تستعد الجزائر في الأيام القليلة القادمة لإطلاق عدة مبادرات بهدف إيجاد حلول سلمية للأزمة الليبية “بين الليبيين فقط“، وأكدت أن “لغة المدفعية ليست هي الحل، بل التشاور والتحاور بين الأطراف المتنازعة الليبية“، والتي قالت إنها تقف على نفس المسافة بينها، في الوقت الذي سارعت أيضا إلى إرسال أطنان من المساعدات الإنسانية لهذا البلد الجار “لإرساء دور الجزائر الإنساني كمرحلة أولى ثم السياسي“.
وقال وزير الشؤون الخارجية، صبري بوقادوم، أن الجزائر ستقوم “في “الأيام القليلة القادمة” بالعديد من “المبادرات” في اتجاه الحل السلمي للأزمة في ليبيا، وأكد رفض الجزائر لوجود قوة أجنبية “مهما كانت” في هذا البلد الجار، وأوضح ، في تصريح للصحافة على هامش إرسال مساعدات إنسانية نحو ليبيا، أول أمس، أن الجزائر ” لا تقبل بوجود أي قوة أجنبية مهما كانت”، وعاد للتذكير بموقف الجزائر الثابت بخصوص عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وجدد الوزير التأكيد على أن “لغة المدفعية ليست هي الحل وإنما الحل يمكن في التشاور بين كافة الليبيين وبمساعدة جميع الجيران وبالأخص الجزائر”.
هذا ودائما ما كانت الجزائر متمسكة بموقفها الثابت المتعلق برفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول ورفض التدخلات الأجنبية أيا كان نوعها، وهو المبدأ نفسه الذي تدافع عنه في القضية الليبية منذ سنوات منذ بدأ النزاع في هذا البلد الجار، حيث أكدت في كل مرة بضرورة إتباع الطرق السلمية والسياسية في حل النزاع، وبادرت سابقا إلى جمع الفرقاء الليبيين في طاولة الحوار في محاولة منها لرأب الصدع بينهم وتجنيب الشعب الليبي ويلات الحرب.
كما ظلت الجزائر في كل الأوقات على مسافة متساوية من أطراف النزاع في ليبيا، ورفضت التعامل بمبدأ دعم طرف على حساب الطرف الآخر المتورط في النزاع، باعتبار أنه “مبدأ يعمق الأزمة ولا يخدم الهدف و المتمثل في تحقيق المصالحة و السلام للشعب الليبي”.
كما تبنت الجزائر دائما موقفا تضامنيا مع الشعب الليبي منذ بداية الأزمة، وبذلت ولا تزال تبذل مجهودات كبيرة من أجل التوصل إلى حل سياسي شامل للوضع في هذا البلد الذي يعيش اليوم وضعا أمنيا خطيرا وتكالبا دوليا، ومحاولات لعدد من الدول التدخل عسكريا، أو بتقديم مساعدات عسكرية وأسلحة لطرف ضد طرف آخر.
الجزائر ترسل أزيد من 100 طن من المساعدات إلى الشعب الليبي
وإلى جانب متابعتها بكل جدية للوضع والتطورات في ليبيا، إلا أن الجانب الإنساني شكل بعدا كبيرا في الموقف الجزائري اتجاه الأشقاء في ليبيا، حيث سارعت الجزائر و بداية من أول أمس إلى إرسال مساعدات إنسانية لفائدة مواطني هذا البلد الجار، حيث تم شحن ما يزيد عن 100 طن من المساعدات الإنسانية متمثلة في المواد الغذائية والأدوية والأفرشة وغيرها عبر جسر جوي من المطار العسكري ببوفاريك إلى مطار جانيت، والتي يتم نقلها من جانيت إلى ليبيا برا عبر شاحنات مقطورة عن طريق المعبر الحدودي تينالكوم.
وقد كان في إستقبال الطائرات المحملة بهذه المساعدات في مطار جانيت، كل من الوالي المنتدب لولاية جانت، وكذا ممثلين عن وزارة الخارجية، ممثل عن الجيش الوطني الشعبي وكذا الهلال الأحمر الجزائري.
وأكد وزير الخارجية صبري بوقادوم في هذا الصدد أن “أواصر الأخوة وعلاقة الجوار التي تربط الجزائر بشقيقتها ليبيا وبين الشعبين تفرض علينا انطلاقا من مبدأ الوفاء لتقاليد التضامن الأخوي الفعال واللامشروط تجاه الشعب الليبي الشقيق يفرض الوقوف إلى جانبه في هذا الظرف العصيب الذي يجتازه للتخفيف عليه قدر الإمكان وطأة الأزمة”، وأوضح أن الهلال الأحمر الجزائري سيتكفل، بالتنسيق مع السلطات والهيئات الليبية المختصة، بإيصال هذه المساعدات إلى الشعب الليبي، مذكرا في هذا الصدد أن “المئات من الجزائريين يقيمون بليبيا، خاصة بالمنطقة الحدودية جانت”، وأشار الوزير إلى أن المساعدات الإنسانية التي ستصل إلي ليبيا هي “بداية لإرساء دور الجزائر الإنساني كمرحلة أولى ثم السياسي”.
من جانبها، ثمنت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، “مساهمة الجيش الوطني الشعبي في هذه المبادرة الإنسانية استجابة للوضع الذي يعيشه الليبيون”، و أكدت على ضرورة استمرار الدعم الإنساني للجزائر.
وأعلنت المتحدثة ذاتها على أنه سيتم “قريبا” إبرام اتفاق شراكة بين الهلال الأحمر الجزائري والهلال الحمر الليبي من أجل “تقوية إطار التعاون وتعزيزه، سيما من أجل نقل الخبرات ما بين الهيئتين”، كما اعتبرت أنه “آن الأوان أن تصبح هذه الفضاءات الدولية الإنسانية قوة ضغط على أصحاب القرار حتى تفكر في تداعيات قراراتها السياسية على الأوضاع الإنسانية”، و أكدت أن التدخلات العسكرية لها “عواقب كارثية إنسانية”.
وتأتي مبادرة الجزائر في الوقت الذي تسعى فيه إطراف أجنبية مختلفة إلى “مزيد من عسكرة النزاع من خلال دعم طرف مع أخطار التصعيد في المنطقة”، ففي الوقت الذي تدعم فيه عدة دول منها مصر وروسيا والإمارات قوات حفتر رغم أنه نقض اتفاقات سابقة مع الحكومة الشرعية، وافق البرلمان التركي مساء أول أمس الخميس، على مذكرة تفويض تسمح للرئاسة التركية بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق، وهو قرار نددت به مصر على الفور، في حين تفاوتت ردود الفعل الدولية تجاهه.
رزيقة.خ