طرحت الإجراءات التي اقترحتها الحكومة في المشروع التمهيدي لقانون المالية 2020 والمتعلقة بفرض ضريبة على الثروة والسماح للمواطنين باستيراد السيارات المستعملة الأقل من ثلاث سنوات، وإمكانية اللجوء إلى الاستدانة الخارجية وإزالة العوائق الخاصة بتطبيق القاعدة 49/51، الكثير من التساؤلات حول مدى نجاعة بعض هذه الإجراءات، وحول الأثر “السلبي” الذي قد يتركه بعضها الآخر على الاقتصاد الوطني والخزينة العمومية المنهكين وأثر ذلك على سيادة الدولة في قراراتها.
اقترحت الحكومة في المشروع التمهيدي لقانون المالية 2020 العديد من الإجراءات منها ما اعتبر “ايجابي” كالسماح للمواطنين باستيراد السيارات المستعملة الأقل من ثلاث سنوات، ومنها إجراءات يرى البعض أنها “مشكوك في مدى نجاعتها ما يتطلب دراستها بتعمق” كفرض ضريبة على الثروة والممتلكات بناء على مؤشرات الثراء العقارية وغير العقارية وكذا رفع القيود المقررة في إطار قاعدة 51/49 بالمائة المطبقة على الاستثمارات الخارجية في الجزائر، والتي تمس القطاعات غير الإستراتيجية، في حين اعتبر آخرون أن بعض الإجراءات قد تشكل خطرا على الدولة كإمكانية اللجوء، بطريقة انتقائية، إلى التمويل الخارجي لدى المؤسسات المالية العالمية للتنمية، لتمويل المشاريع الاقتصادية الهيكلية وذات المردودية، بمبالغ وآجال تتوافق مع مردودية هذه المشاريع وقدرتها على التسديد.
فهذه الإجراءات التي جمعت بين الحسن والسيئ حسب الخبراء، أثارت العديد من التساؤلات حول كيفية تطبيقها، وإن بالفعل ستكون “ناجعة” وستعمل على تطوير الاقتصاد الوطني وإتاحة فرص للنهوض به ، فبخصوص اقتراح تدعيم فرض ضرائب ورسوم على الثروة والممتلكات، رغم ايجابيتها الكبيرة حسب آراء المتتبعين إلا أن تحديد كيفية تطبيقها من خلال تحديد من هي الفئة المقصودة هنا يثير التساؤلات، وفي هذا السياق يقول الخبير الاقتصادي ياسين ولد موسى في تصريح ل”الجزائر”، أمس، أنه في وضع كالجزائر التي لديها سوق موازية، فمن الصعب مراقبة وتحديد الفئة التي يجب فرض ضريبة الثروة عليها، حيث قال إنه ولتطبيق هذا الإجراء يجب استحداث إصلاحات كثيرة للتمكين من معرفة الثورة الحقيقة التي يمتلكها الأشخاص، ويجب أن يكون النظام الاقتصادي عصريا، وسوق منظمة ومؤسسات تخضع حقيقة للرقابة.
أما فيما يتعلق بإجراء السماح للمواطنين باستيراد سيارات مستعملة أقل من ثلاث سنوات بأموالهم الخاصة، فهو إجراء “مفرح”- يقول الخبير الاقتصادي- لفئة معينة من المواطنين الذين لا يستطيعون شراء سيارات جديدة خصوصا مع ارتفاع الأسعار بعد توقف مصانع تركيب السيارات بعد المتابعات القضائية التي طالبت أصحابها.
وفيما يتعلق بإمكانية العودة للاستدانة الخارجية، فقال ولد موسى أنه قد يكون مفيد إذا كان الهدف منه تطوير الاستثمار والإنتاج، أما إذا كان لتمويل الاستهلاك، و لتغطية نفقات اجتماعية فهذا لن يكون له جدوى بل على العكس، وأشار الخبير الاقتصادي إلى الفترة التي عاشتها الجزائر ومرحلة مشابهة حين لجأت للاستدانة الخارجية لتمويل الاستهلاك لشراء السلم الاجتماعي و النتائج التي ترتبت عن ذلك.
ومن بين مقترحات الحكومة في المشروع التمهيدي للقانون رفع القيود المقررة في إطار قاعدة 51/49 بالمائة المطبقة على الاستثمارات الخارجية في الجزائر ، والتي تمس القطاعات غير الإستراتيجية، والتي تريد الحكومة عبرها تعزيز جاذبية الاقتصاد الوطني و الاستثمارات الأجنبية بالجزائر، ورغم أن هذه القاعدة كانت في الحقيقة مطلبا لأغلب الشركات الأجنبية التي تريد الاستثمار في الجزائر، و التي كانوا يعتبرونها معيقا أمام هذه الاستثمارات، إلا أن الخبراء لا يرون أن العوائق تتمثل بالقاعدة 49/51 في واقع الأمر، إنما بعدة عوامل أخرى، و هنا يقول الخبير الاقتصادي ياسين ولد موسى، أن هناك عدة عوامل معيقة للاستثمار الأجنبي، كتلك التي توضع لعرقلة إنشاء الشركات، إضافة إلى البيروقراطية، انعدام مناخ أعمال مشجع بسبب غياب الشفافية، غياب الحرية التنافسية، ومنح امتيازات لفئة معينة فقط ، فكلها-يقول ولد موسى- معيقات أمام استقطاب الأجانب للاستثمار في الجزائر و لدى لا يجب جعل القاعدة 49/51 كمشكلة جوهرية .
رزيقة.خ