شكلت الإصلاحات الهيكلية والمؤسساتية التي تعرفها البلاد خطوة هامة وثابتة في مسار بناء جزائر جديدة, وهذا تجسيدا للالتزامات التي تعهد بها السيد عبد المجيد تبون منذ انتخابه رئيسا للجمهورية يوم 12 ديسمبر 2019.
وقد تجسد هذا المسعى في مواصلة الإصلاحات السياسية والمؤسساتية العميقة التي أقرها الرئيس تبون بموجب دستور 2020, لاسيما من خلال إعداد النصوص القانونية ذات الصلة ووضع كافة الأجهزة والهيئات الدستورية المستحدثة أو التي تم تعديل قوانينها الأساسية.
وتتمثل هذه الاجهزة على وجه الخصوص في المجلس الاعلى للشباب, المرصد الوطني للمجتمع المدني, السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وكذا المحكمة الدستورية.
وتجسيدا لهذه الأهداف، تم خلال شهر جوان الماضي، تنصيب المجلس الأعلى للشباب الذي يضم 348 عضوا من بينهم 232 عضوا منتخبا بعنوان تمثيل شباب الولايات يمارسون عهدتهم لمدة 4 سنوات غير قابلة للتجديد وتتميز بالمناصفة بين الجنسين.
ويعتبر المجلس هيئة استشارية توضع لدى رئاسة الجمهورية (المادة 214 من الدستور), تقدم آراء وتوصيات واقتراحات حول المسائل المتعلقة بحاجات الشباب وازدهاره في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها.
كما تساهم هذه الهيئة في ترقية القيم الوطنية والضمير الوطني والحس المدني والتضامن الاجتماعي في أوساط الشباب, وتشارك بهذه الصفة في تصميم المخطط الوطني للشباب وكذا السياسات والاستراتيجيات والبرامج والأجهزة العمومية المتعلقة بالشباب.
ويأتي تنصيب هذه الهيئة تجسيدا لأحد أهم الالتزامات ال54 التي تعهد بها الرئيس تبون أمام الشعب الجزائري وحرصه على تنفيذها في وقت وجيز, ضمن أولويات الإصلاح السياسي والاقتصادي والمجتمعي.
وبهذا الخصوص، أكد رئيس الجمهورية على ضرورة أن يكون المجلس الأعلى للشباب بمثابة “برلمان حقيقي” لهذه الشريحة من المجتمع و”مشتلة” للتكوين السياسي, خاصة الجامعيين منهم ليشاركوا فعلا في صناعة القرارات المصيرية للبلاد.
وتعزيزا لقيم المواطنة والديمقراطية ومبادئ المشاركة في قضايا البلاد واهتماماتها، تم أيضا مع نهاية سنة 2021 استحداث مرصد وطني للمجتمع المدني ( المادة 213 من الدستور), يمثل هو الآخر إطارا للحوار والتشاور والاقتراح والتحليل والاستشراف في كل المسائل المتعلقة بالمجتمع المدني وترقية أدائه, بالإضافة إلى مشاركته مع المؤسسات الأخرى في تحقيق أهداف التنمية الوطنية.
ومن هذا المنظور, يتولى المرصد تقييم أداء المجتمع المدني وتطويره على ضوء احتياجات المجتمع والإمكانيات المتاحة واقتراح تصور عام لدوره في التنمية الوطنية المستدامة ورصد الاختلالات التي تحول دون مشاركته الفعالة في الحياة العامة.
كما يضطلع بإبداء التوصيات والاقتراحات في مجال ترقية مشاركة المجتمع المدني في وضع السياسات العمومية و تنفيذها وفق مقاربة ديمقراطية تشاركية.
وتجسيدا لدور ومهام هذه الهيئة على أرض الواقع, تم خلال شهر نوفمبر المنصرم عقد جلسات وطنية حول المجتمع المدني, حيث اعتبر الوزير الاول, السيد أيمن بن عبد الرحمان، أنها بمثابة “تتويج لمسار طويل صقلته التجربة ومكن بلادنا من تعزيز نسيجها المؤسساتي لأول مرة في تاريخها ولبنة أخرى لتجسيد تصور رئيس الجمهورية لدور ومكانة المجتمع المدني ضمن المشروع النهضوي”.
