يعود الحديث عن مستقبل الجوائز الأدبية من جديد، بعد الجدل الذي باتت تثيره، خاصة تلك التي أطلقتها دور نشر، وجمعيات، وذلك بخصوص المستحقات المالية التي لم يتسلمها أصحابها بعد مرور أكثر من عام ونصف من الإعلان عن الفائزين، وهو ما اعتبره الكثير من الأدباء والكتاب عبثا بكرامة وسمعة ومكانة المبدع الجزائري، وطرح ألف علامة استفهام عن جدوى مثل هذه المبادرات إن لم تكن جدية ولم يلتزم أصحابها بوعودهم اتجاه المبدعين، حيث أجمع الكثير على اعتبار بعض هذه الجوائز الأدبية في بلادنا بهرجة إعلامية وتبيع الوهم للكاتب لاغير.
جائزة الجزائر تقرأ للإبداع الروائي وجائزة الطاهر وطار للرواية، كانت في وجه الإعصار هذه المرة، بعدما لم يلتزم منظموها بوعودهم اتجاه الفائزين، وفي كل مرة كان منظمو هذه الجوائز يؤكدون أن العراقيل والعقبات تكمن في وزارة الثقافة التي تتقاعس في تسوية الوضع، خاصة بعد فترة الحراك الشعبي الذي شهدته الجزائر وسلسلة التغييرات التي طرأت على مختلف القطاعات بما فيه القطاع الثقافي والذي أرق المنظمين ونفذ صبر المتوجين، وجعل القضية تصل إلى الإعلام، وكشف الكثير من التسيب داخل الوزارة.
الروائي أحمد عبد الكريم الذي فضل الصمت كل هذه المدة، لينفجر مؤخرا ويفتح النار على دار نشر “الجزائر تقرأ”، والتي لم تمنحه جائزته المالية التي فاز بها، حيث جدد الروائي أمله في أن تفي الدار بالتزاماتها التي قطعتها على نفسها وتمكنه من مبلغ جائزة الجزائر تقرأ للإبداع الروائي في طبعتها الأولى 2018 بعد فوز روايته “كولاج” بالجائزة، حيث لم يتلق المبلغ الذي أعلنت عنه أمام الجميع قبل إعلان النتائج وبعدها لحد اللحظة، مشيرا إلى أن اللجوء إلا العدالة هو خياره الوحيد الآن، في سابقة خطيرة لم تشهدها الساحة الثقافية من قبل، وهو الخيار الذي فضل وطول هذه المدة أن يتجنبه.
وفي ظل صمت دار النشر –منظمة الجائزة-، التي لم تحرك ساكنا بخصوص الموضوع، أكد مدير النشر سابقا عبد الرزاق بوكبة، بأن مهمّته كانت، بصفته مديرًا للنّشر، والإشرافَ على الجوانب الفنّيّة والتّنظيميّة للجائزة، وضمان الجانب الماليّ هو بيد دار النّشر، بحكم كونها صاحبة المبادرة، معلنا التزامه ببذل الجهد، في حدود المتاح لي، لأجل أن تصبح الاتفاقية التّي تجمع الدّار ووزارة الثقافة حقيقة، فيتلقّى الفائز المبدع أحمد عبد الكريم مستحقّاته الذّي أخبرته أنني أفهم وأتفهّم ما أقدم عليه مؤخّرًا من اللّجوء إلى الإعلام، ثمّ إلى العدالة، بعد صبر هو من شيم النّبلاء والكبار.
وطلب عبد الرزاق بوكبة من صاحب دار “الجزائر تقرأ” قادة زاوي من أن يكون على اتصال بالمعنيّ وبالرّأي العامّ، فيكشف عن تفاصيل واقع الأمر خطوةً بخطوةٍ وتطورًا بتطوّر، ذلك أن الجائزة بدأت شفّافةً وكانت واحدةً من أكثر الجوائز نزاهةً بالنظر إلى لجنة تحكيمها الوازنة، مضيفا أن وزارة الثقافة في عهد الوزير السابق عز الدين ميهوبي التزمت بجانبها المالي، وماعليه إلا الاتصال بالوزارة لمعرفة ذلك وتنوير المعنيّ والرّأي العامّ بذلك، داعيا إياه بفتح صفحة فيسبوكية للمسألة تتولّى نشر مستجدّات الجائزة مع الوزارة، وتكون فضاءً للتّضامن مع الدّار، لأجل دفع الوزارة إلى الوفاء بالتزامها الذي أصبح التزامَ مؤسّسة لا شخص، كما وجه بوكبة دعوة للمستشار لدى الوزارة احميدة عيّاشي لأن يتدخّل شخصيًّا لدى الوزيرة الدّكتورة مليكة بن دودة، ليس فقط لأجل أن يتلقى المبدعان أحمد عبد الكريم وأمين بن باطة مستحقاتهما، بل أيضًا لأن تُرسِّم الجائزة رسميّا لأنها مكسب ثقافي وأدبيّ وطنيّ.
في سياق آخر كشف الروائي الشاب الصادق فاروق أنه لم يتحصل على مستحقات فوزه بجائزة الطاهر وطار للرواية 2018 مناصفة مع الصديق محمد فتيلينة ولحد الآن لم يتم استلام حقوقهما المادية، حيث أبرز ذات الروائي إنه وقبل أكثر من شهر ونصف توصل منظم الجائزة رياض وطار رئيس جمعية “نوافذ ثقافية” لحل مع وزارة ولكن إلى اليوم لم يتسلما أي مستحقات، وحسب مصادر “الجزائر” فإنه تم إمضاء الاتفاقية الخاصة بجائزة الطاهر وطار للرواية في طبعتها الثانية مع وزارة الثقافة في انتظار أن يتم تحويل المبلغ الخاص بها إلى حساب الجمعية والإعلان فيما بعد عن تاريخ تسليمها للفائزين، وإلا فإن أصابع الاتهام ستوجه لوزارة الثقافة التي تدعي أنها تشجعه وتقف معه وتدعمه، في حين أنها تتعمد إهانته وإذلاله بشتى الطرق.
صبرينة كركوبة