غابت الجزائر عن الحضور عند إعلان إطلاق التحالف العسكري الإسلامي ضد الإرهاب بالرياض، وهو التحالف الثاني الذي تقوده المملكة العربية السعودية بعد التحالف العربي الذي يقود الحرب ضد جماعة الحوثيين في اليمن، ويجمع الحلف الأخير ما تعرف بالدول “السنية” في وقت غابت الدول المتهمة بالوقوع تحت النفوذ الإيراني الشيعي كالعراق وسوريا.
غابت الجزائر إضافة إلى إيران، سوريا، العراق، عن هذا التحالف العسكري الذي أعلن على نية إنشاءه لأول مرة في ديسمبر 2015 في حين تشارك في هذا التحالف كل من السعودية التي تقوده بصفة غير مباشرة، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، سلطنة عمان، الكويت، قطر، الأردن، فلسطين، لبنان، تركيا، أفغانستان، باكستان، بنغلادش، بروناي، بنين، تشاد، أوغندا، توغو، جزر القمر، جزر المالديف، جيبوتي، ساحل العاج، السنغال، السودان، سيراليون، الصومال، الغابون، غينيا، غينيا بيساو، غامبيا، بوركينا فاسو، ليبيا، مالي، ماليزيا، مصر، المغرب، تونس، موريتانيا، النيجر، نيجيريا، اليمن. وترفض الجزائر المشاركة في التحالفات العسكرية الإقليمية والدولية بالرغم من حضورها القوي في مجال مكافحة الجماعات الإرهابية، وهذا منذ التسعينات حيث خاض الجيش الجزائري الحرب ضد الجماعات الإرهابية المسلحة، كما أن الجزائر لديها تجربة واسعة في هذا المجال تؤهلها حسب العديد من قادة الدول الغربية لأن تكون محور لأي خطة عسكرية ضد الإرهاب، وعلى هذا الأساس حاولت فرنسا وبعدها الولايات المتحدة إدخال الجزائر في مستنقعاتها في ليبيا والساحل الإفريقي، لكن من دون جدوى، ومن هذا المنطلق ترفض القيادة الجزائرية الزج بالجيش الوطني الشعبي في مهمات خارج الحدود وترى أن الجزائر رائدة في مكافحة الإرهاب وليست تابعة لهذه الدول التي تعتبر حديثة التجربة مقارنة بالجزائر، وفي نفس الوقت لم يقدم هذا التحالف العسكري الذي يقوده من الخلف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تعريفا شافيا لهوية التنظيمات الإرهابية التي يود محاربتها في ظل تنافس إقليمي شرس بين السعودية وإيران في منطقة الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي تعتبر السعودية وحلفاءها حزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن تنظيمات إرهابية لا توافق الجزائر على هذا الموقف، وتبقى تنسج علاقات مميزة مع طهران في نفس الوقت تواصل تبني اعتماد علاقات جيدة مع الرياض مقدمة المصالح الاقتصادية على باقي القضايا السياسية التي لا توافقها الجزائر التي تحسب على المحور الروسي الإيراني في المنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أن السعودية اختارت الجنرال الباكستاني ” رحيل شريف ” لقيادة هذا التحالف العسكري الإسلامي في محاولة من الرياض لاستمالة القيادة الباكستانية إلى صفها، خاصة بعد أن أظهرت هذه الأخيرة في الآونة الأخيرة ميولات نحو ” العدو ” الحالي للممكلة إيران. في حين فضلت المملكة أن تكون الرياض مقرا للتحالف، وكانت إيران قد أبدت معارضتها على اختيار رحيل شريف قائدا عسكريا للتحالف، وحاولت الضغط كثيرا على باكستان، إذ أن طهران أبلغت إسلام أباد رسميا بأن لديها ملاحظات حول موافقة الأخيرة على تعيين شريف في هذا المنصب. وكان ” رحيل شريف ” خلال عمله سابقا قائدا للجيش الباكستاني قد صعد لهجة الحديث تجاه إيران، معتبرا أي تهديد للسعودية سيثير ردا قويا من جهة باكستان.
