– ذكر تقرير أخير عن “مركز الأزمات الدولية” أن الجزائر مقبلة على أزمة اقتصادية حادة مع مطلع سنة 2019.. إلى أي مدى يمكن أن يطابق ما حمله التقرير مع الواقع الحقيقي للبلاد ؟
هناك مؤشرات اقتصادية كلية بادية للعيان والأرقام تتكلم عن (عجز الميزان التجاري، ميزان المدفوعات وتآكل احتياطي الصرف85 مليار دولار)، والسبب الرئيسي معروف هو الارتباط الوحيد بعائدات النفط، زيادة على حجم الإنفاق الذي يفوق دائما حجم المداخيل، فمثلا التخصيصات الاجتماعية (445,3 مليار دج للإعانات العائلية) غير الموجهة هي سياسة غير رشيدة وتراكماتها تؤثر سلبا على تقسيم الميزانية إضافة إلى عقلية المواطن الذي تعود على الحماية المضمونة التي لا تخدمه كشخص يجب أن يكون منتجا لا عبئا، وأيضا لا تخدم الدولة كجهاز ينظم الشأن العام، في الحقيقة نحن لم نخرج من مسلسل تهديدات الأزمة الاقتصادية ومع الانخفاض الأخير لسعر النفط (52 دولار للبرميل ) سيكون فيه شح للموارد المالية.
– الكثير حكم على قانون المالية لـ 2019 بأنه قانون مالية سياسي بالنظر إلى خلوه من الضرائب والزيادات خاصة أن هذه السنة مرتبطة بالانتخابات الرئاسية؟
لقد عاش المواطن مؤخرا فترة تقشف أعلنت عليها الحكومة بسبب تناقص الإيرادات المالية، كما حرم من بعض المنتوجات المستوردة. وما يحمله قانون المالية لهذه السنة لا يعلن عن تعافي الاقتصاد الوطني بل هي فترة استراحة لترقب تقلبات أسعار النفط المتزامنة مع تنظيم الانتخابات وها هو سعر النفط يتهاوى من جديد.
إن جعل السعر المرجعي في قانون المالية 50 دولار لن يحقق التوازن المالي ولن يمتص العجز إلا إذا تعدى سعر النفط 100 دولار في السوق العالمي.
– لماذا حسب رأيكم لم تستطع الحكومات المتعاقبة ما بعد 2014 تجاوز الصدمة النفطية ؟؟، وما هي معيقات إخراج الاقتصاد الوطني من التبعية المطلقة للمحروقات ؟
يتحمل الاقتصاد الوطني لحد اليوم تراكمات التسيير المركزي، كما أن القطاع العام غير منتج لأن أغلب الناشطين هم في الوظيف العمومي (2.120000 موظف) وهذا رقم كبير خاصة وأن عائدات النفط تضمن تغطية أجورهم. لذا بات من الضروري توجيه التوظيف نحو القطاع المنتج التابع للقطاع الخاص عن طريق توجيه الاستثمار نحو التنوع، لأن الحاجة ملحة وتفرض نفسها مع التحول التكنولوجي والرقمي، النظام المصرفي كذلك متأخر وهو عائق كبير لاستثمار .
– تسعى الجزائر إلى تعزيز الإنتاج المحلي وخفض الواردات، في محاولة لتخفيف الضغوط المالية الناجمة عن هبوط إيرادات الطاقة.. هل هذا الأمر ممكن في السنوات القليلة المقبلة؟
كل شيء ممكن في الجزائر، لأن فيها كل عناصر الإقلاع الاقتصادي، بداء من العنصر البشري إلى الإمكانيات الصناعية، الفلاحية، الصيد، الطاقات المتجددة وغيرها، والأمثلة متعددة لدول نهضت من العدم بفضل السياسات التنموية الرشيدة وتوظيف العلم لفائدة الاقتصاد .
– هل الجزائر وفقكم، قادرة اليوم على الاعتماد على قطاعات جديدة كالسياحة والخدمات ؟؟
في هذه القطاعات وأخرى يجب أن يكون القطاع الخاص هو المحرك، لأن الدولة تحملت أعباء الاقتصاد منذ الاستقلال وفي قطاعات منتجة لم تتطور أو تتوسع بسب أزمة النفط في ثمانينات القرن الماضي، وتعتبر نسبة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد غير كافية في دولة تحمل طاقات واعدة مثل الجزائر. يجب الإشارة أيضا إلى أن مناخ الأعمال والحواجز الإدارية في الجزائر لا يحفز على إقامة شراكات مع الأجانب وترتيبها في آخر المراتب ( 166 من 190) حسب Doing Business خير مثال على ذلك .
– من الجانب السياسي، هل الجزائر أصبحت بين طريقين إما الاستمرارية التي تنادي بها أحزاب الموالاة أم التغيير كما تطالب بذلك به قوى المعارضة؟
لكي تكون الأحزاب معارضة، يجب أن تحمل برامج اقتصادية بديلة ومشروع مجتمع، وفي الجزائر هذه الأحزاب التي تدعي المعارضة هي مستهلكة للميزانيات فقط، لكن الأمل يظل قائما نحو استرداد الثقة المفقودة بين الأجيال عن طريق الحوار الحضاري والشفافية وحرية التعبير.
حاورها : إسلام كعبش