تعززت مكتبة الذاكرة الوطنية، بعدد من الإصدارات التاريخية التي تفضح جرائم الاستعمار الفرنسي الدموي، ومختلف مراحل النضال الوطني، وما تضمن ذلك، واليوم، نحتفي باليوم الوطني للشهيد، نستعرض
في السياق، تم إصدار مؤلف جديد بعنوان “الجرائم النووية الفرنسية في رقان… دراسة ميدانية توثيقية“، لكاتبه الباحث عبد الفتاح بلعروسي، أستاذ التاريخ بجامعة أدرار، حيث تطرق هذا الإصدار التاريخي إلى التفجيرات النووية الفرنسية برقان، في إطار الجهود العلمية لإثراء المكتبة التاريخية للذاكرة الوطنية وتسليط الضوء حول هذه الجريمة النووية البشعة التي اقترفتها فرنسا الاستعمارية بمنطقة رقان في 13 فيفري 1960، حيث يتضمن الكتاب عدة فصول تناولت التعريف بمنطقة رقان وإبراز المظاهر السائدة للعيش والحياة فيها قبيل التفجيرات النووية في مختلف المجالات، ومن بينها الفلاحة والصناعة والتجارة والحركية الاجتماعية بما يدحض أكاذيب وادعاءات الاستعمار الفرنسي بأن المنطقة كانت قاحلة وخالية من السكان، كما عرج الكاتب على الحركة الوطنية في المنطقة خلال الثورة التحريرية المجيدة، من خلال النضال السياسي والنشاط الثوري للجبهة الجنوبية في مجال الكفاح المسلح، الذي أفشل مخططات المستعمر لفصل صحراء الجزائر عن شمالها، وهو ما ولد حقدا في نفسية المستعمر، ترجمه القيام بتلك الجريمة النووية، مستغلا في ذلك الدعاية الإعلامية لتضليل الرأي العام العالمي حول خطورة تلك التفجيرات النووية التي تندرج في إطار إرهاب الدولة، ليستعرض في ختام هذا العمل الأكاديمي المآسي والويلات التي خلفتها الإشعاعات الناجمة عن تلك التفجيرات النووية وانعكاساتها الخطيرة الظاهرة للعيان، بإثباتات علمية على سلامة البيئة وصحة الإنسان والنبات والحيوان بالمنطقة، مع إبراز المسؤولية القانونية والأخلاقية التي تقع على عاتق الدولة الفرنسية، من خلال اعترافها وتحمل تبعات جرائمها ضد الإنسانية التي ارتكبتها في الجزائر التي تأبى ذاكرتها الوطنية نسيانها.
من جهة أخرى، تعيد الجامعية كريمة آيت دحمان في كتابها الجديد الموسوم “جرائم حرب فرنسا في الجزائر، 1830-1847″، إثبات الحقائق التاريخية التي طالما أخفتها وطمستها “فرنسا الاستعمارية في دعايتها” وأيضا فرنسا الحالية التي تهيمن عليها أطروحات اليمين المتطرف، وتوضح المؤلفة، كريمة آيت دحمان، في تقديمها لإصدارها والصادر باللغة الفرنسية عن منشورات المؤسسة الوطنية للاتصال النشر والإشهار “أناب“، أنه “على مر القرون، كان على الجزائريين الأصليين أن يتصدوا للعديد من الغزاة والمحتلين، وفي كل مرة يجدون أنفسهم مجبرين على القتال لتحرير أراضيهم“، وبالتالي فقد انطبعت مشاعر “الثورة” و“الفخر” إلى الأبد في “الوعي الجماعي لهذا الشعب المجيد“.
وأضافت ذات المتحدثة أنه منذ اللحظات الأولى للاحتلال الفرنسي للجزائر “عاد الشعور بالانتفاض مرة أخرى بين الجزائريين، مما أدى إلى ظهور مقاومات شعبية شرسة وعنيدة والتي تعاملت معها فرنسا الاستعمارية وعديمة الإنسانية بطريقة جبانة باستخدام القمع وأساليب تتعارض مع القانون الدولي والقيم العالمية للإنسانية وحقوق الإنسان.
وجمعت المؤلفة من خلال كتابها هذا الكثير من الأرشيف الذي يوثق للمجازر المتكررة وعرض الرؤوس المقطوعة ومصادرة الأراضي والتهجير القسري الجماعي للسكان واختطاف النساء والأطفال واستخدامهم كرهائن، وكذا ممارسة الغارات وارتكاب المحارق، والعديد غيرها من الحقائق المرعبة التي تم جمعها وتتضمنها كتابات الفاعلين أنفسهم، من جنرالات وضباط الجيش الاستعماري الفرنسي، على غرار بيجو ولاموريسيير وبيلسييه وكافينياك ومونتانياك وسانت أرنو وكلوزيل وغيرهم.
وقدمت أيضا كريمة آيت دحمان، في كتابها، إضاءات هامة وعميقة قائمة على شهادات حية ووقائع مؤكدة، حول مواضيع أخرى، من بينها الوضع العام في الجزائر قبل وأثناء الغزو العسكري الفرنسي، واستغلال الأبحاث الإثنوغرافية في الاستراتيجية العسكرية الاستعمارية من خلال تصنيف الشعوب حسب لغاتها أو مناطق إقامتها أو خصائصها الأنثروبولوجية والاجتماعية وغيرها، بالإضافة إلى موضوع الهمجية الاستعمارية في الجزائر، كما استحضرت المؤلفة، من جهة أخرى، شجاعة وبطولة الأمير عبد القادر، هذه “الشخصية الرمزية الفذة في مقاومة الاستعمار الفرنسي، فضلا عن كل هذه الحقائق التاريخية المخفية والمسكوت عنها من طرف فرنسا الأمس وفرنسا اليوم تكشف للقراء تاريخا كاملا عن “الإبادات الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها جيش الإحتلال الفرنسي بكل برودة دم ورغما عن الشرائع والقوانين“، ضد السكان المدنيين الجزائريين باسم فرنسا التي ادعت عبر كل الأزمنة بأنها تدافع عن حقوق الإنسان والإنسانية العالمية.
وتم أيضا، إصدار النسخة المترجمة لكتاب “الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، عهدة تاريخية” لعبد المجيد مرداسي إلى اللغة العربية للمؤلف التاريخي “الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، عهدة تاريخية 19 سبتمبر 1958 – 3 أوت 1962″ للأستاذ الجامعي والكاتب والمتخصص في علم الاجتماع والمؤرخ المرحوم عبد المجيد مرداسي.
وتستعيد النسخة العربية لكتاب الفقيد عبد المجيد مرداسي من إعداد المترجمة والأكاديمية، لمياء مسيلي الصادر عن منشورات “الحبر“، مرحلة مفصلية من تاريخ أول حكومة في الجزائر إبان حرب التحرير، أين تم تأسيس ونشأة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بتاريخ 19 سبتمبر 1958، حدثا بارزا سمح للثورة التحريرية بالانتقال إلى مرحلة جديدة لاستكمال استحداث مؤسسات الدولة وأكد التفاف الشعب حول الثورة وقادتها، وهي الحكومة التي انبثقت عن التوجيهات السياسية لمؤتمر الصومام المنعقد سنة 1956…
صبرينة ك