طرح المجتمع المدني أخيرا، خارطة طريقه بخصوص حل الأزمة التي تعرفها البلاد منذ 2 أفريل الماضي، تاريخ استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط الشارع، وتأتي مبادرة الجمعيات المدنية بعد خارطة الطريق التي وضعتها السلطة الانتقالية منذ البداية متمسكة بالدستور كأحسن خيار بالنسبة إليها لحلحة الوضع المتأزم.. في انتظار ما ستطرحه المعارضة في أواخر الشهر الجاري، وهي التي تعتزم عقد ندوة وطنية شاملة تضع من خلالها أوراقها على الطاولة.
برز المنعرج الذي يحمل الحلول الموضوعية للأزمة السياسية لم تعرفها الجزائر منذ استقلالها، بعد تأكيد السلطة على موقفها المبدئي، والمتعلق بالإطار الدستوري لحلحلة هذا الوضع، إضافة إلى مساهمة الشركاء السياسيين والمجتمع المدني الباحثين عن حل أكثر جذرية من حلول تثبيت الوضع القائم.
وتندرج مبادرة السلطة وفق رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، في دعوة الطبقة السياسية إلى مشاورات، لتهيئة ظروف توافقية من أجل تنظيم انتخابات في أقرب الآجال، رغم أن رئاسة الجمهورية لحد الساعة، لم تكشف عن آليات الحوار ولا عن شكله ومضمونه، ولم توجه دعوات للمعنيين به.. وقد فشلت في إدارة الجولة الأولى من التشاور حول انتخابات 4 جويلية، الملغاة بعدها إثر مقاطعتها من طرف الجميع، بما فيهم رئيس الدولة المؤقت ذاته، عبد القادر بن صالح.
ويعتقد البروفسور محمد هناد أن معوقات الحوار الذي يطالب به الجميع، تتمثل في “غياب ممثلين مقبولين للسلطة، مثلما هناك غياب ممثلين بارزين للحراك الشعبي”، وأضاف الأستاذ هناد في اتصال معه، أن نقاط الالتقاء بين مبادرات الحراك الشعبي والسلطة تتمركز في نقطتي: “الهيئة المستقلة للانتخابات ثم الذهاب نحو الاستحقاق الانتخابي”.
وفي الجانب ذاته، تتمسك المؤسسة العسكرية بالحل الدستوري القائم على الحوار للأزمة الراهنة، فعلاوة على مختلف تدخلات الفريق قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح الداعية إلى الحوار كسبيل وحيد للخروج من التأزم الحالي، اقترحت مجلة “الجيش” في طبعتها الأخيرة، خارطة طريق تتألف من أربع بنود أساسية، للخروج من الأزمة السياسية، وذلك في مقال منشور تحت عنوان “على نهج الشرعية الدستورية”، حيث اعتبرت المؤسسة العسكرية أن المخرج من الأزمة يجب أن يمر عبر “التمسك بالشرعية الدستورية وحوار جاد بين مختلف الأطياف وتشكيل لجنة مستقلة للانتخابات وانتخاب خليفة للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة في أقرب وقت”.
وخرجت مبادرة فعاليات المجتمع المدني التي انتظرها الجميع، باقتراح خمس آليات لإخراج البلاد من وضعها الحالي، مؤكدة على “تنصيب شخصية وطنية أو هيئة رئاسية توافقية تشرف على مرحلة انتقالية للعودة إلى المسار الانتخابي، وذلك لمدة 6 أشهر إلى سنة على أقصى تقدير، إضافة إلى تشكيل حكومة كفاءات وطنية لتسيير الأعمال، مع تنصيب هيئة مستقلة للإشراف وتنظيم والإعلان عن نتائج الانتخابات، مع ضمان آليات المراقبة وكذلك فتح حوار وطني شامل مع فعاليات الطبقة السياسية والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية وناشطين من الحراك”.
وحسب الناشطة الحقوقية راضية بوديسة التي شاركت في لقاء أول أمس، فإن مبادرة المجتمع المدني “تختلف جوهريا عن تلك التي طرحتها السلطة”، وأبرزت بوديسة في تصريح لـ”الجزائر” أن الفعاليات المدنية “أعادت طرح مطالب الشعب الجزائري التي رفعها في مظاهراته السلمية خلال الحراك”، مشددة على أن المجتمع المدني من حقه إيجاد حلول للأزمة الراهنة.
وأكدت الناشطة راضية بوديسة المشاركة في “المنتدى المدني للتغيير” أن بيان قوى المجتمع المدني تعمد استخدام مصطلح الانتخابات من دون تحديد هويتها لتركها ، مفتوحة “انتخابات مجلس تأسيسي أم انتخبات رئاسية أو تشريعية، المهم أن تكون انتخابات غير منظمة من رموز السلطة الحالية وتستهدف الانتقال الديمقراطي” وأضافت المتحدثة بقولها “نحن نؤمن أن شرعية الديمقراطية من شرعية الصندوق وأن الانتخابات لن تجرى قبل المرحلة الانتقالية”. وفي المقابل أفادت الناشطة الحقوقية أن المجتمع المدني “قدم مبادرة كخطوة أولى في انتظار تشكيل لجان لمناقشة الوضع ولقاء الأحزاب السياسية وفي الأخير نلتقي جميعا في ندوة وطنية”.
ولكي يكتمل عقد المبادرات، ستقوم أحزاب المعارضة المنضوية في “فعاليات التغيير لنصرة خيار الشعب” يوم 29 جوان القادم، بعقد ندوة وطنية ستناقش خلالها الأزمة السياسية ومن المنتظر أن تخرج بتوافق وطني حول خارطة طريق واضحة للحل السياسي لأزمة البلاد.
إسلام كعبش