قرأ مراقبون بيان وزارة الشؤون الخارجية الداعي إلى تنظيم اجتماع مجلس وزراء الخارجية لاتحاد المغرب العربي في “أقرب وقت ممكن” في خانة حسن نوايا الجزائر تجاه الأشقاء في دول المغرب العربي، في ظل واقع أمني واقتصادي إقليمي يفرض على الدول الخمسة التكتل والتعاون فيما بينها لحماية أمنها القومي ومواجهة تحديات الهجرة غير الشرعية والتنمية وباقي المخاطر الأمنية. تريد الجزائر عقد اجتماع لمجلس وزراء خارجية “دول اتحاد المغرب العربي”، وهو الأول منذ سنتين، حيث كان آخر اجتماع تم عقده يعود إلى سنة 2016، وتبحث الجزائر بدعوتها الصريحة لعقد “قمة” وزارية للاتحاد المغاربي “المشلول” بعث رسائل عدة إلى جهات إقليمية فاعلة وقارية وحتى دولية مفادها أن اتحاد المغرب العربي سيبقى البيت الكبير الذي يجمع الأشقاء ويحل مشاكلهم من دون أن يتدخل أي طرف خارجي في أمورهم الداخلية، رغم كل التصدعات التي مست جدرانه خلال السنوات الماضية، كما أنّ مشاكل أبناء الدار تحل في الدار وليس خارجه.. هكذا تريد أن تقول الجزائر.. مبرزة في السياق ذاته أن الاتحاد المغاربي لا يزال مشروعا يحضى بأولوية السياسة الخارجية الجزائرية بعدما “ذبحته” في المهد أطراف مختلفة، وأعلنت “موته السريري” من دون العودة إلى الحضن المغاربي.. فهل وضعت الجزائر الأشقاء في الدول المغاربية أمام الأمر الواقع لإبراز نيتهم الحقيقية في فتح صفحة جديدة داخل فضاء الاتحاد المغاربي ؟؟. قرأ ابراهيم لوحية رئيس لجنة الشؤون الخارجية سابقا في مجلس الأمة، بيان وزارة الشؤون الخارجية بأنه “يأتي في سياق طبيعي للسياسة الخارجية للجزائر التي كانت دائما تلحّ على تفعيل هياكل ومؤسسات اتحاد المغرب العربي للوصول إلى مغرب عربي موحد”. ونفى ابراهيم بولحية في اتصال مع “الجزائر” أمس، أن تكون دعوة الجزائر إلى اجتماع وزراء خارجية دول المغرب العربي ردا على مبادرة العاهل المغربي الذي طالب من الجزائر الجلوس إلى طاولة الحوار المباشر وفق آلية عمل، حيث قال المتحدث أن الجزائر ليس من طبيعة عمل دبلوماستها “ردود الفعل”. وأبرز القيادي السابق في جبهة التحرير الوطني ابراهيم بولحية جهود الجزائر في بناء وتفعيل عمل الاتحاد المغاربي منذ سنة 1989، مشيرا إلى “توقيعها إلى 37 اتفاقية والمصادقة عليها داخل مؤسسة المغرب العربي في حين أن هناك دول تتباكى على هذا الاتحاد لم تصادق إلا إلى 6 اتفاقيات وتنصلت من الباقي”، مضيفا أن الجزائر “سباقة في تأسيس وتنشيط هياكل الاتحاد من بينها آلية الرئاسة التي ساهمت الجزائر في وضعها على أرض الواقع”. ودعا ابراهيم بولحية الأمين العام لاتحاد المغرب العربي الطيب البكوش لأن يكون “أداة لتقريب وجهات النظر في إطار حيادي من دون التخندق مع طرف ضد آخر”. من جهته، أكد اسماعيل دبش المحلل السياسي أن دعوة الجزائر لعقد قمة لوزراء خارجية دول الاتحاد المغاربي في القريب العاجل “ليست فكرة جديدة”، وتابع المتحدث “الجزائر دعت مرارا إلى الحوار والتوافق المغاربي لمعالجة مشاكل المنطقة الأمنية والاقتصادية في ظل احترام سيادة الشعوب”. وأشار أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر، اسماعيل دبش إلى أن “الملك المغربي دعا في خطابه الأخير، إلى إنشاء آلية للحوار مع الجزائر، ولكن هذه الأخيرة تدعو إلى تفعيل اتحاد المغرب العربي، ومجلس شورى الإتحاد موجود في الجزائر يمكنه لعب هذا الدور”. ويرى اسماعيل دبش بأن “أنابيب الغاز المارة عبر أراضي المغرب وتونس نحو إسبانيا وإيطاليا على التوالي إضافة إلى فتح معبر بري مع الجارة موريتانيا رسائل من الجزائر على إيمانها بالاتحاد المغاربي، في حين أن الكثير من دوله لم تقدم شيئا له”. إسلام كعبش