نددت الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان بتساهل السلطات الجزائرية في المطالبة بتجريم الاستعمار، ودافعت الرابطة عن حقيقة بلوغ عدد ضحايا حرب التحرير إلى 10 مليون شهيد مند أن وطئت جيوش الاستعمار ارض الجزائر، وهو الرأي الذي لقي تأييدا من بعض المؤرخين الجزائريين.
نددت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أمس في بيان لها بمناسبة عيد الاستقلال لخامس والخمسين للجزائر بقطع رؤوس الشهداء من طرف المستعمر الفرنسي كما يفعل ارهابيي داعش في أيامنا ، وأشارت الرابطة إلى أن فرنسا قتلت أكثر من 10 مليون جزائري .
ودعت رابطة حقوق الإنسان ، السلطات بضرورة التحرك العاجل لاسترجاع جماجم الشهداء المعروضين في متاحف فرنسا .
و بمناسبة الذكرى المزدوجة المصادفة لـ 05 جويلية لعيد الاستقلال والذكرى 187 سنة من دخول المستعمر الغاشم طالبت الرابطة من السلطات تشريع قانون يجرم الاستعمار الفرنسي في الجزائر ومطالبة فرنسا بإعلان اعتذار رسمي واعتراف بالجرائم الدموية التي ارتكبتها في الجزائر ثم التعويض المادي للضحايا وعائلاتهم .
وانتقد كاتبو البيان عدم وجود إرادة سياسية لاسترجاع رفات الشهداء وذلك بعد 55 سنة من الاستقلال والمناشدات المتكررة منذ 2011 سنة من طرف المؤرخ فريد بلقاضي الذي يناضل وحده ولم يجد مساعدة من طرف السلطات الجزائرية من اجل استرجاع جثث شهداء المقاومة والاسترجاع الفوري لـ 37 رفات للمقاومين بالمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي لباريس ودفنهم في مقابر الشهداء عوض تركهم في المتحف .
بعد أن وضعت إدارة المتحف بقايا جماجم منذ القرن الـ19 في أكياس من الورق وهي موجودة على رفوف خزانات حديدية حسب المؤرخ فريد بلقاضي الذي يناضل منذ 2011 من اجل استرجاع جثث شهداء المقاومة حيث يذكر من بينهم: الشيخ بوزيان قائد مقاومة الزعاطشة – الشريف محمد بن عبد الله المدعو الشريف المدعو بوبغلة قائد مقاومة الظهرة والونشريس – الشريف بوقديدة – عيسى الحمادي – موسى الدرقاوي حاج موسى – مختار بن قويدر التيطراوي وابنه…الخ
و قالت رابطة حقوق الانسان أن حقيقة أرقام شهداء الجزائر منذ الاحتلال الفرنسي يفوق 10 ملايين جزائري في الحقبة الاستعمارية للجزائر بحسب المؤرخ الفرنسي الشيوعي جاك جوركي بل إن عددهم فاق التسعة ملايين شهيد إذا رجعنا الى الأرشيف الفرنسي وكذلك للمؤرخين الفرنسيين والجزائريين ومن بينهم وكذلك أيضا الباحث والمؤرخ الدكتور محمد لحسن زغيدي الذي قال بان عدد الشهداء منذ 1830 يفوق التسعة ملايين شهيد وليس مليون ونصف شهيد.
محند ارزقي فراد
عدد الشهداء يتراوح بين 3 و 5 ملايين والسلطة لا تريد سن قانون لتجريم الاستعمار
في رده عن تقرير الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان قلل المؤرخ الجزائري محمد أرزقي فراد من عدد الشهداء قدر الحصيلة بين 3 و 5 مليون شهيد.
وقال المتحدث أنه من الصعب تحديد رقم بعينه ،لأن خلال القرن 19 لم تكن هناك تسجيلات ،لكن الباحث أشار الى أرقام تقريبية لا تتجاوز 5 مليون بفعل المجازر الجماعية والأوبئة والمجاعة والمحارق، التي ألمت بالشعب الذي عانى ويلات الاستعمار.
واستشهد المؤرخ بمذكرات أحد الضباط الفرنسيين الذي كتب عن منطقة بالناصر في شرشال غرب العاصمة، عندما قامت القوات الفرنسية بحرق مساكن السكان في شهر جانفي وسط الثلوج، وأجبر السكان على البقاء في العراء جوعا حتى قضي عليهم جميعا، وذكر الضابط أن أعدادهم كانت تعد بالمئات .
وانتقد فراد السلطة في الجزائر معتبرا أنه نظام يقتات من العلاقات مع الفرنسيين ولا يقوى على مواجهته ومطالبته بالاعتراف بجرائمه في الجزائر .
واستنكر فراد إحجام السلطات على قبول سن قانون لتجريم الاستعمار ، الذي طالب به هو شخصيا عندما كان نائبا في البرلمان عام 2011 ،لكن الطلب لم يجد قبولا من السلطات
وقال المتحدث أن القائمين على متابعة هذا الملف ليست لهم النية في متابعة القضية، بفعل ارتباط مصالحهم بفرنسا.
