اعترف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بجهود ودور الجزائر الإيجابي في منطقة الساحل، بالنظر إلى تجربتها الكبيرة في مكافحة الظاهرة الإرهابية إضافة إلى دفعها لأطراف النزاع في مالي للتوقيع على اتفاق السلام بالجزائر العاصمة سنة 2015.
كرم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بباماكو، الجزائر التي سخرت جهودا معتبرة من أجل لم شمل الأطراف المالية حول اتفاق السلم والمصالحة في مالي، ومازالت تسخرها بصورة حازمة في هذه المرحلة المتعلقة بتنفيذ الاتفاق.
وجاء هذا التكريم خلال كلمة افتتاحية ألقاها غوتيريس عند لقائه يوم الأربعاء، بباماكو، أعضاء لجنة متابعة تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة بمالي، المنبثق عن مسار الجزائر، كما أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بمجهودات الجزائر فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب، المجهودات، يقول المسئول الأممي، التي تساهم في القضاء على هذه الآفة خاصة في المنطقة الساحلية-الصحراوية.
وفيما يتعلق بالوضع العام في مالي، عبر أنطونيو غوتيريس عن سعادته من رؤية مختلف الأطراف المالية تجتمع في نفس القاعة وتتكلم بصوت واحد. كما عبر عن ارتياحه من مستوى الثقة الموجودة بين الأطراف المالية، والتي تمثل إحدى الانجازات الملموسة لاتفاق السلم والمصالحة.
كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى تقديم المزيد من الدعم للقوة المشتركة التي شكلتها مجموعة الدول الخمسة لمنطقة الساحل من أجل مكافحة الإرهابيين.
في ذات السياق، أكد وزير الشؤون الخارجية، عبد القادر مساهل أن الجزائر ستبقى وفية لالتزاماتها اتجاه إعادة بناء السلم والاستقرار والتنمية الاقتصادية لمالي، مضيفا أن ” مساندتها للشعب المالي الشقيق تشكل عنصرا أساسيا من سياستها الخارجية وهذا وفقا لالتزام وإرادة رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الذي يتابع بكل دقة وأهمية تطور الوضع في مالي وبكل منطقة الساحل “.
وفي كلمة إفتتاحية لأشغال اجتماع لجنة متابعة تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة بمالي بصفته رئيس اللجنة رفيعة المستوى وقائد الوساطة الدولية وذلك بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أبرز مساهل من باماكو الأهمية التي يجب أن يوليها الفرقاء الماليين لإرساء الثقة فيما بينهم مع تبنيهم مسار تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة بجميع بنوده.
تقرير: ” الجزائر ترى في القوة المشتركة ذراعا عسكرية لفرنسا في المنطقة ”
من جانب آخر، أشار تقرير بعنوان ” قوة الساحل.. تحديات الأمن وهواجس السياسة والتمويل “، إلى التحديات والعراقيل التي تقف حائلا ضد نجاعة القوة العسكرية لدول الساحل التي تقف وراءها فرنسا.
ويرى صاحب التقرير سيدي ولد عبد المالك وهو باحث سياسي موريتاني متخصص في الشؤون الإفريقية أن سلوك بعض الدول الأعضاء في مجموعة الساحل -مثل موريتانيا وتشاد- ” يتسم بالتوجس وعدم التحمس لنشر هذه القوات، فتشاد صرح رئيسها مع بداية إرهاصات الحديث عن القوة بأن بلاده لن تكون معنية بتشكيلها، محتجا على تخاذل القوى الغربية عن تقديم دعم مالي لبلاده مقابل ما بذلته من جهود في محاربة الإرهاب بالمنطقة “، مضيفا أن ” موريتانيا؛ فإن موقفها ظل غامضا منذ البداية بخصوص استعدادها للمشاركة العسكرية، ولما أعلنت مشاركتها ظلت تشرطها باستمرار الحصول على المساعدات المالية التي تؤمن لهذه القوة الاستمرار في الميدان لأمد بعيد “. وتابع يقول ” كما أنها تغيبت عن التدريبات الميدانية العسكرية الأولوية، وأبطأت في تعيين منسقين عسكريين في القيادة العليا المشتركة للعمليات العسكرية للقوة “.
ويرى التقرير أن الجزائر بدورها ” تنظر بعين الريبة إلى هذه القوة التي ترى فيها ذراعا عسكرية لفرنسا في المنطقة، ومن هذا المنطلق تحرص الجزائر على إرسال جميع الرسائل بطرق مشفرة لتأكيد رفضها لوجودها “.
وبخصوص الموقف الأمريكي من هذا المشروع، يؤكد التقرير أنه ” لا يزال الفيتو الأميركي يشل حركة هذه القوة بشكل كبير على مستوى مجلس الأمن الدولي، رغم اعتماده بالإجماع -قبل عدة أشهر- للقرار رقم (2391)، المتعلّق بدعم القوات المشتركة التابعة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل “. ويلفت ذات المصدر أن الولايات المتحدة الأميركية ” تبدي تحفظا كبيرا بشأن هذه القوة، ورفضت قبل أيام طلبا تقدم بيه الأمين الدائم لمجموعة الدول الخمس بالساحل لمجلس الأمن، حين طالب بتفويض هذه القوة الحصول على الوسائل اللوجستية الإضافية “.
وعلى المستوى المالي، يقول ذات التقرير أن حركة محفظة تمويلات القوة (البالغة حوالي 450 مليون يورو) ” تسير بوتيرة بطيئة؛ فالقوة حصلت لحد الساعة على 414 مليون يورو على شكل تعهدات ثم إن الجهات الرئيسية المهتمة بالساحل -كدول الاتحاد الأوروبي- تواجه متاعب اقتصادية ومالية، ستؤثر حتما على استمرار التزاماتها المالية في المستقبل تجاه هذه القوة “، لافتا في ذات السياق أن الدول الأعضاء في قوة الساحل فإنها ” لا تملك مقدرات مالية تمكنها من التمويل الذاتي لقوتها، كحال القوة المتعددة الجنسيات التي تم إنشاؤها عام 2015 لمحاربة تنظيم “بوكو حرام” في منطقة حوض تشاد، والتي تتولى نيجيريا تحمل أعباءها المالية “.
غير أن أكبر التحديات التي لا تُطمئن على مستقبل بقاء هذه القوة لفترة طويلة، يحصرها التقرير في ” النفور (إن لم نقل الكراهية) الذي يسكن نفوس القوميات التي ستنتشر على أرضها هذه القوة تجاه بعض الجيوش المشكّلة لهذه القوة، فجيوش النيجر ومالي وتشاد لها عداء تاريخي مع شعوب المنطقة “، مستدلا بلعب هذه الجيوش ” أدوارا كبيرة في قمع الثورات الشعبية الانفصالية التي قادتها قوميتا العرب والطوارق في المنطقة، الأمر الذي يجعل هذه الجيوش غير مرحب بها من طرف شعوب المنطقة المغلوبة على أمرها “.
كما يقدر التقرير أن نتائج الانتخابات الرئاسية المنتظر تنظيمها خلال جوان الجاري، في مالي ومنتصف 2019 بموريتانيا قد تلعب تغييرا في أجندات نظامي البلدين، من خلال اعتماد مقاربات السلم والتنمية كخيارات إستراتيجية لمعالجة الأزمة الأمنية بالساحل عوضا عن التركيز على الحل العسكري والأمني “.
إسلام كعبش
دعوات لدعم القوة المشتركة "جي5":
الوسومmain_post