وصفت 20 شخصية وعلى رأسها وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي ورئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور والمحامي علي يحيى عبد النور والوزيران الأسبقان علي بن محمد وعبد العزيز رحابي والباحثان أرزقي فراد وناصرجابي، رئاسيات 12 ديسمبر المقبل بالمغامرة والقفزة في المجهول التي ستزيد من إحتقان الشارع وستعمق أزمة شرعية الحكم، داعية السلطة إلى إعادة قراءة الواقع بحكمة وواقعية لكون الظروف غير مواتية لتنظيم هذه الإستحقاقات.
وأضافت هذه الشخصيات في بيان لها، أمس، أن البلاد بحاجة ماسة لاجتماع كل الخيريين بهدف الخروج برؤية موحدة توافقية لأزمة البلاد و تجعل من الرئاسيات منطلقا لبعث حياة سياسية جديدة في إطار وحدة وطنية وأوردوا في بيانهم أمس: “إننا لا نتصور أن يكون الاستحقاق الرئاسي القادم إلا تتويجا لمسار الحوار والتوافق فبلادنا بحاجة ماسة الى اجتماع كل الخيرين للخروج برؤية موحدة تجعل من موعد الرئاسيات القادمة ليس هدفا لاستمرار النظام القائم ولو بحلة جديدة بل منطلقا لبعث حياة سياسية جديدة في إطار وحدة وطنية تتقوى بتنوعها الثقافي والسياسي فلاشك أن اتفاقا بهذا المستوى وتوافقا بهذا الحجم سيجنبان بلادنا خطر الانسداد ويجعلنا نعبر في نقلة نوعية كجسد واحد وليس أطرافا متصارعة”، وتابعوا: “إن المغامرة بانتخابات رئاسية وفق ما هو معلن عنه في التاريخ المحدد دون توافق وطني مسبق يجمع كل الأطراف هي قفزة في المجهول ستزيد من احتقان الشارع و تعميق أزمة شرعية الحكم، وقد تفتح الباب أمام التدخلات والإملاءات الخارجية المرفوضة في كل الحالات وتحت أي شكل من الأشكال وعليه لا يمكن تصور إجراء انتخابات حقيقية في هذه الأجواء.”
وأوردت في بيانها أيضا: “لم تجد السلطة من سبيل للخروج من أزمتها المزمنة إلا محاولة المرور نحو الانتخابات باسم الشرعية الدستورية من خلال تشكيل لجنة صورية للحوار لتمرير خارطة طريقها دون حوار حقيقيّ والنتيجة هي تشكيل سلطة وطنية مستقلة للانتخابات دون توافق مسبق مع الفاعلين السياسيين ونخب المجتمع حيث ضاعت الاستقلالية تحت وطأة التعيين العلني المفضوح لأعضائها وكان من الاصوب أن يُسند أمر استدعاء الهيئة الناخبة لهذه السلطة لو كانت فعلا توافقية مستقلة.”
ودعت هذه الشخصيات السلطة إلى إعادة قراءة الواقع بحكمة وواقعية حتى لا تقع في تناقض مع المطالب المشروعة للشعب في التغيير السلمي لآليات وممارسات الحكم وحتى لا تحرم – على حد تعبيرها- أجيال الاستقلال المفعمة بالوطنية من ممارسة حقها في بناء دولة عصرية بالروح النوفمبرية الجامعة التي نستحضرها اليوم عشية حلول ذكرى ثورة نوفمبر العظيمة وما تحمله من معاني النضال والتضحية وجمع الشمل والوفاء لرسالة الشهداء الأبرار كما قالت إن الأغلبية لا ترفض الانتخابات الرئاسية رفضا عدميا بل إن موقفها مبني على قناعات راسخة بما في ذلك من تحمسوا للانتخابات في بداية الأمر فقد وقف الجميع على حقيقة النظام الذي لازال يحتفظ لنفسه بمبدأ الرعاية الحصرية للشأن السياسي.
