كثيرا ما سمعنا عن مشروع الإدارة الالكترونية الذي أطلقته الحكومة منذ سنوات خلت، مرت مدة طويلة دون أن يكون له تجسيد على أرض الواقع، وذلك لعدة صعوبات تواجه السلطة العمومية.. منها ما هو تشريعي ومنها ما هو بشري. فعلى الرغم من أن إنجاح مشروع الحكومة الالكترونية أضحى أمرا صحيا لابد منه للتقليّل من النفقات العمومية وادخار أموال معتبرة في ظل ما تعانيه الجزائر من صعوبات مالية إلا أن كثيرين لازالوا يلتمسون تماطلا كبيرا من الحكومة التي لازالت لم تفعّل هذا المشروع على مستوى العديد من القطاعات الوزارية، فظلت كل برامجها الالكترونية حبرا على ورق وظل المواطن يتخبط في البيروقراطية.
يعتبر البرنامج الالكتروني ” سمارت لإدارة المستشفيات” إحدى المشاريع الفتية التي تعول عليها الحكومة لترشيد النفقات في قطاع الصحة، لتجنّيبها نفقات مالية كبيرة، وهو نظام إلكتروني يجنّب العمال والمرضى التعامل بالأوراق، ويعتبر الأول من نوعه في الجزائر وافقت عليه الوزارة ويتألف من شبكة داخلية تكون مربوطة بكل صيدلية ومديرية وهيئة لها علاقة بالوزارة، حيث تتيح للمسؤولين في القطاع معرفة كل ما يجري في القطاع بتكاليف قليلة.
15 دقيقة فقط …واجتماع الوزير بمديري الصحة قد تم!
بفضل برنامج سمارت لإدارة المستشفيات فإن الوزير يمكنه الاجتماع بمديري الصحة عبر القطر الوطني في ظرف 15 دقيقة فقط، وذلك عبر هذا النظام من خلال الضغط على زر “تيلي كونفور” الذي ينبه المعنيين بالأمر عبر هواتفهم “أيفون” وخدمة “3 جي”، فيتم الاجتماع بسرعة البرق، فتتجنّب الوزارة بذلك تكاليف تنقلهم إلى العاصمة وتكاليف إيوائهم وإطعامهم، كما يوفّر هذا النظام للمرضى الذين يقطنون في مناطق نائية ويعالجون في ولايات بعيدة مشقة نقل ملفاتهم معهم، فكل مريض يدخل المستشفى يرفق آليا بملف إلكتروني يمكن الاطلاع عليه من أي مستشفى في الجزائر، كما يعمل البرنامج الذي اطلعت “الجزائر” عليه، بأحدث تكنولوجيا شركة ميكروسوفت، بيئة دوت نت 4.0، إضافة إلى قاعدة البيانات باستخدام ميكروسوفت سكول سرفر 2008، SQL SERVER 2008، بالإضافة إلى الواجهات والشاشات التصميمات باستخدام تكنولوجيا ديف إكسبريس – Devexpress V 10.0.6 ، ومن مميزاته أنه يعمل بقاعدة بيانات سكول سرفر 2008 مما يحافظ على البيانات ويسمح باتساعها قدر ما تحتاج، كما يشمل مركزية البيانات للحفاظ عليها دون أي عوامل مؤثرة، كما يمكن نسخ دوري لقاعدة البيانات للرجوع إلى نقطة الأمان في حالة حدوث خطأ أو مشاكل من المستخدمين، كما يحتوي نظاما شاملا للصلاحيات يمكّن المستخدم الرئيسي أو مدير النظام من تخصيص صلاحيات بعينها لكل مستخدم على حدة لضمان عدم تجاوزه صلاحيات استخدامه والحفاظ على سرّية بعض البيانات، فهو يتميّز بسهولة الاستخدام والتفاعل الذكي مع المستخدم، وفي نفس الوقت يشمل عدّة نظم متكاملة تغطي إدارة المستشفى بالكامل من خلال الاستقبال والمكاتب الأمامية من تسجيل دخول المرضى إلى إنهاء تعاملاتهم داخل المستشفى وتسجيل الخروج، التمريض وجميع العمليات التي تتم من خلالها الموارد البشرية وشؤون العاملين بالمستشفى، الصيدلية، الإدارة المالية والمحاسبية، من حسابات للمرضى وحسابات للموظفين وفواتير العلاج.
