الثلاثاء , أكتوبر 1 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الوطني / مختصون اجتماعيون وأمنيون وأئمة يدقون ناقوس الخطر:
الجرائم الأسرية.. “كابوس” المجتمع الجزائري!

مختصون اجتماعيون وأمنيون وأئمة يدقون ناقوس الخطر:
الجرائم الأسرية.. “كابوس” المجتمع الجزائري!

توالت أخبار جرائم القتل وسط العائلات الجزائرية بشكل غير مسبوق، بحيث أخذت منعرجا خطيرا في الأسابيع الأخيرة، الأمر الذي حرك مصالح الشرطة القضائية التي استطاعت في إطار مكافحة الجريمة خلال شهر سبتمبر الفارط فقط معالجة 2741 قضية، وأفضت إلى إيقاف 3178 مشتبه تم تقديمهم أمام الجهات القضائية المختصة.
بدأ الأسبوع الجاري بخبر مروع، مفاده قيام رب أسرة في إحدى بلديات ولاية سطيف بخنق زوجته وثلاث من أبنائه مخلفا أربعة ضحايا، ولم يطل الجاني كثيرا ليقدم نفسه لمصالح الدرك الوطني، وسبب الجريمة هو خلاف بين الزوجين حول السكن !.
في غضون أسبوع اهتزت مختلف مناطق الوطن على ثلاث جرائم نسب، قتل فيها 6 أشخاص من بينهم امرأتان تسبب فيها أزواج غاضبون، آخرها جريمة أولاد فايت التي ذبح فيها زوج زوجته بدم بارد، جريمة اهتز على إثرها سكان البلدية، وفي غضون ساعات قليلة بعده حدث نفس السيناريو في سيدي بلعباس، حيث أقدم شرطي أربعيني على قتل طليقته وأبيها وأختها وإصابة أختها الكبرى وخالها بطريقة مستوحاة من “أفلام الجريمة”، مستعملا سلاحه الأوتوماتيكي في العملية.
وحول خلفيات القتل، أكد السكان المحيطين ببيت العائلة أن “الخلافات المتراكمة بين القاتل وطليقته التي رفعت عليه قضية خلع منذ عامين كانت السبب المباشر”، وهو ما لم يتقبله الجاني ليدخل مع أهلها في مناوشات حادة انتهت بالكشف عن مسدسه الذي يحوز عليه تحت الشرعية الوظيفية، والتصويب على كافة الموجودين بالبيت ليفرغ مشط مسدسه على كامل أفراد العائلة متسببا في مجزرة مأساوية، قبل أن يقدم على الانتحار في بيته.
كما فعلت الخلافات الأسرية فعلتها مرة أخرى بعد 24 ساعة ،حيث أقدم شخص وهو مؤذن بمسجد بولاية ورقلة على وضع حد لحياة زوجته الحامل البالغة من العمر 34 سنة في منزلهم العائلي قبل لحظات من آذان صلاة المغرب، وبالرجوع إلى فصول الواقعة فإن الحادثة التي هزت أرجاء حي المخادمة الشعبي بولاية ورقلة اقترفها زوج يعاني من اضطرابات نفسية خطيرة.
وفي السياق نفسه، اهتز الرأي العام على وقع جريمة شنعاء أخرى بعد أن أقدم زوج على قتل زوجته بذات المنطقة ليقوم بعدها بعملية تمثيلية ويزعم أنه عثر على زوجته جثة هامدة إلا أن الشرطة كانت بالمرصاد وكشفت ملابسات القضية، إلا أن الجريمة هذه المرة أعادت إحياء ذاكرة السكان لما حدث، حيث أقدم الزوج على ذبح زوجته البالغة من العمر 38 سنة بطريقة أقل ما يقال عنها أنها وحشية باستعمال سكين بطريقة مستوحاة من أفلام الرعب لأسباب مجهولة، إلا أن الجيران أجمعوا على أن الخلافات اليومية بين الزوجين كانت بمثابة الدافع غير المبرر الذي أدى بالزوج إلى قتل زوجته بهذه الطريقة.
كل هذه الجرائم التي حصلت انبثقت من مساكن عائلة بعدما كنا نسمع عن قتلى في الطرقات والأماكن المشبوهة المسكن العائلي، والمشكل أنها أخذت منحى تصاعديا فسرها المختصون بأنها راجعة للخلافات اليومية التي تنشب بين الزوجين لتبلغ جريمة القتل، ويقول المحامون المختصون في الشؤون الاجتماعية أن الوصول إلى النتائج الحقيقية لإقدام زوج على قتل زوجته يتطلب الوصول أولا إلى الوضعية التي تعيشها هذه العائلات، وظروفها الاجتماعية، ليتبين السبب المباشر لإقدام الزوج على قتل زوجته أو أبنائه والعكس، إلا أن هذه الجرائم الثلاث التي راح ضحيتها 6 أشخاص وقعت في 48 ساعة فقط مما يشير إلى خطورة الوضع وسط تساؤلات حول حقيقة الأسباب التي دفعت الأزواج إلى قتل زوجاتهم أو الأخ لأخيه أو حتى لأطفاله.
وفي عنابة، اقترفت جريمة أبشع من سابقاتها وخلفت ذعرا في أوساط الجزائريين، دون نسيان عودة ظاهرة اختطاف الأطفال واغتصابهم، بعد وقت من انحسار هذه الظاهرة الخطيرة، هذا رغم تطمينات للأمن الولائي ووصفها بإشاعات لخلق الرعب في العائلات الجزائرية، وأن مصالح الأمن لم تتلق أي شكوى أو تبليغ بحالة اختطاف أو اغتصاب أطفال من طرف شخص مجهول في حق الفئات الهشة، يبقى توخي الحذر وإقامة المزيد من التحريات في هذا الصدد.