“السلطة لم تعبأ بكافة المبادرات السياسية للخروج من الأزمة”
وانتقدت الشخصيات الوطنية رفض السلطة القائمة لكل مبادرات الخروج من الأزمة التي اقترحتها شخصيات وجمعيات وأحزاب سياسية ومنتديات، وقالت :”مبادرات كثيرة تحت أشكال متعددة صدرت عن شخصيات وجمعيات وأحزاب سياسية ومنتديات لم تعبأ بها السلطة جميعا وظل النظام محافظا على أساليبه القديمة في التعامل مع هذه الثورة الشعبية السلمية ظنا منه إنها حدث عرضي فاكتفى بتوجيه الأنظار نحو محاربة الفساد لتخفيف الاحتقان الشعبي وإنه لمن البديهي أن سياسة محاربة هذه الآفة على أهميتها تقتضي أولا محاربة الاستبداد السياسي بإقامة نظام ديمقراطي على أساس التداول السلمي على السلطة والفصل بين السلطات واحترام استقلال القضاء وحقوق الإنسان الحريات الفردية والجماعية وتحقيق العدالة الاجتماعية.”
كما أكدت أنه وعلى الرغم من غياب إرادة سياسية لدى السلطة للاستجابة الكاملة لمطالب الحراك إلا أنه لا يزال هناك أمل في الوصول ودعت السلطة الى التعجيل بإتخاذ إجراءات التهدئة لتوفير الشروط الضرورية لانتخابات حرة و شفافة .
“الحراك الشعبي مطالب بالحفاظ على سلميته وتجنب خطاب الكراهية”
وأشارت مجموعة الشخصيات إلى أنه ليس من مسؤولية الحراك الشعبي أن يعطي حلولا سياسية جاهزة للانتقال من عهد طال أمده إلى عهد تعسرت ولادته بل يتمثل دوره الأساسي في تغيير موازين القوى ميدانيا لتمكين نخب المجتمع من أحزاب سياسية ونقابات وجمعيات وشخصيات من تقديم تصور شامل عن منظومة حكم جديدة تقوم على احترام سيادة الشعب في اختيار ممثليه لتسيير شؤون الدولة والمجتمع.
واعتبرت في السياق ذاته، أن استمرار الحراك الشعبي وإصراره على تحقيق مطالبه المشروعة في بسط سيادة الشعب على الدولة ومؤسساتها يعطي إجابة واضحة ومقنعة بأن المسار الذي انطلق يوم 22 فيفري لم يكتف بإسقاط العهدة الخامسة فقط بل كل الممارسات التي أوصلت البلاد الى ماهي عليه اليوم والتطلع إلى عهد جديد قوامه دولة القانون بمعايير بيان أول نوفمبر 1954 و جاء في بيانها :” فالحراك بقي محافظا على إصراره طيلة ثمانية أشهر ولم ينكفئ ولم يتراجع غير مكترث بمن يشكك فيه او يتساقط على طريقه او من يحاول استغلاله او استغفاله أو المراهنة على انقطاع نفسه.”
وأبرزت أنه في الوقت الذي السلطة مطالبة بتجسيد إجراءات التهدئة وتبني لغة الحوار للخروج من الأزمة فإن الحراك الشعبي في الوقت نفسه مطالب باليقظة وتفادي ما من شأنه التأثيرعلى سلميتة و حضاريتة من رفع الشعارات المسيئة للأشخاص أو المؤسسات وخطاب الكراهية المهدد للوحدة الوطنية .”وذكرت: “إننا بقدر ما نلح على هذه الاجراءات المسبقة لفتح الطريق أمام الحل الدائم للأزمة السياسية بقدرما ندعو الجميع في الحراك إلى التحلي بأقصى درجات اليقظة وضبط النفس وتجنب استعمال العبارات الجارحة أو رفع الشعارات المسيئة للأشخاص او المؤسسات ونبذ الفتنة وخطاب الكراهية المهدد للوحدة الوطنية .”
ومن أبرز الشخصيات التي وقعت على البيان كل من أحمد طالب الإبراهيمي وعلي يحيى عبد النور محامي وأحمد بن بيتور وعلي بن محمد وعبد العزيز رحابي نور الدين بن يسعد محامي وصادق دزيري والياس مرابط أرزقي فراد والشيخ الهادي الحسني وناصر جابي.
زينب بن عزوز