أحزاب المعارضة.
وقد ساهمت حالة الحيرة والترقب هذه في ضياع النقاش حول أمهات المسائل والرهانات التي تنتظر الجزائر، ليس بالنسبة للسنوات إنما للأشهر المقبلة مع تسارع الأحداث وتطور إفرازاتها المحلية والدولية. وهي مسائل، بقدر ما تحتاج إلى نقاش داخلي معمق قبل فوات الأوان بقدر ما باستطاعتها الانفلات من بين أيدي الجزائريين في أية لحظة وحينها لا تتاح لهم خيارات عدة بشأنها. بعض هذه المسائل ساد الظن في السنوات الأخيرة أنه حسم فيها سياسيا ودستوريا وقانونيا مثل مسائل الهوية والوحدة الوطنية والمرجعيات الدينية والاستقرار الأمني والسلم والمصالحة الوطنية، يضاف إليها الخيارات الاقتصادية الكبرى، والثقافية والتربوية إلى جانب توجهات السياسة الخارجية التي تعد من السياسات الأكثر ثباتا نسبيا منذ الاستقلال.
ويبدو أن الرأي العام الوطني الذي يمكن رصده في التعابير المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الأقل وما يتداوله الشارع عموما أسبق إلى طرح النقاش حول هذه المسائل من الطبقة السياسية ذاتها التي فضلت الركون إلى حسابات الربح والخسارة عند دخولها المحتمل في المعترك السياسي القادم.
والتساؤل الأول الذي يطرح من الآن هو: هل ستكون الانتخابات الرئاسية فرصة لفتح نقاش حول المسائل الوطنية حتى ينطلق منه توافق حقيقي حول الرهانات الكبرى التي تنتظر البلاد؟ وهل الطبقة السياسية على درجة متساوية من الوعي بأن الفساد والأخطار المحدقة بالوحدة الوطنية وضعف المؤسسات ووهن الاقتصاد وازدياد البطالة وتفشي الجريمة والتهديدات الإرهابية المتواصلة رهانات أساسية لابد أن تطرح على الطاولة ويقع حولها نقاش صريح؟ وهل يدرك أطراف الطبقة السياسية أن تآكل احتياطات الصرف يوما بعد يوم وتناقص موارد تموين ميزانية الدولة وعدم قدرة الجزائر على تنويع صادراتها وتوظيف إمكاناتها الكامنة معضلة تتهدد استقرار البلد وإمكانية مواصلة شراء السلم الاجتماعي؟
أما التساؤل الثاني فيتعلق بالأولويات: هل من الأولوية أن نفتح هذا النقاش أم نبحث عن رئيس نختاره وهو “يدبر راسو” أم أن نشارك كلنا نحن الجزائريين في بلورة حزمة من الاقتراحات ثم بحث لها عن رجل جدير إلى بر التنفيذ؟ لا يبدو والحال كما هي، أمام استقالة المجتمع والطبقة السياسية عن النقاش السياسي والمشاركة الفعالة في القرار، أن الأمر سيتجسد في الآجال القريبة. لن نخوض في أسباب هذه الاستقالة فهذا موضوع يحتاج إلى تحليل عميق لا يتسع له هذا المجال، إلا أن وضع الستاتيكو الذي نعيشه الآن يجد مبرراته في الانغلاق الذي ساد الساحة السياسية والضعف الذي يميز المؤسسات.
فمتى يتحقق الحلم بأن نشهد بمناسبة الموعد الانتخابي المقبل نقاشا وطنيا واسعا وصريحا يستثني أحدا قد تتشكل مخرجاته في ندوة وطنية مفتوحة؟ ومتى ترتقي الأحزاب والفعاليات السياسية إلى بلورة حزمة من الرهانات التي سيتصدى لها الرئيس القادم؟
احسن خلاص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super