لا يزال ملف لجوء الجزائر للاستدانة الخارجية عبر مختلف الهيئات المالية الدولية يراوح مكانه في الغرفة السفلى للبرلمان، بعدما فضل النواب تأجيل الفصل فيه إلى غاية إصدار التقرير التكميلي، ويعتبر اللجوء للاستدانة أحد الملفات الحساسة التي لجأت إليها الحكومة بعد خيار الاستغناء عن آلية طبع النقود التي تم إقرارها في عهد الوزير الأول السابق أحمد أويحيى.
وحسب ما أفادت مصادر من داخل لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني فإن النواب “قرروا تأجيل الفصل في المادة 104 من مشروع قانون المالية لسنة 2020 والخاصة بالتمويل الخارجي وإمكانية اللجوء إلى الاستدانة الخارجية إلى ما بعد الجلسة العامة للمجلس الشعبي الوطني أي أرجاء الفصل فيها إلى غاية إصدار التقرير التكميلي”.
وقالت المصادر ذاتها، أن التقرير التمهيدي المنبثق عن لقاءات أعضاء اللجنة بوزراء الحكومة طيلة أسبوعين “تحاشى الفصل في ملف التمويل الخارجي واستثنى التطرق إليه وأجل الفصل فيه رفقة ملفات أخرى إلى غاية إصدار التقرير التكميلي”.
ولا يزال ملف الاستدانة الخارجية يثير الكثير من الجدل في الجزائر خاصة وأن هذا الخيار أصبح أكثر من ضروري اليوم بعد التخلي عن قرار الوزير الأول السابق المتواجد في سجن الحراش احمد أويحيى في قضايا فساد والخاص بطباعة الأموال بعد أن أثبتت العملية فشلها، وسارت الأمور عكس الضمانات المقدمة في وقت سابق، ويتعلق الأمر بالحفاظ على مستوى تضخم منخفض وتوجيه هذه الأموال لسد الدين العام وليس للأكل والشرب والنفقات الخاصة بالاستيراد، وهو ما تم إثبات عكسه لاحقا، حيث أن تخلي الحكومة عن طباعة الأموال سيعقبه لا محالة قرار الاستدانة الخارجية.
وتعد هذه المرة الأولى التي تقرر فيها السلطات اللجوء إلى الاستدانة من الخارج في وقت كانت قد قررت دفعا مسبقا للمديونية الخارجية منتصف العقد الماضي، بعد أن وصلت 32 مليار دولار عام 2000.
وتكشف إحصائيات مقدمة وزارة المالية، أن قيمة الدين الجزائري الخارجي قد بلغت 3.85 مليار دولار نهاية 2018، والاستثناء الوحيد كان في 2016، بلجوء الحكومة إلى الاستدانة من البنك الإفريقي للتنمية، عبر قرض بمليار دولار أمريكي خصص لتمويل برامج طاقوية.
ويأتي قرار اللجوء للهيئات المالية الدولية في ظرف حرج تمر به الجزائر، حيث تعيش أزمة اقتصادية منذ خمس سنوات جراء تراجع أسعار النفط في السوق الدولية، وتهاوي معها احتياطات البلاد من النقد الأجنبي، الأمر الذي أجبرها على إقرار طبع النقود سنة 2017، أين تم طبع 6 آلاف و556 مليار دينار (56 مليار دولار)، ليتم بعدها العدول عن هذا الخيار بفتح المجال للاقتراض من الهيئات الدولية.
عمر.ح