يؤكد شركاؤها وكذلك المنظمات الدولية المتخصصة في الطاقة أن الجزائر من بين الدول “الموثوقة” في تموين وإمداد زبائنها بما يحتاجونه من موارد طاقوية وعلى رأسها الغاز، وقد اكتسبت هذه الثقة وفق تلك الجهات من مواقفها الثابتة في ظل الأزمات التي يعرفها العالم، سواء جيوسياسية أو الإقتصادية.
ويرى عدة خبراء أن للجزائر طموحات كبيرة في المجال الطاقوي وهي قادرة على تحقيقها، والتغيرات التي قد يشهدها العالم في هذا الميدان مستقبلا، ستجعلها بفضل سياستها الطاقوية ومواقفها الثابتة من بين الفاعلين الدوليين المهمين ضمن التكتلات الجديدة القادمة.
المستشار في التحول الطاقوي، توفيق حسني:
“الجزائر أثبتت مصداقيتها وعليها توسيع اتفاقياتها مع باقي الدول الأوروبية”
وفي هذا الصدد، قال المستشار في التحول الطاقوي، توفيق حسني إن لـ”الجزائر طموحات كبيرة في المجال الطاقوي أكبر من أي بلد آخر، سواء في مجال المحروقات -الطاقات التقليدية- أو في ميادين الطاقات المتجددة لاسيما الطاقة الشمسية”، وأكد المتحدث أنها “قادرة” على تحقيق تلك الطموحات، ويجب أن تكون في مستوى هذه الرهانات.
ويرى حسني في اتصال مع “الجزائر” أن “الجزائر فاعل دولي مهم في المجال الطاقوي، وذلك باعتراف سواء شركائها وزبائنها التقليديين في هذا المجال أو من قبل المنظمات الدولية المتخصصة”.
وتابع الخبير والمستشار في الطاقة أن “الجزائر تسير بخطى ثابتة في مجال تطوير علاقاتها في هذا المجال”، و أشار إلى الاتفاقيات التي وقعتها مؤخرا مع إيطاليا، غير أنه يرى بضرورة التوجه نحو المزيد من الإتفاقيات مع الدول الأوروبية ضمن مجموعة “5” وهي: إيطاليا والبرتغال ومالطا وفرنسا وإسبانيا- إضافة إلى ألمانيا كذلك، واعتبر أن الجزائر تملك القدرة والإمكانيات على ربط اتفاقيات مع جميع هذه الدول.
ويقول الخبير الطاقوي إن قدرة الجزائر على التوصل إلى اتفاقيات مع العديد من الشركاء والدول نابعة من قوة مواقفها وثباتها رغم الأزمات التي يشهدها العالم، وعدم استغلالها لفرص ضمن هذه الأزمات رغم أنها قادرة على ذلك، وهذا ما منحها مصداقية كبيرة لدى الدول والمنظمات الدولية المتخصصة.
الخبير الإقتصادي، أحمد طرطار:
“الجزائر فاعل مهم في خريطة الطاقة العالمية بفضل مواقفها الثابتة”
من جانبه قال الخبير الاقتصادي، أحمد طرطار إن “الجزائر فاعل مهم في خارطة الطاقة العالمية، وتبقى شريكا موثوقا به وذو مصداقية عالية”، وأضاف أن هذه الثقة اكتسبتها من مواقفها الثابتة، وهو معطى إيجابي بالنسبة للجزائر، وقد جعلها تحتل مكانة في أوروبا كشريك موثوق به.
وأكد طرطار متحدثا لـ”الجزائر” إن القول بأن “الأزمات التي يشهدها العالم اليوم، ومنها أزمة الطاقة نتيجة الوضع في أوكرانيا، قد تنتج فاعلين جددا في خريطة الطاقة العالمية، تحليل قد لا يكون دقيقا”.
وأوضح المتحدث بقوله إن “منتجي الطاقة الحاليين هم السابقون ولن يكون هناك تغيير في المنتجين”، متوقعا من جانب آخر، تشكل تكتلات جديدة غير التكتلات القديمة، مبرزا أن “الجزائر اعتمادا على مصداقيتها واتباعها سياسة الحياد في مختلف الأزمات وعدم اقتناصها لفرص تتيحها هذه الأزمات، قد تنصهر في التكتل الأكثر مصداقية وبراغماتية”.
في السياق ذاته كانت العديد من التقارير والتصريحات على ألسن مسؤوليين أوروبيين ومنظمات دولية أكدت أن “الجزائر شريك موثوق به”، مثلما أبرزه التقرير الشهري عن منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك”، الصادر أول أمس الأحد، من أن الجزائر تأتي على قائمة الدول ذات “الموثوقية العالية” في توفير إمدادات الغاز لزبائنها.
وتطرقت المنظمة في تقريرها حول “تطورات الغاز الطبيعي المسال والهيدروجين خلال الثلاثي الأول من عام 2022” إلى مختلف إمدادات الغاز الجزائرية نحو الدول التي التزمت معها في إطار الاتفاقيات المبرمة، أين أوضحت أن “الصادرات الجزائرية تبقى ضمن نطاق الربع سنوي المعتاد الذي يتراوح بين 5ر2 مليون طن و3 مليون طن”.
وتوجهت كافة الشحنات من الجزائر إلى الأسواق الأوروبية في وقت تسعى فيه أوروبا إلى تنويع مصادر إمداداتها، بحسب التقرير الذي أشار إلى استمرار استغلال خط “ميد غاز” الذي يربط الجزائر بإسبانيا مباشرة والذي رفعت طاقته مؤخرا من 8 إلى 5ر10 مليار متر مكعب/ السنة حسب التقرير.
كما أشار إلى إبرام شركة “سوناطراك” اتفاقية جديدة مع شركة “إيني” الإيطالية لزيادة صادرات الغاز عبر أنبوب “أنريكو ماتيي” الذي يربط الجزائر بإيطاليا عبر تونس، وتصل طاقته التصميمية إلى 33 مليار متر مكعب في السنة.
وقبلها كان الرئيس الإيطالي، سيرجيو ماتاريلا، قد أكد الخميس الماضي، بروما خلال ندوة صحفية مشتركة مع رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي قام بزيارة دولة لايطاليا، أن بلاده تعمل، في إطار الاتحاد الأوروبي على تكثيف التعاون بين دول الاتحاد والجزائر التي وصفها بـ”الشريك الاستراتيجي” على جميع الأصعدة.
وتابع الرئيس ماتاريلا قائلا: “إيطاليا، في صلب الاتحاد الأوروبي تدعو إلى تكثيف التعاون مع الجزائر. الأجندة المتوسطية التي حددها الاتحاد الأوروبي تشكل علامة للسير قدما في هذا الاتجاه. وإيطاليا تريد أن تعزز الجهود لتمتين التعاون بين الجزائر والإتحاد الأوروبي”.
وأكد الرئيس الايطالي أن الجزائر التي زارها في نوفمبر الماضي، تعد “شريكا استراتيجيا لإيطاليا، خاصة فيما يتعلق بالطاقة ولكن أيضا في مجالات أخرى”.
رزيقة. خ