العقيد المتقاعد عبد الحميد العربي الشريف لـ ” الجزائر ” :
“الجزائر ترفض أن تحارب حركات المقاومة باسم الإرهاب”
وصف العقيد المتقاعد عبد الحميد العربي الشريف التحالف العسكري الإسلامي المشكل مؤخرا، بأنه ” تحالف عدواني “، وأرجع في حديث مع ” الجزائر ” أمس، رفض الجزائر المشاركة فيه، إلى مواقف الجزائر الثابتة والرافضة ” تصنيف حركات المقاومة كحزب الله وحماس في خانة التنظيمات الإرهابية “، وأكد الخبير الأمني العربي الشريف أن تحالف عسكري مثل هذا المشكل في ظرف سنتين هو ” توظيف لصراع مصالح محتدم في المنطقة ترفض الجزائر أن تكون في سلة واحدة مع بقية الدول المشاركة “. كما أشار المتحدث إلى أنه بالرغم من العلاقات الدبلوماسية الجيدة التي تربط الجزائر بالمملكة السعودية ” إلا أننا لا نفرط في استقلالية سياستنا الخارجية وغيورين على سيادتنا “، من جانب آخر، شدد العقيد المتقاعد عبد الحميد العربي الشريف على أنه انطلاقا من مؤشرات ولادة تحالف جديد في منطقة الشرق الأوسط تقوده السعودية وإسرائيل فإن الجزائر ” ترفض المشاركة تحت أي أجندة عسكرية أمريكو صهيونية في المنطقة “.
وفي نفس الإطار، قال العقيد طيار أركان الحرب السعودي سعيد الذيابي لـ قناة ” فرانس24″ بخصوص غياب الجزائر عن المشاركة في هذا التحالف العسكري الإسلامي ” الجزائر دولة قوية وكلمتها مسموعة، التحالف فيه 41 دولة والباب مفتوح لباقي الدول، نسعى لمحاولة إقناع الجزائر بالمشاركة في هذا التحالف برغم التحفظات، وهناك سعي للتعاون معها في المجال الاستخباراتي برغم عدم عضويتها في التحالف “. وأشار الخبير الأمني الدكتور أحمد عظيمي، في تصريح لنفس القناة ” إن التحالف الإسلامي لا يعني أي شيء لنا على اعتبار أن الدول المشاركة فيه فاقدة للقرار وخاضعة للنفوذ الغربي” على حد تعبيره. وأضاف عظيمي العقيد المتقاعد عن الجيش ” إذا كان الهدف هو تحرير الدول العربية والدفاع عنها فأهلا به، لكن في إطار مواجهة دول إسلامية فلا يمكن للجزائر أن تبارك التحالف “. وأرجع أحمد عظيمي السبب المباشر لعدم مشاركة الجزائر في ” التحالف الإسلامي العسكري”، إلى الجانب القانوني والإيديولوجي، والذي يتمثل أساسا في عدم قانونية مشاركة الجيش الجزائري في أي صراع مسلح خارج الحدود، كما قال الدكتور عظيمي عن إيران التي تتهمها السعودية بدعم الإرهاب، وعن تصنيف “حزب الله” اللبناني تنظيما إرهابيا ” في رأيي الشخصي، إيران من حقها بناء نفسها والدفاع عن مصالحها، وفي الجزائر، لا يمكن أن نعتبر حزب الله اللبناني إرهابيا، حيث إنه يدافع عن وطنه وأرضه ضد الاحتلال الإسرائيلي “، أما عن التنسيق مع ” التحالف الإسلامي العسكري “، فقال عظيمي ” ليس من مصلحة الجزائر ولا يمكن لها التعاون أو التنسيق مع التحالف العسكري الإسلامي “.
إسلام كعبش
أدارت ظهرها مرة أخرى للسعودية :
الوسومmain_post