عاد الجزائريون هذه السنة لأداء صلاة التراويح عبر مختلف مساجد الوطن مع احترام البروتوكولات الصحية، بعد غياب عن أدائها العام الماضي بسبب الظروف الصحية بسبب جائحة كورونا على غرار بلدان العالم، وذلك وفق إجراءات وقائية صارمة حفاظا على سلامة المواطنين وحتى لا تتحول المساجد إلى بؤرة تفشي هذا الفيروس.
وتصدح مآذن مساجد الجمهورية بتراتيل صلوات التراويح، بعدما لم يستطع تأديتها الجزائريون السنة الفارطة جراء اجراءات الحجر الصحي لمجابهة كورونا.
وتفتح المساجد قبل آذان صلاة العشاء بـ15 دقيقة لتقام صلاة التروايح بعدها مباشرة بشرط عدم تجاوزها الحزب الواحد، مع إغلاق بيوت الله بـ15 دقيقة بعد إتمام صلاة التراويح، في حين تم فتح ساحات المساجد لاستيعاب أعداد المصلين لكلا الجنسين، مع منع أي أنشطة أخرى فيها كالاعتكاف وموائد الرحمن، كما تم الإبقاء على إغلاق بيوت الوضوء بسب ما تشكله من احتمال المساهمة في انتشار الوباء.
وشهدت المساجد التزاما صارما بتطبيق الإجراءات الوقائية، لاسيما استعمال الأقنعة الواقية، وتعقيم اليدين قبل الدخول إلى المسجد، مع تجنب المصافحة، ووضع الحذاء في كيس خاص، واستعمال السجادات والمصاحف الخاصة، علاوة على خروج المصلين من المسجد فور الانتهاء من الصلاة، مع تجنب التجمع والتزاحم عند الدخول والخروج، بالإضافة إلى الجهود التي قام بها القائمين على المساجد من خلال التنظيم والانضباط، وتعزيز إجراءات التطهير والنظافة والتهوية في المساجد، وهو ما ثمنه المصلون لهذا التنظيم والالتزام بالإجراءات الصحية الوقائية من انتشار فيروس كورونا الذي عرفته مساجد الجزائر.
أزيد من 18 مليون مصل يوميا خلال الاسبوع الاول من شهر رمضان الكريم
كشف المفتش العام بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، بزاز خميسي أن مساجد الوطن استقبلت أزيد من 18 مليون مصل يوميا، لأداء صلاة التراويح خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان الكريم .
وأوضح بزاز في حوار أجراه مع وكالة الأنباء الجزائرية أن “تعداد المصلين الذين ارتادوا بيوت الله على المستوى الوطني فاق 18 مليون شخص مع كل صلاة تراويح، منذ بداية الشهر الفضيل، حيث لوحظ خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان الكريم إقبالا منقطع النظير على بيوت الله من قبل المصلين”.
وقال ذات المسؤول أنه وبعد أن فتحت بيوت الله وهي التي أغلقت أبوابها أمام المصلين السنة الماضية استثناء، بسبب تفشي جائحة كورونا، “كان من المتوقع أن تشهد مساجد الجمهورية هذا الإقبال الكبير للمصلين بالنظر إلى المكانة التي تحظى بها هذه الصلاة في الحياة الاجتماعية للجزائريين، ليسجل يوميا ما يزيد عن 18 مليون شخص في صلاة التراويح خلال الأسبوع الأول من الشهر الفضيل، والذين يشرف على إمامتهم أزيد من 19.000 إمام إلى جانب القراء المتطوعين”.
وعن مدى احترام تدابير الوقاية من فيروس كورونا عبر المساجد، قال بزاز أن “القائمين على بيوت الله من أئمة و متطوعين و لجان مسجدية يعملون على تطبيق البرتوكول الصحي الخاص بالوقاية من الفيروس، واحترام تدابيره، وقد سجل في هذا الخصوص وعي كبير لدى المصلين الذين التزموا بكل تدابير الوقاية الرامية إلى مكافحة تفشي الفيروس”.و أكد نفس المسؤول أن ما تعلق بصلاة التراويح من حيث أدائها بحزب واحد، وأن لا يتجاوز وقتها 30 دقيقة، “لا يعني بالضرورة في حال تجاوز الإمام أو المقرئ الوقت المشار إليه، أنه مخالف للتعليمات، فالمقصد هو التخفيف، و تجاوز الوقت هنا يكون عادة مرتبطا بأسلوب التلاوة لكل مقرئ، و لا يمكن أن يحاسب عليه”.
