رد وزير الاتصال، الناطق باسم الحكومة، حسان رابحي، أمس، على تصريحات الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني حول قضية الصحراء الغربية بالتأكيد على موقف الجزائر الثابت من الملف الصحراوي، حيث قال إنها قضية ذات طابع دولي كونها من المستعمرات المسجلة ضمن جدول أعمال الأمم المتحدة وهي قضية معترف بشرعيتها من عدة دول والجزائر لها موقف واضح منها.
من جانب آخر حذر وزير الاتصال، من الخطر الذي تشكله “المعلومة الكاذبة” على استقرار البلاد، وقال إن هذه المعلومات “المغلطة” لا تخدم سوى صناعها الذين يستعملونها لأغراض الدعاية السياسية أو الانتخابية وأحيانا لأغراض مالية محضة، ودعا وسائل الإعلام إلى الحذر من الوقوع في الفخ، وقال إن مهمة الاعلاميين خلال الانتخابات لن تكون سهلة، وشدد على ضرورة أن يضع الجميع المصلحة العليا للبلاد نصب أعينهم، واتهم بعض الجرائد بمحالة ضرب مصلحة البلاد خدمة لمصالحهم الخاصة وأحيانا لخدمة “مصالح أجنبية”.
وقال رابحي، أمس، خلال نزوله ضيفا على منتدى يومية “الشعب” والذي ناقش موضوع “المعلومة المغلوطة وكيفية التصدي لها”، إنه مع “اقتراب الحملة الانتخابية الرئاسية فإن مهمة محترفي الإعلام ووسائل الاتصال لن تكون سهلة، إذ لا ينتظر منهم فقط إنتاج معلومات دقيقة، موثوقة مستندة إلى مصدر وإنما عليهم أيضا عدم الوقوع في فخ الأخبار الكاذبة التي حدث للبعض ومع الأسف أن ساهم في نقلها وتضخيمها”، و أكد على أن “الاحترافية تفرض على الجميع التقيد بقواعدها خدمة للمهنة نفسها وحفاظا على تماسك المجتمع”.
وأضاف الوزير، أن الجزائر “التي تدافع عن قيم الحرية والانفتاح وحرية الإعلام شأنها في ذلك شأن الدول التي لها تقاليد ديمقراطية عريقة، لا يمكن أن تسمح بانتشار ظاهرة الأخبار الكاذبة بالنظر إلى الانحرافات الخطيرة التي تنجر عنها ومنها على الخصوص تعطيل الحريات والمكاسب الديمقراطية”.
واعتبر الوزير، أن التصدي لهذا “السم الذي يلوث المبادلات على شبكات التواصل الاجتماعي يمر عبر طريقتين، الأولى توجد بين يدي محترفي الإعلام الذين تقع على عاتقهم مسؤولية الالتزام بمحاربة هذه الظاهرة المرضية من خلال أدائهم الاحترافي واحترامهم لأخلاقيات المهنة، والثانية تتمثل في مساهمة الأشخاص الذين يحملهم عادة الالتزام المدني والاجتماعي للتصرف بما يخدم المصلحة العامة ويتعلق الأمر تحديدا بالمواطنين”.
وأوضح أن الأخبار الكاذبة أو المغلوطة أصبحت “منافسا حقيقيا للمعلومة التي تنتجها وسائل الإعلام التقليدية وهي الوسائل التي تراجعت كثيرا في استقطاب فئة الشباب على الخصوص”، و أشار إلى أن مواجهة هذه الأخبار الكاذبة من حيث المحتوى، “لا تنحصر في شبكة التواصل الاجتماعي ولكن تكمن في مقاربة متجددة للإعلام في وسائل الاتصال التقليدية التي تعد بامتياز المنتج المهني والأخلاقي للمعلومة الرسمية، المسؤولة والموثوقة والتي يجب أن تعطي للمحتوى الإعلامي أو الإخباري عوامل بث أكثر نجاعة وتحيينا تسمح من خلال نوعيتها وحجمها من ضمان حضور أكثر أهمية لهذه الوسائل على الشبكة”.
“المعلومة الكاذبة لا تخدم سوى صناعها”
وأشار رابحي إلى مدى الخطورة التي تشكلها المعلومة الخاطئة، حيث قال إنها أصبحت: “تهديدا عندما تمتد ممارستها إلى حد تقرير مصير الانتخابات والمترشحين مؤثرة بذلك على الرأي العام وموجهة للتصورات ومحولة للتوجهات إلى غاية مصادرة الإرادة الشعبية عن طريق التضليل”، كما أنها “تهدد النقاش العام وتمنع في بعض الأحيان من إجراء حوار متوازن بين الأطراف غير المتوافقة بل إنها تعيق الممارسة السليمة لحرية التعبير”.
وأوضح رابحي أن هذه النوعية من الأخبار “لا تخدم سوى صناعها الذين يستعملونها لأغراض الدعاية السياسية أو الانتخابية وأحيانا لأغراض مالية محضة، من خلال الزخم الإشهاري وما يخلفه من متابعة ومشاهدة وتقاسم للأخبار”، وهو ما يعطيها -حسب الوزير- “مستوى عال من التنافسية كمنتوج إعلامي يشجع على بروز سوق جديدة للإعلام على شبكات التواصل الاجتماعي”.