لم لا توفر الحكومة 100 مليار سنتيم؟
يؤكد الخبير في المعلوماتية يونس قّرار أن الحكومة أضحت تصرف الملايير من الدولارات على الأوراق والوثائق التي تودع بالإدارات، في وقت توجد سبل كثيرة لتجنب هذه المصاريف في عز التقشف، مفيدا أن معظم المستشفيات تحتاج إلى ملفات خاصة بالمرضى ليتابعوا فحوصاتهم، ومشروع مثل “برنامج إدارة المستشفيات” من شأنه أن يساعد المرضى. وكشف قرّار أن الإدارات ملزمة بمواكبة التطورات التكنولوجية الحالية، والاقتداء بالتجربة التي باشرتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الموسم الفارط عندما أطلقت التسجيلات الالكترونية بالجامعات ما مكن الحكومة من توفير ما قيمته 100 مليار سنتم، لافتا إلى أن الإدارة الالكترونية أضحت أكثر من ضرورة ملحة في المناطق النائية والمعزولة التي يلجأ عادة المواطنون القاطنون بها إلى المدن الكبيرة للتداوي.
وفي السياق أكّد الخبير الاقتصادي كمال رزيق، أنّ التوجه نحو استخدام التكنولوجيا الإلكترونية سيقلّل من النفقات العمومية بدليل أنه يتيح للحكومة ادخار أموال كثيرة جدا، بالإضافة إلى ربح الوقت في التعاملات، التقليل من الأوراق والوثائق المستعملة والتي تكلف أموال باهظة لميزانية الدولة، إضافة إلى التسهيلات التي تمنحها للحكومة فيما يخص الجبايات الضرائب والرسومات وحتى الغرامات المالية التي ستصبح قابلة للرقابة السهلة.
الإدارة الالكترونية بين التشريع والإضرار بالأشخاص
يصطدم تطبيق مشروع الإدارة الالكترونية في الجزائر بصعوبات تشريعية قد تعرقل مسار تفعيله على ارض الواقع، وذلك نظرا لعدم وجود نصوص قانونية تحمي الطبيب والمريض من سوء استخدام المعلومات الشخصية للمرضى لأغراض تجارية. ويرى الخبير الدولي في تكنولوجيات الاتصال يوسف شريم أن الجزائر بحاجة ماسة إلى دمقرطة القطاع الصحي خاصة على مستوى الإدارة، مفيدا أن الهاجس الأكبر الذي قد يحول دون نجاح مشروع الإدارة الالكترونية هي المشاكل التشريعية التي ستواجهها السلطات العمومية لحماية الأطباء والمرضى من المتاجرين بالمعلومات الشخصية للأفراد، فكلاهما معرض للخطر، مشددا على ضرورة اتخاذ قرارات ارتجالية يتم من خلالها التوجه بطريقة تدريجية نحو استخدام الوسائل التكنولوجية في الإدارة، مع وضع شبكة من طراز عالي للتحكم في كل الاختلالات التي يمكن أن يستغلها بعض الأشخاص، لان الإدارة الالكترونية في النهاية هي عبارة جمع اكبر قدر من المعلومات واستشرافها وتخزينها لمعرفة الإصابات التي يتعرض لها المرضى، وأضاف ذات المتحدث أن هذا المشروع الصحي سيمكن وزارة الصحة من معرفة الأمراض المنتشرة بكثرة في منطقة أو مدينة ما، إضافة إلى تجنب التبذير من خلال معرفة نوعية الأدوية التي يجب على الحكومة استيرادها وهو ما سيعود بالفائدة على الخزينة العمومية.
عمر حمادي