ينتظر السلطات تحدي آخر خلال الأيام القادمة، يتعلق بقضية الشروع في تخفيف إجراءات الحجر الصحي المفروضة منذ أكثر من شهرين، على المواطنين والمؤسسات الاقتصادية والمحلات التجارية في إطار الوقاية من فيروس “كوفيد 19”.
خلّف قرار الرفع التدريجي للحجر الصحي ارتياحا في أوساط المواطنين مع تأكيدهم على أهمية عدم التراخي ومواصلة الالتزام بالإجراءات الوقائية للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) حفاظا على الصحة العمومية.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي انتشارا كبيرا لتغريدات وتعليقات بخصوص الرفع التدريجي للحجر الصحي والتي عبر فيها رواد تلك المواقع عن ارتياحهم لهذا الإجراء، ولكنهم أيضا أبدوا تخوفاتهم من خرق تدابير الوقاية والعودة إلى نقطة الصفر خاصة وأنه تقرر الرفع التدريجي بسبب النتائج الإيجابية التي سجلت في تراجع عدد الإصابات خلال الأسبوع الفارط.
وزير الصحة: “رفع الحجر الصحي الكلي مرهون بمدى تحكم المواطن بالإجراءات الوقائية”
من جانبه، أكد وزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد في عدة تصريحات، أن “الذهاب إلى رفع الحجر الكلي مرهون بمدى تحكم المواطن في نفسه باختفاء العدوى، واحتمالات اتخاذ قرار بإلزام المواطنين بارتداء الكمامات في الفضاءات العمومية”.
وقال الوزير: “نحن الآن في وضعية مستقرة نسبيا سمحت بالشروع في رفع تدريجي للحجر”، مشيرا أن مصالح دائرته “لم تستعمل سوى 17 بالمائة من الأسرّة المخصصة للإنعاش”.
وأوضح أن الحكومة “تتخذ إجراءات تسمح لبعض القطاعات بإعادة فتح أنشطتها وفقا لتوصيات اللجنة العلمية لمتابعة تطور وباء فيروس كورونا”، مذكرا في هذا الإطار برفع الحجر الجزئي والتدريجي الذي شُرع فيه الأطباء.
الخبراء يحذرون من العودة إلى نقطة الصفر
من جهتهم، أجمع الخبراء والأطباء أن رفع الحجر الصحي تدريجيا يعتبر “مؤشرا إيجابيا” في مسار مكافحة هذه الجائحة والتخلص منها تدريجيا، داعين في ذات الوقت المواطنين إلى ضرورة الامتثال للإجراءات الوقائية ومن بينها ارتداء الكمامات الواقية والتباعد الاجتماعي.
واعتبر ثلة من الأطباء في تصريحاتهم أن “الخروج من الأزمة الصحية المتورمة التي يعيشها الشعب الجزائري على غرار العديد من دول العالم الذي نخر جسمه فيروس كورونا، أساس التزام الإنسان بالاجراءات الصحية المفروضة عليه”، معتبرين أن الجزائر “تشهد استقرارا ما يلزمنا بضرورة أخذ الحيطة والحذر حتى بعد برفع التدريجي للحجر”، مؤكدين أنه “إذا ما لم يقم باحترام القواعد الوقائية فسنعود إلى نقطة البداية”، وأضاف أصحاب المآزر البيضاء أن “الإنسان هو العامل الأساسي لتعديل أطراف المعادلة الصحية”.
في السياق ذاته، أكد عضو اللجنة العلمية لمتابعة تفشي فيروس “كورونا”، بقاط بركاني في تصريح له أن “الجزائر بدأت تنتصر على فيروس كورونا، وهو الأمر الذي جعل الحكومة تفكر في رفع الحجر الصحي بصفة تدريجية، وفقا للأرقام المسجلة في كل ولاية بالنسبة للوفيات والحالات الخطيرة التي تدخل الإنعاش”، وقال بركاني إن “قرار رفع الحجر عن أي ولاية مرتبط بعدد الحالات المسجلة بشكل يومي طيلة الأيام المتبقية من الحجر الصحي”.
أما فيما يخص الرجوع للحياة الاقتصادية والاجتماعية، أكد عضو اللجنة المتابعة لتفشي وباء “كورونا” في الجزائر أن “مطالب التجار المطالبين برفع القيود عن نشاطاتهم مشروعة والتي ستمس حسب اللجنة المتاجر الضرورية على أساس أن التجمعات المهنية ستتخذ تعهد بأن تحترم جميع الإجراءات الوقائية كارتداء الكمامة واحترام المسافات”.
وأكد عضو اللجنة العلمية لمتابعة تفشي فيروس “كورونا”، أن اللجنة “متخوفة من تكرار سيناريو فتح المحلات التجارية كما حدث خلال شهر رمضان وما انجر عنه من تبعات”.
جمعية التجار والحرفيين تؤكد على التقيد بشروط الوقاية
من جهتها، أكدت الجمعية الوطنية للتجار والحرفيّين في بيان لها على “ضرورة تقيد أصحاب تلك النشاطات بشروط الوقاية العامة مثل لبس الأقنعة الواقية والتباعد الاجتماعي حماية لأرواحهم وأرواح زبائنهم، وتفاديا لتكرار تجربة رمضان، عند إعادة غلق النشاطات التجارية بسبب عدم الالتزام بالاجراءات الوقائية”.
كما التزمت الجمعية ذاتها، بنشر دليل لكل نشاط تجاري وحرفي يتضمن شروط الوقاية الخاصة بكل نشاط ، كما دعت جميع المواطنين والمواطنات إلى الالتزام بإجراءات الوقاية حفاظا على أنفسهم وذويهم وتجنبا لتعكير بوادر انفراج الأزمة.
كما رحب رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، مصطفى زبدي في تصريح له، بمخطط الوزارة الأولى للخروج التدريجي من الحجر الصحي، مؤكدا أنها “ضرورة لابد منها”، ومعتبرا أن “المنظمة لطالما دعت إلى فتح المحلات، بسبب تدهور معيشة فئة كبيرة من المواطنين”، كما أشاد بعزم السلطات على التطبيق الصارم لإجراءات الوقاية الصحية، في ظل إعادة الفتح، حسبما ورد في بيان الوزارة الأولى.
وقال المتحدث “أدعو التجار والحرفيين للحفاظ على مصدر رزقهم، وذلك بإلزامهم المواطنين بإتباع إجراءات الوقاية، حقيقة الزبون ملك، ولكن ليس في هذه الفترة الحساسة، التي تتطلب تضامنا ووعيا، من جميع المواطنين زبائن وتجار”.
فلة.س