وبخصوص عمليات التعقيم بهذه المرافق، قال المتحدث أنها “لم تتوقف يوما و إن لم تكن هناك حاليا عمليات تعقيم كبرى، إلا أن التنظيف الدوري و توزيع محاليل التعقيم وتوفيرها للمصلين يبقى جاريا”، مشيرا إلى أن “كل مساجد الجمهورية عرفت قبل أيام من حلول الشهر الكريم عمليات تنظيف واسعة”.
وعن تعداد المساجد المفتوحة بالجزائر لأداء الصلوات الخمس و صلاة الجمعة و التراويح، يقول المتحدث أنها “بلغت 17.582 مسجد، و ذلك بعد دخول ما لا يقل عن 188 مسجدا جديدا حيز الخدمة قبيل حلول شهر رمضان عبر عديد من ولايات الوطن”.
جلول حجيمي:
“المساجد تشهد إقبالا كبیرا للمصلین هذه السنة”
قال الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، جلول حجيمي في تصريح لـ الجزائر” إن “الشعب الجزائري مرتبط بصلاة التراويح، ففي كل السنة نشهد ارتفاعا في أعداد المصليين”، مشيرا إلى أن “صلاة التراويح بصفة خاصة تحوز على مكانة مميزة في قلوب الجزائريين، ومن الصعب التخلي عنها والمساجد قبل رمضان كانت حريصة على تطبيق البروتوكول الصحي بحذافيره، دون تسجيل أي من الاختلالات”.
وأبرز الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية أنه “لصلاة التراويح أثر نفسي كبير خاصة فيما يتعلق بتهذيب النفس والتربية الروحية والالتزام، ولنا في العام الماضي أمثلة كثيرة للضغط الكبير الذي عايشه الجزائريون.
وأوضح حجيمي أنه “كان من المتوقع عند فتح بیوت الله والتي أغلقت أبوابھا أمام المصلین السنة الماضیة استثناء بسبب تفشي جائحة أن تشھد المساجد ھذا الإقبال الكبیر للمصلین خاصة صلاة التراويح”.
وحول البروتوكول الصحي في المساجد، أكد حجيمي بأن “جل مساجد الجمهورية تحترم البروتوكول الصحي وتطبقه وفقا لأوامر وزارة الشؤون الدينية واللجنة العلمية”، مؤكد أن “القائمين على بيوت الله من أئمة ومتطوعين ولجان مسجدية يعملون على تطبيق البروتوكول الصحي من أجل أن يبقى المسجد نموذجا لالتزام بالإجراءات الوقائية”، مشيرا إلى أن “المساجد أحد القطاعات التي يشهد لها التزامها بالبروتوكول الصحي المعمول به، حيث يلتزم المصلين بشرط التباعد وارتداء الكمامة”.
منع الأطفال والإفطار في المساجد
عبر كبار السن والمرضى وحتى التجار والموظفون عن ارتياحهم لتخفيف صلاة التراويح هذا العام، التي لم تتعد 30 دقيقية، حسب تعليمات وزارة الشؤون الدينية، حيث يقرأ الإمام حزبا واحدا خلال ثماني ركعات بدل حزبين، على عكس ما كان قائما خلال الأعوام السابقة.
ولقي إجراء منع الإفطار في المسجد ارتياحا كبيرا وسط المصلين، على عكس الأعوام الماضية أين كانت توزع المأكولات والمشروبات بين المصلين.
وكانت اللجنة الوزارية للفتوى التابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف قد أعلنت في 31 مارس المنصرم، عن فتح المساجد المعنية بصلاة الجمعة والصلوات الخمس لأداء صلاة التراويح خلال شهر رمضان الفضيل، على ألا يتجاوز وقتها 30 دقيقة، مشددة على احترام كل البروتوكولات الصحية.
وسبق ذلك إعلان إعادة فتح المساجد على مستوى كامل التراب الوطني في 15 فيفري المنصرم، عملا بالتدابير الجديدة الخاصة بجهاز تسيير الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة فيروس كورونا (كوفيد- 19).
للتذكير فقد تم تعليق صلاة الجمعة وغلق المساجد بالجزائر كإجراءات ترمي إلى الوقاية من فيروس كورونا والحد من انتشاره، لكن مع الإبقاء على رفع الآذان، حيث أقرت اللجنة الوزارية للفتوى في مارس 2020 “صار من اللازم شرعا” اتخاذ الإجراءات سابقة الذكر “حرصا على أرواح المواطنين” و”مرافقة الإجراءات الحازمة التي اتخذتها أجهزة الدولة وقطاعاتها” في هذا الصدد.
ف. س