وقد عرفت تلك الجلسات التي حملت شعار “المجتمع المدني ركيزة لبناء الجزائر الجديدة”, مشاركة 700 ممثل عن الجمعيات الوطنية والمحلية, المنظمات والنقابات والجالية الوطنية بالخارج, مشكلة بذلك فرصة للحوار والتشاور بين الناشطين والفاعلين في المجال حول سبل ترقية أداء المجتمع المدني وتفعيل دوره في بناء الجزائر الجديدة.
كما شهدت السنة الجارية أيضا وتيرة متسارعة في مسار استكمال هذه الهياكل, لاسيما في مجال محاربة الفساد بكل أوجهه, ترجمت بإنشاء وتنصيب السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته (المادة 204 من الدستور) بهدف تحقيق أعلى مؤشرات النزاهة في تسيير الشؤون العمومية وذلك بالنظر إلى جملة من الصلاحيات المخولة لها.
وتتمتع هذه السلطة, استنادا لنص القانون الذي ينظمها ويضبطها بجملة من الصلاحيات, من بينها “جمع ومركزة ونشر أي معلومات وتوصيات من شأنها أن تساعد الإدارات العمومية وأي شخص طبيعي أو معنوي في الوقاية من أفعال الفساد و كشفها”.
كما تتلقى السلطة التصريحات بالممتلكات وضمان معالجتها ومراقبتها, وفقا للتشريع ساري المفعول, مع تعزيز قواعد الشفافية والنزاهة في تنظيم الأنشطة الخيرية والدينية والثقافية والرياضية في المؤسسات العمومية والخاصة وكذا لتحريات الإدارية والمالية في مظاهر الإثراء غير المشروع لدى الموظف العمومي الذي لا يمكنه تبرير الزيادة المعتبرة في ذمته المالية.
وفي سياق متصل، يشكل إنشاء هذه الهيئة مرحلة هامة في تجسيد التزام الرئيس تبون بأخلقة الحياة العامة والحياة السياسية وتعزيز الحوكمة وضمان نزاهة المسؤولين العموميين والتسيير السليم للأموال العمومية وتكريس الشفافية.
وضمن هذا التوجه، يندرج مسعى إثراء مشروع القانون المتعلق باستحداث وكالة وطنية لتسيير الممتلكات المجمدة والمحجوزة والمصادرة, في إطار استكمال الإطار التشريعي في هذا المجال.
وترمي هذه الآلية التي أمر رئيس الجمهورية بإثراء مشروع القانون المتعلق باستحداثها, إلى تسيير الممتلكات المجمدة والمحجوزة والمصادرة من خلال إيجاد آليات أكثر مرونة في استرجاع ممتلكات الدولة والأموال المنهوبة المترتبة عن الممارسات السلبية التي عرفتها البلاد منذ سنوات خلت في تسيير الشأن العام وتبديد المال العام وانتشار مختلف مظاهر الفساد.
وبهذا الخصوص، شدد الرئيس تبون على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار عدة نقاط, على غرار إيجاد آليات أكثر مرونة في استرجاع ممتلكات الدولة وتخفيف الإجراءات البيروقراطية بما يمكن من استعادة كل الأموال المنهوبة وكذا انتهاج الواقعية في التعامل مع ملفات مكافحة الفساد عبر اعتماد آليات بسيطة مباشرة بعيدا عن التعقيدات التي هدفها إطالة عمر هذه الظاهرة.
كما تم أيضا تنصيب المحكمة الدستورية التي تشكل هي الاخرى محطة جديدة من محطات البناء المؤسساتي للدولة وتعميقا للممارسة الديمقراطية في الجزائر, لاسيما وأن دستور الفاتح نوفمبر 2020 أفرد للرقابة الدستورية حيزا هاما.
وبعد كل هذه الانجازات, يواصل رئيس الجمهورية مسار بناء الجزائر الجديدة التي يتطلع إليها الشعب الجزائري برمته لوضع البلاد على الطريق الصحيح.
وأج
الوسومmain_post