والغريب حسب المؤرخ محند ارزقي فراد أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد تجاوز هدا النقاش والمصالح الضيقة وجرم الاستعمار وهو ما يعني تقدما ملموسا في الملف، وأنه بإمكان السلطات الجزائرية مباشرة الملف.
ويرى المتحدث أن القضية بالنسبة لكل الجزائريين قضية تاريخ وتمجيد للمآثر، وتأسف فراد عن تفويت برلمان 1962 غداة الاستقلال لقانون تجريم الاستعمار ،الذي كان بإمكانة أن يحصد مبتغاه خلال تلك الحقبة .
المؤرخ كمال بوشامة :
لا وجود لأرقام رسمية عن عدد الشهداء، والسلطات لا تولي اهتماما بالتاريخ.
قال المؤرخ كمال بوشامة أنه لا وجود لأرقام رسمية عن العدد الحقيقي للشهداء الجزائريين ، ولكن تقرير الرابطة قد يجانب بعضا من الحقيقة ، فمند دخول الاستعمار الفرنسي في 1830 إلى غاية استقلال الجزائر سقط الضحايا بالمئات الكثيرون تم تجاهلهم من المؤرخين وآخرون لم يسمع بهم أصلا .
وأضاف المتحدث أن روايات تاريخية غير رسمية أخرى تحدثت عن عدد يتجاوز 10 مليون ،استشهد المؤرخ كمال بوشامة في حديثه بطول مدة بقاء الاستعمار التي بلغت 130 سنة ، وهي كافية حتى يتزايد أعداد الجزائريين بأضعاف ، وكافية لتحصد 10 مليون جزائري، لأنه من غير المعقول أيضا أن يتزايد عدد الجزائريين في 130 سنة ب 5 مليون فقط .
و أضاف المتحدث أن الأمير عبد القادر قد أوقف حربه مع الفرنسيين بعد أن اقتنع أن فرنسا ماضية في إبادة الشعب عن بكرة أبيه ،حتى تبقى الأرض مهجورة من سكانها الأصليين ،تماما مثلما فعلت أمريكا مع سكان الأرض الأولين الذين استوطنوا تلك المنطقة .
وقال بوشامة أن القضية ليست متعلقة بالمطالبة بالجماجم فقط أو المطالبة بمدفع بابا مرزوق أو الأرشيف ،لان القضايا العالقة والمتعلقة بالتاريخ كثيرة ،وكل دلك يحتاج إلى إرادة سياسية قوية لنصرة التاريخ .
و أضاف المتحدث أن الإرادة السياسية غير متوفرة للشروع في كتابة التاريخ بكل مصداقية ومتابعة فرنسا عن جرائمها غير وارد حاليا.
على الرغم من أن العالم بأسره يشهد على جرائم الدمار والتنكيل والتعذيب والقتل التي تعرض لها الجزائريون ،خلال الحقبة الاستعمارية التي جندت لها فرنسا جيشها وإعلامها ومفكريها وكل الدول التي كانت تقف في فلكها ،ضد شعب أعزل.
محمد الأمين بلغيث
غير مستبعد أن يصل عدد الشهداء إلى 10 مليون ، والسلطات الفرنسية تلاعبت بالأرقام
لم يستبعد الدكتور الباحث محمد الأمين بلغيث أن يصل عدد شهداء الجزائر مند دخول الاحتلال الفرنسي الى 10 مليون جزائري.
وقال بلغيث أن للقضية قرائن كثيرة تثبت هدا الطرح ،وفي مقدمتها رسالة أحد وجهاء النخبة الجزائريين المتقربين من مجلس الحكم في الجزائر وهو حمدان خوجة الذي كتب رسالة الى الحاكم العام في فرنسا ، وكتبت الرسالة باللغتين العربية والفرنسية وتم إتلاف النسخة العربية ،لكن القنصل الليبي في فرنسا المسمى “دغيش ” آنذاك أعاد ترجمة الرسالة من نسختها الفرنسية ونقل عن خوجة ، قوله “أننا في الجزائر نعد ب 10 مليون جزائري ،و أننا شعب متحضر ومسالم ” وواصل خوجة في رسالته واصفا استغرابه من تحامل الفرنسيين على أرض الجزائر والجزائريين .
و في أول إحصاء فرنسي بالجزائر بتاريخ 1867 ،نقلت السلطات الفرنسية أن عدد الجزائريين يقدر ب 3 مليون جزائري ،وهي رواية مغالطة وقعت فيها عملية تلاعب بالارقام حتى تبرر فرنسا عملية الإبادة التي كانت تنوي المضي فيها مستقبلا للقضاء على السكان الأصليين للأرض.
وذكر بلغيث أن ما وقع في الجزائر كانت عملية إبادة جماعية ،جندت فيها فرنسا جيوشا هائلة ،واستعملت فيها الدعاية والإعلام لتضليل الساحة الدولية لما يقع في الجزائر.
ولم يستغرب بلغيث إصرار السلطات الفرنسية إلى أيامنا هده على تضليل التاريخ و إخفاء الحقيقة ،من بينها إخفاء الأرشيف التاريخي الحقيقي ،والجماجم والتجارب النووية وضحايا المجازر والتعذيب والتنكيل و إبادة قبائل ومداشر بأكملها .
رفيقة معريش