لم يمر عام واحد على تولي الرئيس إيمانويل ماركون سدة الحكم في فرنسا، حتى تفجرت فضيحة سياسية “كبرى” يراها متابعون بأنها قد تعصف بشكل كبير على فترة حكم الرئيس “الشاب” كما أنها ستمس بصورته وطموحه السياسي.. إنها ما أصبحت تعرف بقضية “ألكسندر بينالا” مسؤول حرس الرئيس الفرنسي خلال حملته الانتخابية ومساعد مدير مكتبه في قصر الإيليزيه.
كانت كل الأمور جيدة في باريس، بعد تحصل المنتخب الفرنسي على كأس العالم بروسيا، عن جدارة واستحقاق، إلى غاية نشر صحيفة ” لوموند ” شريط فيديو كسرت به “نشوة” ماكرون، وقد ظهر فيه “ألكسندر بنالا” وهو مساعد مدير مكتبه يجر امرأة في الشارع ثم يضرب رجلا خلال الاحتفالات بالأول من ماي الماضي في باريس. وقد أعلنت النيابة العامة، الجمعة، توقيفه ووضعه رهن التحقيق للاشتباه في ممارسته “أعمال عنف” و”انتحال وظيفة”.
وتم طرح عدة تساؤلات في الشارع السياسي الفرنسي حول الصلاحيات غير المحدودة التي يتمتع بها ألكسندر بينالا، بالنظر إلى وجود فيديوهات كثيرة أبرزته كثير التنقل مع رجال الشرطة وحفظ النظام حامل لجهاز اتصال لاسلكي مخصص للقيادات الأمنية، أمر دفع البعض من السياسيين أبرزهم مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف إلى إعلان شكها في وجود “جهاز أمني موازي” غير تابع لوزارة الداخلية،، في وقت تتساءل فيه جهات فرنسية أن يكون بينالا قد وصل بحكم نفوذه إلى معلومات سرية تخص الأمن والدفاع الفرنسي.
وقد أثارت هذه القضية جدلا كبيرا في برنامج العمل السياسي بفرنسا كما أحدثت شللا في البرلمان، حيث تم تعليق المراجعة الدستورية حتى إشعار آخر بسبب الفوضى الناجمة عن الفضيحة، في وقت تعالت الأصوات للمطالبة بسحب مشروع التعديل الدستوري.
ولمحاولة الإحاطة القضائية بـ “الفضيحة”، أفادت قناة فرانس24 بأنه تم توقيف ألكسندر بينالا (26 عاما) وأيضا فنسان كراز الموظف لدى حزب الرئيس ماكرون “الجمهورية إلى الأمام” والذي كان برفقته يوم الحادثة، وأيضا ثلاثة من رجال الشرطة يشتبه بأنهم سلموا “بينالا” صورا من كاميرات فيديو للمراقبة.
ومن هنا شرعت مختلف وسائل الإعلام الفرنسية في تسليط الضوء على ” الفضيحة ” الجديدة التي قد تعصف باستقرار قصر “الإيليزيه” خاصة أنها مفصلية في ولاية إيمانويل ماكرون، أمر استوجب تحرك القضاء الفرنسي والجمعية الوطنية “البرلمان”. وأول ضحايا الاستجواب البرلماني وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب الذي حمّل خلال إدلائه بشهادته أمام البرلمان في قضية ألكسندر بينالا، الرئاسة مسؤولية اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن فيديو كشف ممارسة عنف غير قانوني من موظف لديها.
ماكرون مطالب برفع الغطاء عن “بينالا”
بعد فترة طويلة من الصمت التي انتقدتها عدة أطراف في المعارضة، نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون قوله إنه “مصمم على كشف الحقيقة” في القضية التي تضرب شرعيته بصورة مباشرة، وأعلن متحدث باسم الحكومة الفرنسية أن ماكرون “مصمم على كشف الحقيقة”، كما نقل مقربون منه، مساء الأحد، أنه يعتبر ما حصل “غير مقبول” وأنه تعهد ألا يكون هناك “إفلات من العقاب”.
ودعا ماكرون الذي سيدلي بتصريحات علنية “عندما يرى ذلك مناسبا” الأمين العام لـ “الإليزيه” إلى “إجراء عملية إعادة تنظيم للحؤول دون أن يتكرر مثل هذا الخلل في المستقبل”، وذلك إثر اجتماع أزمة تم عقده في القصر الرئاسي بمشاركة أطراف من الحكومة بينهم وزير الداخلية كولومب.
ويرى الأستاذ في العلاقات الدولية عبد الرحمن بن شريط أن قضية “بينالا” كما صارت تعرف في فرنسا، “فريدة من نوعها” في الجمهورية الخامسة، لكنه يستطرد ليؤكد على أن فرنسا “دولة مؤسسات وقانون وسوف تقوم بمعالجة هذه القضية”.