“حرية الفرد تنتهي عند بداية حرية الآخرين”
من جانب آخر، وفي رده على سؤال حول “غلق الإعلام العمومي على الرأي الآخر وعدم استضافته للآراء المختلفة لتوجه الدولة، وأن كان هذا الأمر في حد ذاته عامل قد يساعد على نشر الأخبار الكادبة، قال الوزير: “نحن لا نريد حربا في البلاد ولا نريد عدم استقرار للوطن، هذا الوطن الذي ضحت من أجله أجيال وأجيال بالنفس والنفيس و نحن على استعداد اليوم أن نقدم اعز التضحيات للحفاظ على المكاسب التي نؤمن بها و التي ليس لنا غيرها و الاعتزاز بها و الحفاظ عليها”، وأضاف” فأيا كانت طبيعة الحريات، فحرية التعبير والرأي تنتهي عندما تبدأ حرية التفكير والتعبير والرأي للآخرين ومن ثمة حتى الحرية في موضوع الديمقراطية لديها حدود، لدى نأمل في أن يصبح التعبير والتفكير صادقا على أن يكون حرا المغزى هو في الصدق”.
“هناك صحف تخدم مصالح أجنبية”
استرسل الوزير ردا على سؤال الصحفي قائلا: “نحن في الوزارة لا نعمل على تلجيم الألسن أو نتدخل في الخط التحليلي للصحف، فهناك صحافة عمومية وهي لسان حال الدولة وهذا حاصل في كل الدول وهذا ليس بعيب، لكن هناك في الجزائر صحف وجرائد وعلينا أن نقر جميعا بذلك، قد أطلقت عنانها بما لا يتوافق مع مصلحة الدولة ونظرة الدولة للأمور، بل لما يتوافق ومصلحتها الخاصة وأحيانا لما يتوافق لمصالح أجنبية ولم نسع إلى اليوم إلى تلجيم تلك الصحف”.
“نأمل من منتسبي الإعلام وضع المصلحة العليا للبلاد نصب أعينهم”
دعا الوزير كل منتسبي الإعلام أن يضعوا نصب أعينهم المصلحة العامة العليا للبلاد، وأن تكون المرجع لهم في نقلهم للمعلومة بما لا تؤثر على هذه المصلحة قائلا: “نريد من رجال ونساء الإعلام أن يعتمدوا الخطاب الصادق”، وقال إن “مسؤولية حماية الدولة والعباد لا تقتصر على الدولة فهي شأن الجميع، والإعلاميون لهم دورهم هام في الإشعاع بالجانب الإيجابي للبلاد وحماية البلاد وقيمها، فلا داعي للجدال الذي قد لا يوصلنا إلى توافق، فاليوم يجب أن نلتزم بكل ما يحافظ على البلاد وأمنها وسياستها”.
“قانون الإعلام الجديد سيرقى إلى ما يتوقعه منتسبو القطاع”
وفي رده على سؤال آخر، حول قانون الإعلام و المقترحات الجديدة التي بصدد إعداده من قبل الوزارة، قال رابحي أن “وزارة الاتصال تعمل على الارتقاء بقطاع الإعلام وسبق أن قلت أن الوزارة بصدد عرض جملة من القوانين ذات الصلة بالاتصال والإعلام ومن عاهد وفى وقد وفينا بهذا الأمر، إذ أن تلك النصوص هي الآن رهن الدراسة و في إطار التشاور من ممثلي العديد من الوزارات و متى انتهينا من هذه الدراسة سيتم إقرار هذه النصوص قبل عرضها على البرلمان” و استرسل قائلا:”هذه النصوص قد استعصى اليوم عليا لضيق الوقت التعريف بكل مضامينها لكن هي تستمد قوتها من مختلف الاقتراحات التي توصلنا إليها من خلال الكثير من اللقاءات التي كانت لي شخصيا مع منتسبي قطاع الإعلام من العمومي و الخاص و تستمد قوتها مما توصلنا إليه من اقتراحات مكتوبة أرسلت إلى الوزارة من قبل بعض المؤسسات الإعلامية وعدد من الصحفيين في إطار سهولة التشاور و المشورة “، وأكد أن “هذه القوانين ترقى إلى مستوى ما يتوقع إليه منتسبي القطاع من حقوق له ومن واجبنا على المؤسسات التي تستخدمه و هي قوانين تراعي أخلاقيات المهنة و إيصال المعلومة على حقيقتها دون زيف” .
“تصريحات سعداني تخص شخصه فقط وموقف الجزائر من قضية الصحراء الغربية واضح”
وبخصوص التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني حول قضية الصحراء الغربية، رد الوزير بالقول: “هذا الكلام يخص صاحبه ولا يساوي مثقال ذرة”، وأضاف قائلا: “قضية الصحراء الغربية قضية ذات طابع دولي كونها من المستعمرات المسجلة ضمن جدول أعمال الأمم المتحدة وهي قضية معترف بشرعيتها من عدة دول والجزائر لها موقف واضح منها”، وشدد وزير الاتصال بأن تصريحات الأفراد لا تساوي مقدار ذرة وهم أحرار في التعبير عن مواقفهم الشخصية وهذا ليس له وقع على مواقف الدولة والقضية الصحراوية التي تتولاها الأمم المتحدة، وتابع رابحي: “القضية ليس لها حل سوى تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره عبر الاستفتاء”. وهذا وتطرق الوزير إلى اليوم الوطني للصحافة والذي يحتفل به الاعلاميون اليوم، كما تحدث عن جائزة رئيس الجمهورية للصحفي المحترف، والتي كان موضوعها هذه السنة فضائل الحوار “لأن الفترة التي تعيشها البلاد تقتضي أن نصل إلى كل الحلول عبر الحوار” على حد قوله.
رزيقة.خ