باتت ندرة الأدوية على رفوف الصيدليات، ظاهرة اعتاد عليها الجزائريون، خاصة منذ فرض الحكومة قيودا على عمليات الاستيراد وإخضاعها لرخص إدارية منذ مطلع عام 2015، بعد تهاوي عائدات النفط بحوالي ثلثي الحجم المعتاد.
حذر مسؤولون بقطاع الصيدلة ورئيس عمادة الأطباء بالجزائر من أزمة دواء خانقة تلوح في الأفق بعد اختفاء أكثر من 250 صنفا من الأدوية في الأيام الأخيرة، مؤكدين أن احتواء الوضع سيكون في أجل أقصاه نصف سنة.
ووجه المسؤولون في قطاع الصيدلة في حديثهم لـ ” الجزائر “، اصابع الاتهام الى وزارة التجارة بعد تأخرها في الإفراج عن الرخص التي يتم بموجبها استيراد الأدوية وكذلك المواد الأولية التي تدخل في التصنيع.
رئيس عمادة الأطباء، بقاط بركاني:
الجزائر ستعيش ندرة دواء لمدة 04 أشهر على الأقل
أكد رئيس عمادة الاطباء بقاط بركاني أن الجزائر ستعيش لا محالة أزمة دواء ونفاذ المخزون، بعد تماطل وزارة الصحة في ارسال طلبيتها الى المخابر الكبرى العالمية قبل نفاذ المخزون، مشيرا الى ان احتواء الوضع لن يقل على أربعة أشهر الى نصف سنة.
وأوضح بركاني، أن غياب التواصل والتنسيق بين مختلف الهيئات المعنية بملف الأدوية ساهم في خلق الفوضى، واعتبر أن منع الدولة استيراد الأدوية المصنعة محليا أمر جيد إلا أنه سجل غياب تشجيع إنتاج بعض الأدوية التي تكلف الدولة أموالا كبيرة لاستيرادها منها أدوية السرطان التي تمثل 50 بالمائة من ميزانية الصيدلية المركزية للمستشفيات، وهي الأدوية التي ستعرف حسب المتحدث ارتفاعا مستمرا مما يستدعي تحفيز إنتاج ولو البعض منها محليا بإعفاء الصانعين من الضرائب وتخفيف إجراءات استيراد المادة الأولية التي تدخل في صناعتها.
رئيس النقابة الجزائرية للصيادلة الخواص، مسعود بلعمري:
أدوية الأمراض المزمنة متوفرة والندرة ستنتهي في 06 أشهر
قال رئيس النقابة الجزائرية للصيادلة الخواص مسعود بلعمري، ان الجزائر تعيش حقيقة تذبذبا في بعض الأدوية وندرة في أخرى، الا ان الامور ستعود الى نصابها في غضون 04 أشهر.
وكذب بلعمري ما تداولته بعض وسائل الاعلام بخصوص ندرة في ادوية الامراض المزمنة، مشيرا في هذا الصدد الى ان الجزائر تحتوي على مخزون يقدر بحوالي 95% ، وهو ما يكفي لتغطية الطلب الوطني لسنة.
وكشف رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص، عن قائمة بخمسين دواء مفقودا في الجزائر، منها أدوية منتجة محليا، على غرار حقن مضادات الالتهاب وحقن المضادات الحيوية، وأخرى مستوردة، كما أعلن عن تشكيل خلية يقظة من طرف وزارة الصحة مكونة من ممثلين عن الصيادلة ومنتجي الدواء ومستورديه، حيث ستتكفل هذه الأخيرة بتقدير احتياجات السوق من الدواء، وإشعار أية ندرة قبل 3 أشهر من نفاد المخزون، سواء كان محليا أو مستوردا، وهو ما سيحمي السوق من تذبذب التموين بالدواء.
وأضاف المتحدث أن الوزارة سارعت هذه السنة لمنع تكرار سيناريو ندرة الأدوية الذي عاشه الجزائريون السنة الماضية عبر توقيع برامج الاستيراد شهر نوفمبر الماضي، وبداية تقدير احتياجات السوق شهر أكتوبر 2017، وشدد على أن إجراءات التنقل بين المخابر وطلب الاستيراد والتوطين والشحن كلها تستغرق 3 أشهر على الأقل.
ويتعلق الأمر بالدرجة الأولى حسب بلعمري، بالمضادات الحيوية ومضادات الالتهاب، التي تنتجها 3 مصانع في الجزائر، إلا أن هذه الأخيرة عاجزة عن ضمان تموين السوق بكافة احتياجاتها من هذا الدواء.
من جهة أخرى، دعا بلعمري الى تكوين الصيادلة لتنمية الصناعة الصيدلانية في الجزائر، مشيرا الى أن المنتجين المحليين يلجأون إلى التكوين بإمكانياتهم الخاصة في الجامعات الأوروبية كصيادلة متخصصين في الصناعة الصيدلانية، حيث شدد على التكوين الإجباري في إطار الاستثمار و الدخول في الشراكة مع الأجنبي لضمان نوعية المنتجات المصنعة محليا.
رئيس الإتحاد الجزائري للمتعاملين في الصيدلة، عبد الوحيد كرار:
عدم الإفراج عن رخص الاستيراد أدى إلى تسويق “مخزون الأمان”
كشف رئيس الاتحاد الجزائري للمتعاملين في الصيدلة، عبد الوحيد كرار أن عدم الإفراج عن رخص الاستيراد أدى إلى تسويق “مخزون الأمان” لدى الكثير من المنتجين والمستوردين.
وأضاف أن المتعاملين في إنتاج وتسويق الأدوية اقترحوا على وزارة الصحة تشكيل لجنة تضم ممثلين عن المنتجين المحليين والمستوردين تحت رئاسة وزير الصحة، مهمتها إيجاد حلول للاضطرابات التي تشهدها السوق، إذ لا يمكن لوزارة التجارة أن تحدد مصير سوق الأدوية، وهو الاقتراح الذي قبلته وزارة الصحة مؤخرا”.
للاشارة، فقد بلغت قيمة واردات الجزائر من الأدوية الموجهة للاستخدام البشري إلى 1.5 مليار دولار خلال العام الماضي 2017، مقابل 1.9 مليار دولار في 2016.
ولكبح فاتورة الاستيراد، اعتمدت الحكومة تدابير لضبط الواردات من خلال تشجيع الإنتاج المحلي، منها إصدار منشور وزاري في ديسمبر 2016، حدد قائمة الأدوية المصنعة في الجزائر والممنوعة من الاستيراد تماما، لتوفير النقد الأجنبي.
كما تم تحديد قائمة المنتجات الصيدلية ذات الاستعمال البشري، والمعدات الطبية المصنعة بالجزائر الممنوعة من الاستيراد، والتي بلغ عددها 357 صنفا، بالإضافة إلى 11 صنفاً مدرجا ضمن المعدات الطبية المصنعة محليا كالحقن والضمادات.
نسرين محفوف