انطلق موسم الحرث والبذر في العديد من ولايات الوطن، إذ يعول على أن يكون موسما ناجحا، لاسيما ما تعلق بالزراعات الإستراتيجية بعد اتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير لدعم هذا النوع من الزراعات ومرافقة الفلاحين، خاصة في ظل التغيرات المناخية.
تبذل وزارة الفلاحة والتنمية الريفية بمعية الفلاحين مجهودات كبيرة لجعل موسم الحرث والبذر 2023-2024 موسما ناجحا، بالنظر لأهمية ذلك بالنسبة للمحاصيل الزراعية الإستراتيجية، والتي توليها الدولة أهمية بالغة لما لها من دور كبير في تحقيق الأمن الغذائي، وهو الهدف الذي وضعته الدولة صوب أعينها وتعمل بكل جهد لبلوغه.
وقد باشرت الجهات الوصية منذ عديد الأسابيع الاستعدادات لموسم الحرث والبذر، الذي انطلق في أغلب ولايات الوطن هذا الأسبوع، حيث اتخذت جملة من التدابير الرامية لمرافقة الفلاحين ودعمهم، سواء من خلال مدهم بالبذور والأسمدة أو من خلال مرافقتهم وتعريفهم بطرق السقي الحديثة التي من شأنها اقتصاد المياه، لاسيما في ظل التغيرات المناخية وشح الأمطار.
ويرى خبراء في الزراعة أن إنجاح هذا الموسم يتطلب التأقلم مع التغيرات المناخية كونها أصبحت واقعا، وهذا بدوره يتطلب تحديد نوعية الزراعات واختيار دقيق للبذور، إضافة إلى إتباع التقنيات الحديثة في مجال السقي.
وفي هذا السياق، أكد المهندس الزراعي عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني المهندسين الزراعيين، صغيري عبد المجيد، أن التحضير الجيد لحملة الحرث والبذر من العوامل الأساسية لإنجاح زراعة الحبوب ونجاح الموسم الفلاحي.
وأوضح صغيري في تصريح لـ”الجزائر” أن “الظروف المناخية التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عقدين من الزمن، والتي تتميز بتسجيل درجات حرارة مرتفعة وشح في الأمطار، أثر سلبا على الإنتاج والمردود بصفة خاصة في شعبة الحبوب، مما يوجب اتخاذ تدابير خاصة والعمل على التأقلم مع التغيرات المناخية، خاصة في الزراعة المطرية في المناطق الشمالية والهضاب العليا”.
وقال إنه “لا بد من اختيار الأصناف الملائمة لكل منطقة واختيار تاريخ البذر وتحضير مهد التربة الحرث الربيعي، الحفاظ على المادة العضوية في التربة بوضع حد للرعي الجائر واحترام المسار التقني وهذا يكون بتنظيم أيام تحسيسية أو تكوينية للمستثمرين الفلاحيين وأبناؤهم من طرف المهندسين الزراعيين”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “موسم 2023/2022 عرف شحا كبيرا للمياه، ما أثر على أكثر من 33 ولاية شمالية مما دعى رئيس الجمهورية إلى اتخاذ قرار تعويض الفلاحين المحصيين الموسم الفارط بالبذور والمداخلات مجانا، قصد مساعدتهم على الاستمرارية في النشاط وانطلاق حملة الحرث والبذر موسم 2024/2023، حيث تم توفير البذور والمداخلات بالاحتياجات اللازمة لانطلاق الحملة، رغم تسجيل تأخر معتبر في بداية الحملة بالنظر إلى تأخر كبير لسقوط الأمطار تزامنا مع اقتناء الفلاحين البذور والأسمدة”.
ودعا إلى ضرورة تنظيم أحسن لشعبة الحبوب وكذا الشعب الإستراتيجية الأخرى كالبطاطا والحليب والبقوليات الجافة بتأطير وتكوين دائم لكل الفاعلين مع توفير المكننة واستعمال التكنولوجيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي لفاعلية أكبر ومردودية أعلى.
كما شدد المهندس الزراعي على أهمية توسيع المساحات المسقية والتخلي تدريجيا عن الزراعات المطرية، وشدد هنا على ضرورة توفير مصادر المياه منها الجوفية، والتي قال عنها إنها “ثروة وجب الحفاظ عليها والاستعمال العقلاني لها”، بالإضافة إلى محطات تحلية مياه البحر، وكذا محطات معالجة المياه المستعملة، إضافة إلى المرافقة التقنية الدائمة من بداية الحملة إلى غاية موسم الحصاد والدرس بالنسبة للجهة الشمالية.
أما المناطق الجنوبية، قال المهندس الزراعي، إنها “تعتمد على الزراعة المسقية سقيا كليا، وعليه فإن توفر الماء وتدخل كلي الإنسان بخلق بيئة ملائمة من أسمدة ومدخلات ومحفزات ضروري وكذا نوعية وصنف البذور المتأقلمة مع المنطقة”.
للتذكير، كان وزير الفلاحة والتنمية الريفية، محمد عبد الحفيظ هني، خلال تطرقه في 16 أكتوبر الماضي، إلى استعدادات موسم الحرث والبذر، قد دعا الفلاحين إلى “بذل المزيد من الجهد لتعميم تجهيز مستثمراتهم الفلاحية بأجهزة السقي المقتصدة للمياه لرفع الإنتاج وحماية محاصيلهم من أي نقص محتمل في تساقط الأمطار، إضافة إلى ضرورة الانخراط في جهاز التأمين لتعويض الخسائر المنجزة من مختلف المخاطر”.
كما دعا المؤطرين والتقنيين للتجنيد لمرافقة الفلاحين في الميدان وتحسيسهم بأهمية اعتماد أنظمة السقي الحديثة وتعميمها من أجل بلوغ الأهداف المسطرة، لاسيما تلك المتعلقة بإنتاج المواد الإستراتجية مثل الحبوب.
رزيقة.خ