قالت بعثة صندوق النقد الدولي، إن الاقتصاد الجزائري، “يشهد انتعاشا تدريجيا”، وتوقعت أن يتجاوز النمو الاقتصادي 3 بالمائة هذا العام، مدعوما بالزيادة في أسعار وإنتاج المحروقات”، غير أنها ترى أنه لا يزال هناك ضرورة ملحة للعمل على الاستقرار الاقتصادي الكلي وهامش المناورة.
وأوضحت البعثة خلال ندوة صحفية افتراضية بواشنطن عن طريق تقنية التحاضر المرئي، عقب اختتام المشاورات السنوية التي يقودها صندوق النقد الدولي مع الجزائر لسنة 2021، أول أمس، أن هناك تحسن وانتعاش النشاط الاقتصادي في الجزائر، وتحسن واضح في رصيد الحساب الخارجي في 2021، ومن المتوقع أن يتجاوز النمو الاقتصادي 3 بالمائة هذا العام، إلا أنه ورغم هذا “لا يزال هناك ضرورة ملحة للعمل على استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي وهامش المناورة، مع حماية الفئات الأكثر ضعفا ودعم الانتعاش”، تقول البعثة.
ومن وجهة نظر فريق الصندوق، فإن استمرار مستويات عجز المالية العامة المرتفعة على المدى المتوسط سيؤدي إلى “احتياجات تمويلية غير مسبوقة وسيستنفد احتياطيات الصرف ويسبب مخاطر على التضخم وعلى الاستقرار المالي وعلى ميزانية البنك المركزي”.
“الاقتصاد الجزائري أظهر قدرة كبيرة على الصمود سنة 2020″
من جهتها قالت رئيسة قسم الشرق الأوسط واسيا الوسطى لصندوق النقد الدولي، جنيفياف فارديي، إن الاقتصاد الجزائري أظهر “قدرة كبيرة على الصمود” في سنة 2020 رغم الأزمة الصحية وهذا لاسيما بفضل الإجراءات التي اتخذتها السلطات الجزائرية.
وأشارت فارديي خلال الندوة، إلى أن هذه القدرة على الصمود كانت مرتبطة بالاستجابة والإجراءات المتخذة من طرف السلطات الجزائرية رغم أن “أصحاب القرار السياسي و الاقتصادي لم يكن لديهم هامش مناورة واسع سنة 2020”.
وذكرت فارديي أن الاقتصاد الجزائري سبق وأن واجه سنة 2014 أزمة أسعار المحروقات، مثمنة القرارات التي اتخذها بنك الجزائر لدعم المؤسسات و تأمين السيولة المالية التي تأثرت بسبب الأزمة الصحية، وأضافت في هذا السياق “لقد تعامل بنك الجزائر جيدا مع الجائحة من خلال الإجراءات التي اتخذها بغية تحسين السيولة المالية على مستوى البنوك إذ أن معدلات البنوك مطابقة للمعايير الدولية كما أن احتياطيات البنوك قد عادت إلى مستواها قبل الجائحة.
وأوصت المسؤولة، السلطات بتنويع مصادر التمويل و إعادة توجيهها نحو القطاع الخاص بغية تمويل الاستثمار و دعم النمو، وقالت في هذا الصدد “لقد أوصينا الحكومة بتنويع مصادر تمويل الاقتصاد لتفادي الاحتياجات المالية الكبرى للدولة علما أن السوق البنكي لا يمكنه تحمل هذه الاحتياجات على المستوى البعيد”.
كما أكدت أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات في مواجهة الجائحة سمحت بالمحافظة على مناصب العمل و حماية الاقتصاد و الاستقرار المالي للمؤسسات، مضيفة “نحن نرى بان نسبة النمو سترتفع سنة 2021 و نحن نثمن هذا النمو”، ونوهت فيرديي بالجهود التي بذلتها السلطات الجزائرية في مجال الرقمنة و تحسين حوكمة المالية العامة و الشفافية مما يسمح، حسبها، “للمواطنين الجزائريين بالاطلاع على السياسات التي نفذتها الدولية بصفة آنية”.
من جهة أخرى، شددت نفس المتحدثة على ضرورة إدراج “التأهيل الميزانياتي للتقلبات في حال عدم توفر الموارد اللازمة و استباق المخاطر و تسهيل مواجهة الصدمات المالية الخارجية”، كما نصحت بتخفيض العجز في الميزانية و إضفاء المرونة على أسعار الصرف، ودعت إلى تعزيز “التحكم في النفقات العمومية من اجل تحقيق فعالية أكبر” و النظر في إمكانية منح إعانات لفائدة الأشخاص المحتاجين و استكمال الإصلاحات الهيكلية”.كما أوصت بإعداد إستراتيجية شاملة من أجل مواجهة اختلالات الاقتصاد الكلي و تنويع مصادر التمويل لاسيما الخارجية.
وفي ردها على سؤال حول جهود إدماج الاقتصاد غير الرسمي في الإطار الرسمي، أشارت المسؤولة ذاتها إلى أن “الجزائر ليست بالضرورة مختلفة عن البلدان الأخرى وأن هذه الظاهرة مماثلة لتلك المتواجدة في البلدان النامية الأخرى”، و أكدت أن بعثة صندوق النقد الدولي تدعم السياسة التي اعتمدتها الحكومة الجزائرية من أجل إضفاء الطابع الرسمي على هذا القطاع، وأضافت بالقول :”إدماج القطاع غير الرسمي يحتاج إلى إستراتيجية شاملة تتضمن تدابير من شأنها الحد من العراقيل…كما أن الحكومة الجزائرية قد أكدت على التزامها من أجل إضفاء الطابع الرسمي على القطاع ونحن نشجع هذه الإصلاحات”.
وأكدت ممثلة صندوق النقد الدولي أن “الإصلاحات الاقتصادية التي شرع فيها من شأنها أن تضع حدا للقطاع غير الرسمي و رفع الاستثمارات و دعم القطاع الخاص”، و بخصوص التضخم، أشارت إلى أن وتيرته تسارعت نتيجة “تأثير صدمة العرض و ارتفاع الأسعار الدولية للمواد الأولية وآثار الجفاف في الجزائر”.
رزيقة. خ