تحدث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في أول اجتماع وزاري، عن ضرورة إجراء تغيير في نظام الحكم، ويعتبر هذا الموقف من أبرز الوعود التي طرحها الرئيس الحالي في حملته الانتخابية تماشيا مع مطالب الحراك الشعبي الباحث عن تغيير جذري في آليات اشتغال النظام السياسي القائم منذ الاستقلال.
جاء في بيان المجلس الوزاري الأول الذي جمع الرئيس تبون بالطاقم الحكومي أنه “يستلزم بناء الجزائر التي يطمح إليها المواطنون والمواطنات إعادة النظر في منظومة الحكم من خلال إجراء تعديل عميق على الدستور، الذي يعتبر حجر الزاوية لبناء الجمهورية الجديدة، وعلى بعض النصوص القانونية الهامة مثل القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، كما أنه يستلزم من جهة أخرى أخلقة الحياة السياسية عبر تكريس الفصل بين المال والسياسة ومحاربة الرداءة في التسيير، إذ أنه يتعين أن ترتكز الجمهورية الجديدة على قيام دولة القانون التي تضمن استقلالية القضاء وترقية الديمقراطية التشاركية الحقة التي تمنح فرص الرقي الاجتماعي والسياسي للجميع”.
من الواضح أن السلطة السياسية الجديدة عازمة على التوجه بسرعة قصوى نحو مسار إعادة ترتيب الأوراق والتقدم في طريق الإصلاحات السياسية التي رفعها الحراك الشعبي في 22 فيفري، في إطار حركة سلمية قدمت صورة إيجابية عن الجزائر الرافضة للجمود والباحثة عن الاستقرار والانتقال الديمقراطي في إطار مؤسسات دولة قوية وشرعية، وقد استوعبت السلطة ذلك جيدا بعد استقالة الرئيس السابق وفهمت أن التغيير ضروري وأن الاستمرارية على نفس المنهج السياسي الذي سارت عليه مؤسسات الدولة منذ سنوات لن يخرج البلاد من الأزمة متعددة الجوانب التي تعيشها على الأقل خلال الأشهر العشرة الأخيرة، خاصة في ظل الوضع الإقليمي الصعب الذي تعرفه المنطقة.
يضع الرئيس تبون ثلاث أولويات في برنامجه حول التغيير السياسي، الأولى متعلقة بنقطة التعديل الدستوري، ويؤكد كثير من المراقبين أن الدستور الحالي يمثل شخصية الرئيس السابق، وهو الرأي الذي يتبناه كثير من السياسيين لأن الرئيس المستقيل بوتفليقة عمل منذ استلامه الحكم عام 1999 على خياطة دستور على مقاسه، بعدما عبر عن رفضه لدستور 1996، وقد قال الرئيس تبون في خطاب القسم الدستوري إن “تعديل الدستور هو حجر الزاوية في الجمهورية الجديدة”، موضحا أن هذا التعديل سيتيح تحديد الفترات الرئاسية بفترة قابلة للتجديد مرة واحدة، وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، بما يحصن الجمهورية من حكم الفرد، كما أنه يحقق الفصل الحقيقي بين السلطات، ويحدد حصانة الأشخاص، ولا يمنح للفاسد أي حصانة في الملاحقة القضائية، ويحمي الحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان وحرية الإعلام وحق التظاهر، ومن المنتظر أن يفتح حوار شامل في الأسابيع القليلة القادمة، قبل التوجه نحو وضع لجنة تعديل القانون الأعلى للدولة ومن الواضح أيضا أن يتم تمريره بعد ذلك عبر البرلمان بغرفتيه.
أما الحجرة الثانية في التغيير، فهي إعادة النظر في قانون الانتخابات من خلال صياغة قانون انتخابات جديد يحدد شروط الترشح للمناصب بوضوح، كما ستتجه الدولة عبره لتمويل حملات المترشحين من الشباب لضمان عدم وقوعهم تحت سطوة المال الفاسد.
بينما يتمثل التحدي الثالث للرئيس تبون في: فصل المال عن السياسة، وهو من أبرز المسائل التي يركز عليها رئيس الجمهورية في خطابه، خاصة أنه يؤكد أن سبب التخلي عنه من طرف نظام الرئيس السابق كان بسبب دعوته لفصل المال عن السياسة عندما تولى قيادة الحكومة عام 2017، وهي السياسة التي أغضبت رموز “الأوليغارشيا” المالية والسياسية التي تقبع اليوم في سجن الحراش.
إسلام كعبش