مرت 30 سنة على تأسيس اتحاد المغرب العربي، لكن طول هذه المدة لم تشفع لهذا الاتحاد بان يشكل قوة حقيقية للبلدان الخمسة المشكلة له، ولم يتمكن من تفعيل أي من الآليات التي استحدثت أثناء تأسيسه في 17 فيفري 1989، ولا تلك التي أنشئت فيما بعد، وقد يرجع البعض السبب للعوائق الجيوستراتيجية، غير أنها في الواقع ليس المعيق الوحيد حسب البعض الآخر، الذي أرجعها إلى غياب دور النخب و المثقفين و المجتمع المدني في تقريب شعوب المغرب العربي من بعضها البعض رغم كل العوامل التي تشجع ذلك و التي لا توجد في أي من الاتحادات المشكلة في كل أنحاء العالم.
قال الأمين العام لاتحاد المغرب العربي الطيب البكوش، أن “هناك نصوصا وقرارات لتفعيل اتحاد المغرب العربي موجودة على صعيد الواقع إلى جانب التوصيات ولكن لا ينقص سوى الدفع بها لتفعيلها، والذي “نسعى إليه الآن وحتى نحقق الفاعلية المرجوة وجب أن تشتغل المؤسسات بانتظام وبالخصوص سلطة القرار وهي الموجودة في القمة”، غير انه تأسف للجمود الذي يعيشه مجلس رؤساء الدول و الذي قال انه ” معطّل منذ ربع قرن”.
و أضاف البكوش في تصريح لوسائل إعلام تونسية، أمس، نحن”اليوم بصدد السعي بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس اتحاد المغرب العربي إلى أن نحقق هذا التفعيل على صعيد الواقع بأن يجتمع رؤساء دول المغرب العربي ويفعّلوا مختلف القرارات التي اتُّخذت سابقا ويفعّلوا الاتفاقيات التي تمّت ونبني للمستقبل على أسس قوية وصحيحة حتى نعيد الحياة بصفة فعلية ومنتظمة للاتحاد الذي يمكن أن يكون من التجمعات المُثلى بحكم أنه تتوفر فيه جميع مقومات الوحدة والتكامل والاندماج وهذا هو الهدف الذي من أجله بُنِي ويجب أن يحيى ويتواصل”، ويرى أن ما يعطل رؤساء دول المغرب العربي لتحقيق مشروع الوحدة المغاربية، يكمن في بعض الخلافات فيما بعضهم البعض، وهي خلافات سياسية قديمة و بالضبط بين المغرب و الجزائر”، وقال انه” لا يجب أن تتعطل بقية القطاعات بسبب هذه الخلافات التي يمكن أن تُحلّ بالحوار شيئا فشيئا ولا يجب أن نوقف كل شيء بسبب خلاف سياسي”.
غير أن الكثير من المختصين يعتبرون أن الجمود الذي يعيشه الاتحاد ليس بسبب عوائق سياسية فقط، إنما تتعدى إلى غياب الوعي لدى النخبة و المثقفين في هذه الدول و غياب الحراك المجتمعي داخلها الذي يعمل على التقريب بين هذه الشعوب، وفي هذا الصدد يقول المختص في علم الاجتماع السياسي نور الدين بكيس في تصريح ل”الجزائر”، أن فكرة الوحدة لم تنتج ثقافيا و اجتماعيا في المجتمعات المغربية، وكان من المفروض أن تتبنى كخيار يجلب الكثير من الفوائد لهذه الشعوب، لكن المثقفين –يقول المختص- كانوا دائما ما يشعرون بالعجز في فرض أفكارهم في أوطانهم، و عدم هضم الفشل الداخلي، وهو ما يترجم عدم قدرتهم على التحرك في اتجاه توحيد المجتمعات، و يرى بكيس أن المجتمع في دول المغرب العربي “مفبرك”و”زائف تحركه السلطة، ما يجعل النخبة غير قادرة على تعبئته-أي المجتمع”.
و يرى انه ورغم أن المجتمعات المغاربية متجانسة لدرجة كبيرة، سواء من حيث اللغة، الهوية، الدين، وحتى التقسيم الجهوي، وهي كلها عوامل في غاية الأهمية لإنجاح الاتحاد، إلا انه تنقصها الجرأة الكافية للسير في اتجاه الوحدة مع بعضها البعض لأنها تحمل العجز داخل أوطانها، غير انه يعتبر أن هناك تحول بدا يظهر داخل هذه المجتمعات خصوصا بتونس، و اشر في هذا الصدد إلى عدد السواح الجزائريين الذين يقصدونها، واعتبر أن هذا بداية لتفاعل قد يتطور مستقبلا.
وتأسف المتحدث لما أسماه” الصراعات المفتعلة التي تحركها السلطات في دول الاتحاد، والتي لا وجود لها في الحقيقة بين شعوبها” وقال إنه يجب نبذ كل هذه الخلافات “غير الحقيقية”، وأشار كمثال عن الاتحاد الأوروبي الذي قال إنه تمكن من الاتحاد وتشكيل قوة رغم أن معظم الدول المنتمية كانت تعيش فيما بينها حروبا لمدة تزيد عن القرن، وليس لها لغة موحدة ولا عوامل مشاركة كتلك التي تجمع بين دول المغرب العربي، إلا أنها تجاوزت كل ذلك لتشكيل اتحاد قوي”.
رزيقة.خ
في الذكرى ال30 لتأسيسه:
الوسومmain_post