المختصة في علم الاجتماع أمينة حيرش:
“العنف مرده أزمة الاتصال في المجتمع”
وحسب المختصة في علم الاجتماع أمينة حيرش فإن العنف الاجتماعي يرجع إلى مشكلة “أزمة تواصل في المجتمع الجزائري”، مرجعة أن الكبت هو من أهم الأسباب التي أدت لتفاقم هذه الظاهرة علاوة على الظروف المعيشية الصعبة والخوف من الأزمة التي تمر بها البلد
وأضافت أمينة حيرش أن ما “يلاحظه المختصون الاجتماعيون في أن ظاهرة الجرائم تعدت الأشخاص غير أسوياء والمضطربين نفسيا الذين لديهم صراعات نفسية إلى المواطنين الذين لديهم مكانة مرموقة في المجتمع”، موضحة التدهور الملحوظ في سلم القيم على غرار الأسرة المتفككة إلى “عزل الوالدين عن الأبناء، بسبب تكنولوجيات الحديثة دون غربلة التكنولوجيا المستورة التي تتنافى مع القيم الاجتماعية، حيث طغت على تفكير المراهقين”.
وتساءلت المختصة الاجتماعية عن لغة العنف التي طغت في المجتمع الجزائري، حيث أصبح العنف اللفظي بديل عن التواصل، والمشاكل الأسرية والتوتر بسبب طغيان الأنانية داخل الأسر وعدم استقرار الأبناء، موضحة أن “من يلتجأ إلى اقتراف الجرائم الشنعاء ليس من فراغ وإنما نتيجة تدهور المفاهيم ومشاهدة الأفلام العنيفة حيث يتبناه أشخاص يعيشون في تنشئة غير سليمة ومع مرور الزمن يتحولون إلى أشخاص عير متساوين”.

العميد اعمر لعروم مدير الاتصال بالمديرية العامة للأمن الوطني:
“نعوّل على الإعلام الأمني للوقاية من الجريمة”
من جانبه، أوضح مدير الاتصال بالمديرية العامة للأمن الوطني، عميد أول للشرطة اعمر لعروم الأهمية التي يلعبها مجال الإعلام بشكل عام ومجال الإعلام الأمني بشكل خاص في نشر الأخبار الصحيحة ومد الرأي العام بالمعلومات الصحيحة للمساهمة في حماية المجتمع من كل أشكال الجريمة، ودعا لعروم المواطنين إلى “عدم الانسياق وراء الإشاعات المتداولة عبر صفحات التواصل الاجتماعي”، حيث طالب المتحدث إلى “التركيز على المصطلحات الأمنية التي يتم تناولها من قبل وسائل الإعلام، وذلك تفاديا لسوء الفهم والمغالطات التي من شأنها أن تضلل الرأي العام، وتساهم في ترقية الإعلام الأمني الهادف إلى تعزيز الثقة بين المواطن والشرطة والوصول إلى مرحلة التعاون مع الشرطة للكشف عن الجرائم أو تداركها قبل وقوعها”.
وفي ذات الصدد، اعتبر رئيس خلية الاتصال والصحافة ، عميد أو للشرطة أعمر لعروم أن “تظافر الجهود هو المحرك الأساسي لأي نشاط مجتمعي جواري ناجح”، مضيفا أن المديرية العامة للأمن الوطني تعتبر الإعلام الأمني من الأولويات التي تسعى لتجسيدها بكل حزم وفق منظومة أمنية وطنية، للمحافظة على النظام العام وحماية المواطن والممتلكات.

رئيس التنسيقية الوطنية للأئمة جلول حجيمي:
“المجتمع الجزائري يعاني أزمة أخلاقية”
أوضح رئيس التنسيقية الوطنية للائمة جلول حجيمي أن “نقص الوازع الديني وذهاب الأئمة إلى المسائل السياسية متناسين الجانب الأخلاقي والاجتماعي ولد فجوة بين الجانب الديني والمواطنين، مما يستوجب على الأئمة التركيز على الدعوة الأخلاقية.
وأضاف حجيمي أن ظاهرة الجرائم في الجزائر والقتل في أوساط العائلات “مشكل عويص يحتاج إلى دراسات حول خطب مدروسة”، مبينا أن “الأئمة كان لهم نصيب من ظاهرة الاعتداءات حيث وجدوا أنفسهم من دون حماية وعرضة للاعتداء”، وأضاف أن هناك “فجوة في منظومة الدينية في الجزائر يجب تداركها ومتابعة لخلفيات الجرائم للوصول إلى حلول جذرية”.
وفي هذا الصدد، قال جلول حجيمي إنه “من قبل كانت أسباب الجرائم معلومة بحيث ارتبطت بالمخدرات والإدمان لبعض الفئات المهمشة من المجتمع ولكن الآن تغلغلت إلى الأسر الجزائرية بين الأزواج والنسب، وكذلك “موضة” الخلع، مضيفا أنه من “واجب المصالح الوصية معالجة الآفات الاجتماعية من خلال تقليص البطالة والعنوسة، وطرح مشكل العصبية الزائدة لدى المواطن الجزائري والذي أرجعه المتحدث ذاته، إلى كل ما تمر به البلاد حاليا من عدم استقرار”.
أميرة أمكيدش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super