تحاول الجزائر استرجاع وهجها على الساحة الإفريقية بعد غياب ملحوظ، نظرا لأسباب معينة أثرت في مردوديتها الخارجية على المستوى القاري خاصة أن حضور الجزائر في إفريقيا قديم ويعود إلى السنوات الأولى لاستقلالها، وتستمد الدبلوماسية الجزائرية إرادتها من خلال ريادة الجزائر العسكرية والأمنية خاصة في مكافحة الإرهاب في ظل نقص تعاونها الاقتصادي مع دول القارة وتراجع استثماراتها بالرغم من إمكانياتها المادية المهمة.
تدريب “قوات نخبة” إفريقية في الجزائر
اعتمدت الدبلوماسية الجزائرية على “وهج” استضافتها لقمة 5+5 الخاصة بالبرلمانات ووزراء خارجية دول غرب المتوسط، ورئاستها الدورية للسنة الحالية للمجموعة من الجهة الجنوبية للضفة لتمرير عدة رسائل على الصعيد الإفريقي والدولي في قضايا أساسية، حاولت الجزائر عبر وزير الخارجية عبد القادر مساهل التركيز على عدة ملفات تهم البلدان الإفريقية فيما تعلق بالهجرة السرية ومكافحة الإرهاب والتنمية، حيث كشف وزير الخارجية، في حوار مع الإذاعة الوطنية أن الجزائر تدرب عددا من ” عناصر النخبة ” المنتمية إلى دول إفريقية، بينها مالي والنيجر، لمكافحة الإرهاب، وقال عبد القادر مساهل إن التكوين العسكري مهم لهذه الدول من أجل استتباب الأمن على أراضيها، مشيرا أن هذا التكوين يتم بـ ” منطقة صحراوية “. وأكد الوزير مساهل أن الجزائر قدمت مساعدات لوجيستية وعسكرية لهذه الدول، وصلت إلى 100 مليون دولار خلال العشر سنوات الأخيرة، و” هي المجهودات التي تدخل أيضا في تأمين الجزائر أولا والتضامن مع دول الجوار “. وهي نفس التصريحات التي أطلقها الوزير الأول أحمد أويحيى خلال آخر قمة إفريقيا-أوروبا بكوت ديفوار، حيث أعلم الرأي العام بحقيقة الأموال التي وزعتها الجزائر على دول الساحل مجتمعة خاصة مالي والنيجر في إطار تعزيز التعاون الأمني لمكافحة الإرهاب، قائلا أن الجزائر ” منحت ما يفوق 100 مليون دولار مساعدات على مدى 8 سنوات لكل من التشاد والنيجر ومالي وموريطانيا تتمثل في بناء قواعد عسكرية وتكوين القوات الخاصة لتلك الدول بالإضافة إلى منح العتاد العسكري المتطور “، كما أن الجزائر ساهمت بتجربتها في مجال مكافحة الإرهاب من خلال مجلس رؤساء أركان بلدان لجنة الأركان العملياتية المشتركة لدول الساحل الذي كان يضم ( الجزائر ومالي والنيجر والتشاد)، المعنية بظاهرة الإرهاب العابر للحدود، وذلك منذ أكثر من 10 سنوات، وحاول أويحيى إظهار المساعدات والخبرات التي قدمتها الجزائر لجيرانها الأفارقة في المجال الأمني والعسكري بطريقة ” قوية ” ومقارنتها مع ما قدمه الإتحاد الأوروبي بدوله القوية اقتصاديا لهذه البلدان الهشة، وهو المتكون من 28 دولة عضو، إلى المجموعة الخمسة الإفريقية، حيث لم تتجاوز قيمة مساعداته 50 مليون دولار، كما أن الجزائر بذلت مجهودات مضاعفة في ميدان مساعدة الدول الإفريقية في مكافحة الإرهاب، هذا ما يتناوله معظم المسؤوليين عند فتحهم ملفات التعاون مع إفريقيا. وهي النقطة الأساسية التي تعتمدها الحكومة في إطار انفتاحها على الدول الإفريقية، وهذا كذلك ما يريده الأفارقة من الجزائر وهم يعانون من أزمات أمنية شديدة أثرت على توازناتهم الاقتصادية والتنموية بفعل نشاطات الحركات الإرهابية وعودة مقاتلي ” داعش ” من الشرق الأوسط نحو البلدان التي تعاني الفراغ الأمني في القارة السمراء.
قيادة الجزائر للأفريبول
ساهمت الجزائر بمجهوداتها في إنشاء ” الأفريبول ” أو منظمة الشرطة الجنائية الإفريقية سنة 2015، وهي المنظمة التي تسهل تبادل المعلومات بين قوات الشرطة الوطنية بخصوص الجريمة الدولية والإرهاب والمخدرات والاتجار بالأسلحة، في إفريقيا، كما أنها أكبر منظمة شرطة في القارة الإفريقية، مقرها بالجزائر. كما تم انتخاب الجزائر على رأس آلية الاتحاد الإفريقي للتعاون في مجال الشرطة خلال أشغال الجمعية العامة الأولى التي انعقدت بالجزائر العاصمة، وتلعب الجزائر داخلها دور مهم في إطار التعاون بين أجهزة الشرطة الإفريقية من خلال وضع أنظمة اتصال عصرية في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للأوطان. وفي نفس الاتجاه شكلت المديرية العامة للأمن الوطني مؤخرا نظام الاتصال الشرطي لأفريبول من أجل ” تعاون شرطي أفريقي فعال ” حسب ما أوضحه العميد أول للشرطة عباد بن يمينة مدير التعاون الدولي لدى المديرية العامة للأمن الوطني، وتربط هذه الآلية الخاصة بالاتصال التي أعدها خبراء مؤهلون بين الدول الأفريقية من خلال قاعدة بيانات مشتركة متعلقة على وجه الخصوص بالأشخاص المبحوث عنهم أو البلاغات ذات الصلة بـ” المكافحة الفعالة لمختلف أشكال الجريمة “.
إسلام كعبش