يعيش المجلس الشعبي الوطني وضعا لم يعشه منذ إنشائه خاصة بعد إقرار التعددية السياسية في البلاد، بفعل التجميد الشامل لعمله، بفعل الصراع المستمر بين النواب الموالين للحكومة ورئيس المجلس الشعبي الوطني السعيد بوحجة الذي يرفض رمي المنشفة، متحديا كلا من الأمين العام لـ”الأفالان” جمال ولد عباس ونظيره من “الأرندي” أحمد أويحيى.. ما جعل قبة البرلمان تقبض أنفاسها في انتظار تدخل الجهة التي تملك المفتاح السحري لحل الأزمة.
يتبادر إلى أذهان العديد من المراقبين، التساؤل التالي: إلى متى تستمر القبضة الحديدية بين رئيس البرلمان السعيد بوحجة ونواب الموالاة داخل قبة مبنى زيغود يوسف؟، في الوقت ذاته، يلعب عامل الزمن بورقته ونحن ندخل 15 يوما من صراع لم يكن يظن أفضل المتفائلين أن توقيعات في عريضة من طرف نواب الغرفة السفلى لإجبار رئيس المجلس على الاستقالة ستتحول إلى أزمة مزمنة قد تمس بوضع مؤسسات الدولة وتوازنها قبل أشهر قليلة عن انتخابات رئاسية مهمة، كما أنها رسمت صورة سيئة عن واقع البناء المؤسساتي والدستوري للدولة.
ويطرح مراقبون سيناريوهات مختلفة للخروج من هذه الأزمة في ظل وصول كل الوساطات التي طرحتها جهات برلمانية معروفة بقربها من الحكومة إلى طريق مسدود بسبب تمسك كل طرف بموقفه، كتل الموالاة التي تصر على رحيل رئيس البرلمان السعيد بوحجة في حين يتمسك الأخير بمنصبه، رافضا “الانقلاب” عليه بطريقة غير قانونية تفتح المجال للفوضى وصراعات العصب داخل مؤسسات الدولة.
ورغم أن الوزير الأول بقبعة الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي نفى في ندوته الصحفية الأخيرة نية السلطة التوجه نحو “حل البرلمان” على خلفية الأزمة النيابية، مؤكدا في السياق ذاته، تنظيم انتخابات الرئاسة في موعدها شهر أفريل من السنة المقبلة، إلا أن هناك عدة مؤشرات تبرز أن سيناريو “حل الغرفة السفلى” ليس خيارا مستبعدا والمؤشرات متعددة أبرزها الوقت الذي ستستهلكه هذه الأزمة التي فرضت نوعا من “الستاتيكو” المزمن، سيكون لديه ارتدادات على عمل المؤسسات والتنسيق مع الحكومة والغرفة العليا “مجلس الأمة” المقبلة على التجديد النصفي شهر ديسمبر المقبل، كما أن تصريح رئيس المجلس الشعبي الوطني السعيد بوحجة بأن “الانقلاب” عليه يهدف إلى تدبير فراغ تشريعي في البلاد وإحداث فراغ دستوري، نقطة مهمة توضح للمراقبين وجود توجه في هذا المنحى باستغلال هذا الصراع.
وسألت “الجزائر” المحلل السياسي رابح لونيسي حول مستقبل هذه الأزمة داخل الغرفة التشريعية التي تعيش أسبوعها الثاني، فقال “أعتقد أن هذه الأزمة سيتم استغلالها من طرف السلطة لتمرير عدة قوانين غير مرغوبة ولا اجتماعية كقانون الصحة وغيره”، معتبرا في السياق ذاته، أن مؤسسة البرلمان لا تشكل مشكلة بالنسبة للسلطة، بما أن حل المجلس الشعبي الوطني لا يعني أوتاماتيكيا تمديد عهدة الرئيس بوتفليقة التي ستنتهي خلال أشهر قليلة، كما أن مجلس الأمة الذي هو الغرفة العليا للبرلمان يعمل بصفة عادية ولا يشكل مشكلة بالنسبة إليهم.
وحذر الدكتور رابح لونيسي من استمرار هذه الأزمة وتأثيرها المباشر على واقع المؤسسات، مشيرا إلى “توجه نحو دولة اللامؤسسات”، واعتبر لونيسي تصريحات أحمد أويحيى بأن شرعية الواقع تفرض على السعيد بوحجة الرحيل رغم أن الدستور لا ينص على خلعه من منصبه بهذه الطريقة، بأنه “كلام خطير” و”يؤدي بنا إلى العودة إلى الوراء وبالضبط نحو فترة 1965-1976 حيث كان الرئيس هواري بومدين يحكم بالمراسيم الرئاسية ومن دون دستور”.
من جانب آخر، ربط المحلل السياسي رابح لونيسي القبضة الحديدية الحالية داخل البرلمان بالانتخابات الرئاسية المقبلة سنة 2019، مشيرا إلى سيناريو 2004 الذي حدث تقريبا –حسبه- بهذه الطريقة وشكل تصدعات داخل السلطة وقسم حزب جبهة التحرير الوطني إلى جناحين.
من جهته، يرى عامر رخيلة عضو المجلس الدستوري سابقا، أن رئيس الجمهورية وأمام هذه الأزمة لديه كامل الصلاحيات لحل البرلمان وفق المادة 147 للدستور، مفترضا توجه الرئيس لهذا الحل إذا استمر الانسداد حتى شهر ديسمبر المقبل.
وردا على سؤالنا عن إمكانية تنظيم انتخابين متتالين واحدة تشريعية ثم رئاسية في حال تم إسقاط البرلمان وفق نص الدستور، قال عامر رخيلة أنه “لا إشكال من ناحية الرزنامة حيث أن المجلس الدستوري يقر بفاصل زمني يصل إلى 3 أشهر بين انتخابات وأخرى”، وحذر الخبير الدستوري عامر رخيلة من حل المجلس الشعبي الوطني من دون تنظيم انتخابات تشريعية، معتبرا أن ذلك سيساهم في “شل الغرفة العليا مجلس الأمة وسيدخل الدولة في أزمة مؤسساتية”.
وقبل ذلك وضع البروفسور محمد هناد في تصريح سابق لـ “الجزائر” هذا الصراع الحاصل بين أحمد أويحيى ومعه جمال ولد عباس والسعيد بوحجة في خانة “مناورة تدخل في سياق الانتخابات الرئاسية المقبلة”.
إسلام كعبش
يرفض الوساطة وينتظر المفتاح السحري:
الوسومmain_post