واعتبر الدكتور بن شريط أن المعارضة الفرنسية “ستستغل وتستثمر هذا الملف لضرب حكم الرئيس إيمانويل ماكرون، كما أن هذا الأخير يعرف جيدا هذه التفاصيل”، مقدرا أن ماكرون من المفروض عليه أن يتعامل مع هذه “الفضيحة” التي تمسه شخصيا بدبلوماسية فائقة للحفاظ على شرعية حكمه.
تقدم في التحقيق القضائي حول القضية
وحسب وسائل الإعلام الفرنسية ” فقد سجل الأحد، تقدم في التحقيق القضائي حول قضية بينالا بموازاة استمرار التحقيقين الإداري والنيابي”. فقد تم توجيه تهم لبينالا تتعلق بـ “ارتكاب أعمال عنف جماعية” و”التدخل في أداء وظيفة عامة” وأيضا وضع شارات دون حق” و”استخراج صور من نظام مراقبة عبر الفيديو”.
كما اتهمت السلطات فنسان كراز الموظف لدى حزب “الجمهورية إلى الأمام” الحاكم بـ “ارتكاب أعمال عنف جماعية” و”التدخل في أداء وظيفة عامة” وأيضا “حمل سلاح محظور من الفئة ب”، أما بالنسبة للشرطيين الذين تم وقفهم أيضا عن العمل، فقد وجهت إليهم تهم “استخراج صور من نظام مراقبة عبر الفيديو” و”انتهاك سرية العمل”.
وتبقى قضية “الكسندر بينالا” امتحان حقيقي لسلطة الرئيس ماكرون الذي يرفض لحد الساعة، الخروج بصورة مباشرة ومواجهة الفضيحة الأولى خلال ولايته الرئاسية التي تنتظر 4 سنوات قادمة لنهايتها. في وقت يستغل فيه اليمين المتطرف هذه الفضيحة للثأر من ماكرون ومن المهاجرين الذين يعتبر “الكسندر بينالا” واحد منهم وهو الرجل الذي يعود إلى أصول مغربية كما يتحدث البعض على أنه قام بإجراء للاندماج في السياسة الفرنسية عن طريق تغيير اسمه “العربي” إلى اسم فرنسي وهو “ألكسندر”.
إسلام كعبش
من هو “الكسندر بينالا” ؟؟
ألكسندر بينالا مساعد مدير مكتب الرئيس إيمانويل ماكرون، يبلغ من العمر 26 عاما، ولد في حي مادلين بمدينة إيفرو، الواقعة بمنطقة النورماندي، في شمال فرنسا. وكان طالب حقوق بباريس، قبل أن يتحول إلى عالم الأمن وحراسة الشخصيات.
كان ألكسندر بينالا، مساعد مدير مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أعلنت النيابة العامة في باريس الجمعة توقيفه ووضعه رهن الحجز الاحترازي للاشتباه في ممارسته “أعمال عنف” و”انتحال وظيفة”، طالبا في الحقوق قبل أن يدخل عالم “الأمن” في 2011 من بوابة الحزب الاشتراكي.
لم يكن يُعرف الكثير عن ألكسندر بينالا، مساعد مدير مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل أن تنشر صحيفة “لوموند” الأربعاء شريط فيديو يظهر فيه وهو يجر امرأة ثم يضرب رجلا خلال الاحتفالات بالأول من ماي الماضي في باريس. ومباشرة بعد انتشار صور الفضيحة أعلنت النيابة العامة توقيفه ووضعه رهن التحقيق للاشتباه في ممارسته “أعمال عنف” و”انتحال وظيفة”.
وحسب موقع مجلة “لونوفيل أوبس”، فإن بينالا بدأ يمارس مهنته بين عامي 2009 و2010 في الحزب الاشتراكي. ورصد الموقع شهادة المسؤول السابق عن الأمن في الحزب اليساري إريك بلوميه، والذي شدد على أن الشاب أبدى رغبة شديدة في ممارسة مهنة الحراسة الشخصية. وقال بلوميه : “كان يومها طالبا وسبق له العمل كحارس شخصي لعدد من الممثلين”. وأضاف: “كان شخصا رزينا ومتوازنا، وأظهر كفاءات وقدرات كبيرة، فتكلفت بتدريبه لمهنة الحراسة الشخصية”.
وأمام إصراره ومثابرته، حصل ألكسندر بينالا على أول منصب رسمي في عام 2011 خلال حملة الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي”، إذ أصبح مكلف أمن مارتين أوبري، والتي كانت آنذاك إحدى الشخصيات اليسارية لنيل ترشح حزبها للانتخابات الرئاسية 2012″.
وبعد انتخاب فرانسوا هولاند مرشحا رسميا للاشتراكيين، قرر إريك بلوميه على حد قوله تحويل بينالا للفريق الأمني المكلف بحراسة هولاند، وفي وقت لاحق، أصبح سائقا خاصا لوزير الاقتصاد السابق أرنو مونتبور.