تتابع الأوساط الإعلامية والسياسية في برلين الزيارة الرسمية المرتقبة التي ستقوم بها المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل إلى الجزائر، منتصف هذا الشهر، ووفق مصادر إعلامية فان هذه الزيارة ستدوم يومين، في الوقت ذاته أكملت المستشارة الألمانية جولتها إلى دول إفريقية بدأتها من السنغال وأنهتها في غانا لبحث سبل تعزيز التواجد الاقتصادي الألماني في القارة. ذكرت وسائل إعلام ألمانية مقربة من الحكومة أن المستشارة إنجيلا ميركيل تستعد لزيارة الجزائر في وقت تبحث فيه أوروبا عن شركاء “موثوق فيهم” في الضفة الجنوبية للمتوسط لمواجهة معضلات الهجرة والإرهاب، وفي الوقت الذي تلعب فيه الجزائر دورا محوريا في المنطقة بإمكانها تقديم مساعدات في هذا الشأن إلى الحكومة الألمانية لكن بعض المصادر الإعلامية في برلين ترى أن الأوضاع في الجزائر تتسم بـ “الضبابية” بالنظر إلى المستجدات الحاصلة على الساحة الجزائرية قبل أشهر قليلة عن الانتخابات الرئاسية. وفي سياق ذلك تنقل بعض التحاليل الإعلامية الألمانية أن “الأمر يبدو وكأن لا أحد يملك المفاتيح الصحيحة لقراءة رهانات الوضع الحالي بالجزائر”. وبخصوص ملفات الزيارة، تذكر مصادر إعلامية في ألمانيا أن الجزائر رغم عدم إبداءها لأي حماس لكنه من الضروري التعاون معها بشأن مخيمات المهاجرين غير الشرعيين، خاصة أن زيارة ميركل إليها تأتي في نفس توقيت سعي مفوضية الهجرة بالاتحاد الأوروبي لاستكشاف خيارات بشأن “برنامج إنزال” يسمح بنقل المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في عرض المتوسط إلى مواقع في شمال إفريقيا، حيث سيتم النظر في طلباتهم الخاصة باللجوء، ويتعلق الأمر بـ”برنامج إنزال إقليمي” مع الأمم المتحدة ومكتب الهجرة الدولي. وحسب المصادر ذاتها، فإنه من الممكن جدا أن تطرح المستشارة ميركل هذه الفكرة من جديد خلال لقائها بالمسؤولين الجزائريين، إضافة إلى ملف ترحيل الجزائريين المرفوضة طلبات لجوئهم في ألمانيا، كما أن الأوضاع التي تعيشها الجارة ليبيا ستكون محور النقاش خلال اللقاء الذي سيجمعها بالرئيس بوتفليقة، بالنظر إلى أن الجزائر تهتم بصفة كبيرة باستقرار الأوضاع في جارتها الكبرى من الجهة الشرقية، حيث ينتقل من هناك نحو 90 في المائة من المهاجرين واللاجئين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط. كما أن أوضاع الاستثمارات الألمانية في الجزائر والعمل على ترقيتها سيكون في صلب اهتمامات ميركل والوفد المرافق لها إلى الجزائر، ومن الواضح أن الطاقمين الحكوميين سيدفعان للارتقاء بالشراكة الاقتصادية إلى مستوى استراتيجي، وحسب لغة الأرقام فإن الاستثمارات الألمانية المباشرة بالجزائر خلال السنوات الخمس الماضية، بلغت أكثر من 24 مليار دينار جزائري في شكل 12 مشروعا استثماريا تم إنجازه من بين 16 مشروعا مسجلا لدى الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار في قطاعات مختلفة، ويبقى هذا الرقم بعيدا عن طموحات البلدين حسب العديد من المراقبين بالنظر إلى القدرات الهامة المتوفرة والتي يمكن استغلالها، خاصة وأن الأمثلة حول نجاح مشاريع الاستثمار والشراكة بينهما متعددة لعل أهمها مشروع إنجاز مركبات “مرسيدس بنز” ومشروع “هنكل”، إضافة إلى إنجاز مصنع تركيب سيارات “فولكسفاغن”. وبشأن التعاون العسكري تتصدر الجزائر قائمة الدول الأكثر استيرادا للسلاح من ألمانيا، ففي سنة 2017 كما في السنة التي سبقتها حققت مجموع مشتريات وصلت لـ1.36 مليار يورو، واحتفظت الجزائر بالمرتبة الأولى في قائمة الدول الأكثر استيرادا للأسلحة الألمانية خارج الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، خلال السداسي الأول من العام 2017، بتكلفة مالية فاقت 1 مليار يورو. وكانت وكالة الأنباء الألمانية، قد نشرت تقريرا لوزارة الاقتصاد الألمانية، في جوان 2017، جاء فيه أن الجزائر احتلت المرتبة الأولى من استيراد الأسلحة الألمانية خارج الاتحاد الأوروبي، بإنفاقها لـ1.025 مليار أورو خلال الأشهر الـ6 الأولى من السنة الجارية. كما اقتنت الجزائر لـ”فرقاطة” من ألمانيا بقيمة واحد مليار أورو. ويذكر أن زيارة سابقة للمستشارة ميركل كانت مقررة في فيفري 2017 لكنها ألغيت في آخر لحظة بسبب وعكة صحية طارئة تعرض لها الرئيس بوتفليقة، حيث ذكر بيان رئاسة الجمهورية آنذاك أن “السلطات الجزائرية والألمانية قررتا باتفاق مشترك تأجيل الزيارة الرسمية التي كان من المقرر أن تقوم بها إلى الجزائر المستشارة الألمانية”، وأضاف البيان ذاته أن “هذا التأجيل راجع إلى التعذر المؤقت لفخامة السيد عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية، المتواجد بإقامته في الجزائر، بسبب التهاب حاد للشعب الهوائية”. وبمناسبة فوز حزب المستشارة الألمانية بالانتخابات التشريعية في بلادها جدد الرئيس بوتفليقة في برقية التهنئة، الدعوة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، من أجل زيارة الجزائر، وعبر رئيس الجمهورية عن حرصه على ترقية العلاقات الألمانية الجزائرية، مؤكدا تطلع الجزائر للحوار مع ألمانيا حول المواضيع المشتركة، ومشددا حرصه على العمل مع المستشارة الألمانية.
إسلام كعبش