تسعى الحكومة إلى تقليص فاتورة الإستيراد وتشجيع الإنتاج الوطني، ولتحقيق ذلك دعت المستوردين إلى التحول في غضون 2024 إلى منتجين محليين، كما عملت على توفير كافة التحفيزات والشروط المناسبة لدعم ومرافقة المتعاملين الإقتصاديين الناشطين في الإستيراد من أجل التحول نحو الإنتاج والتصنيع وخلق الثروة.
ويهدف إجراء الحكومة لترشيد فاتورة الواردات، من جهة وأخلقة العمل الاقتصادي من جانب آخر، من خلال محاربة تضخيم أو تخفيض قيمة الفواتير في مجال التجارة الخارجية، ويرى خبراء أن التحول من الإستيراد إلى الإنتاج هو التحول الطبيعي الذي يجب عليه الاقتصاد تدريجيا، غير أنهم شددوا على ضرورة العمل على تسريع منح العقار الصناعي وتحييد المعيقات الإدارية مع ضمان تمويل البنوك للمشاريع.
خطوة طبيعية في المسار الإقتصادي
قال الأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار، عبد القادر سليماني، إن “أساس فكرة تحول المستوردين إلى منتجين ومصنعيين محليين جيدة، وهذا هو المفروض الذي يجب أن يسير عليه الاقتصاد، أي في البداية مستوردون تم ينتقلون إلى الإنتاج في إطار شراكة مع مورده للمواد الأولية أو في إطار التحكم في سلاسل التوريد، وينقل التكنولوجيا والخبرة والمعرفة للجزائر للتصنيع”.
وأضاف سليماني في تصريح لـ”الجزائر” أنه “من المفروض أن المنتج يستفيد ماليا عندما يتحول إلى منتج أكثر من أي يكون مستورد، وأشار في السياق ذاته، إلى أن “فاتورة الاستيراد قبل 2019 تجاوزت 60 مليار دولار وهي فاتورة كبيرة جدا”.
غير أن الأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار أشار إلى أن “الجزائر انتهجت سياسة اقتصادية جديدة تعتمد على الإنتاج المحلي، بالنظر للامتيازات الكبيرة والمشجعة على هذا التوجه، من خلال تشجيع المستثمرين، توفير الطاقة، توفير العنصر البشري، التسهيلات الإدارية، ووجود العقار الصناعي، إضافة إلى استحداث هيئات تعنى بمتابعة الاستثمار مثل الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، وكذا إصدار تشريعات وقوانين مشجعة كقانون الاستثمار الجديد الذي يمنح العديد من الامتيازات للراغبين في الاستثمار في أي مجال”.
واعتبر سليماني أن “كل هذه الإجراءات من المفروض أن تكون مشجعة للمستورد لأن يتحول إلى منتج ومصنع محلي”، وتأسف لوجود مستوردين يقومون باستيراد المواد نفسها لمدة فاقت 30 سنة دون أن يفكروا في تصنيعها محليا من خلال الخبرات التي اكتسبوها عبر احتكاكهم بمورديهم.
ويرى سليماني أن “التحول من مستورد إلى منتج في ظرف سنة قد يكون غير كاف، وقال إنه “لا بد من الانطلاق بالتحسيس بأهمية هذا التحول وبالإجراءات التي تبنتها الدولة لتشجيع المستثمرين والمنتجين، مع عدم توقيف عمليات الاستيراد بشكل راديكالي، إنما تدريجيا حتى لا تحدث اختلالات بالسوق الوطنية، ولتفادي حدوث المضاربة والاحتكار”.
واعتبر أن هذا الانتقال من الاستيراد إلى الإنتاج محليا يجب أن يسير بطريقة سلسلة وتدريجيا، مع العمل على منح المزيد من التحفيزات، والإسراع في منح العقار الصناعي، ومساهمة البنوك في عمليات التمويل وتحييد العراقيل الإدارية والترويج للقوانين والتشريعات الجزائرية لجلب شركاء أجانب.
وأكد سليماني على وجود العديد من المواد التي يمكنها صنعها بالجزائر، كالورق، الزجاج، البلاستيك، الخشب، الحديد والصلب، وحتى المنتجات الغذائية المصنعة والتي تكون المنتجات الفلاحية مادتها الأولية.
مقترح.. بناء مناطق صناعية للكراء
من جانبه، قال المستشار الدولي في الاستثمار الصناعي، محمد سعيود، إن “تحويل المستورد إلى منتج محلي، يتطلب تسهيل الإجراءات الإدارية للسماح للمستثمرين بإنجاز مشاريعهم، ويجب أن تنجز هذه الإجراءات في وقت قياسي، حيث أكد أن لكل مشروع وفكرة وقت محدد للانجاز إذا تخطاه قد يصبح غير قابل للتطبيق في ظل التحولات المتسارعة في مختلف المجالات”.
كما شدد المتحدث ذاته، على “ضرورة الإسراع في منح العقار الصناعي، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين، ومنح الفرصة أمام الشباب أصحاب الأفكار والمشاريع، إذ يوجد منهم الآلاف القادرين على إحداث فارق كبير في الاقتصاد الوطني من خلال أفكارهم ومشاريعهم المبتكرة، سيما وأنهم شباب قادرون على التحكم في التكنولوجيا ومسايرتها”.
وأوضح سعيود هنا أن “أفضل حل لتسريع تنفيذ المشاريع الإستثمارية يكمن في بناء مناطق صناعية للكراء، وأن تكون هناك إجراءات مبسطة لدفع الكراء، على أساس دفتر شروط، وبأسعار مقبولة، بحيث لا يكون مرهونا بدفع مسبق لمدة عام أو عامين، إنما يكون لفترة زمنية أقل، فقد يكون كراء شهريا خاصة بالنسبة للشباب أصحاب المشاريع والأفكار الذين لا يملكون مقدرات مالية تمكنهم من دفع ثمن الكراء لمدة عامين مسبقا”.
كما اقترح أن يشارك الخواص في بناء هذه المناطق الصناعية وأن لا يكون الحمل كله على عاتق الدولة، حيث شدد على أن الرفع من النمو الاقتصادي لا يكون عن طريق المشاريع الممولة من قبل الحكومات، إنما بمشاركة قوية للخواص.
للتذكير، أفاد وزير التجارة وترقية الصادرات، الطيب زيتوني، أن المستوردين مدعوون ابتداء من 2024، للاستثمار في مشاريع منتجة، وهذا ضمن مسعى السلطات العمومية لترشيد واردات البلاد، لاسيما بخصوص المنتجات التي تملك الجزائر قدرات لإنتاجها محليا.
وقال إنه “سيتم بدءا من العام المقبل العمل بمعايير جديدة بالنسبة لنشاط الاستيراد حيث سيكون المستوردون مطالبين بالتوجه للاستثمار وإنتاج محليا المواد والسلع التي يستوردونها حاليا”.
رزيقة. خ