أكدت مجلة الجيش في افتتاحيتها لعدد سبتمبر الجاري أن الجيش الوطني الشعبي ” سيظل جمهوريا ملتزما بالدفاع عن السيادة الوطنية وبمهامه الدستورية مهما كانت الظروف والأحوال ” في رسالة واضحة لمن طالبوه بالتدخل وإحداث التغيير في الوضع السياسي القائم. بهذه العبارة عاد الحديث مرة أخرى حول السياسة والجيش في الجزائر ورجعت ردود المؤسسة العسكرية على مختلف المواقف السياسية الصادرة حولها والذاكرة لاسمها بعدما صمتت لفترة معينة.
ويظهر أن الجيش قد اختار أن يرد في هذا التوقيت على بعض الشخصيات السياسية على غرار وزير التجارة السابق في حكومات بوتفليقة نور الدين بوكروح الذي ركز في خرجاته الإعلامية من خلال انتقاداته الصريحة لقيادته ودورها في حل الوضع السياسي الراهن، وعاد من جديد الحديث حول الجيش ودوره في الشأن السياسي العام، وكأنه ” موضة “جزائرية، لا يمكن التعافي منها إلا وترجع للظهور مجددا على وقع وضع إعلامي وسياسي يتسم بالجمود، ومن الواضح أن غياب بعض المؤسسات المهمة عن النقاش كالمجلس الدستوري وغياب الأحزاب السياسية على إبداء رأيها في هذا الموضوع وتركيز اهتمامها على الانتخابات المحلية مطلع نوفمبر المقبل، هو الذي فتح المجال واسعاً لبعض الشخصيات السياسية الداعية لتطبيق المادة 102 من الدستور من خلال الاستنجاد بالجيش كدرع أساسي في هذه العملية، لكن هذه المطالب تم رفضها من طرف هذا الأخير وبصفة ولهجة شديدة واكتفى بالإشارة إلى دوره الطبيعي المكفول دستوريا وهو حماية حدود البلد والجمهورية، ولأول مرة في تاريخ بيانات الجيش تم ذكر مصطلح “الانقلاب العسكري ” في رفض هذه المؤسسة لهذه الطريقة في إدارة شؤون الدولة والبلد، وخاصة في ظل وضع محلي وإقليمي ودولي ليس كالسابق، وبالتالي استطاعت المؤسسة العسكرية إظهار ذاتها على أنها ملتزمة بالدستور أمام الرأي العام.
وكانت مجلة ” الجيش ” التي تعتبر لسان حال الجيش الوطني الشعبي قد أصدرت مذكرة بتصريح نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح، ردا على ” كل من يطالب سرا وجهارا أو ضمنيا بالانقلابات العسكرية ” أن ” جيشنا سيظل جمهوريا ملتزما بالدفاع عن السيادة الوطنية وحرمة التراب الوطني، حافظا للاستقلال، جيشا لا يحيد أبدا عن القيام بمهامه الدستورية مهما كانت الظروف والأحوال “. وأشارت الافتتاحية الى أن ” إنجازات الجيش وما حققه على أرض الميدان دفعت ببعض الأقلام المأجورة إلى تنصيب نفسها مدافعا عن (حرية الشعب)، وهي التي وصفته بالأمس القريب بكل النعوت والأوصاف “، وفي سياق متصل، أبرزت الافتتاحية أن ” كل فرد من أبناء أمتنا يعتز ويفتخر بأبناء جيشه ويقدر الانجازات التي حققها هذا الجيش العتيد في جميع المجالات والميادين منها محاربة الإرهاب، الذود عن حرمة الوطن والوقوف إلى جانب المواطنين في كل الظروف والاوقات “. مبرزة في ذات السياق ” سياسة التكوين الفعالة، استراتيجية التصنيع الناجعة وغيرها من الانجازات الضخمة التي أقلقت أصحاب النفوس الجاحدة التي توارثت الحقد والضغينة “.
من جهة أخرى، ذكّرت المجلة بمضمون رسالة رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، عبد العزيز بوتفليقة، بمناسبة الاحتفال بيوم المجاهد، أن الشعب الجزائري ” يمكنه أن يرتكز بأمان على الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على أمن البلاد ومواطنيها والحفاظ على سلامة التراب الوطني “.
وأضافت الافتتاحية أن ” شهادة بهذا الحجم من لدن فخامة رئيس الجمهورية وإشادته بتضحيات ونجاعة قواتنا المسلحة الرابضة على حدودنا والمرابطة في عمق ترابنا يدعونا إلى مضاعفة الجهد والكد والسعي حتى نكون عند حسن ثقة قيادتنا وفي مستوى الآمال المعلقة علينا من طرف أمتنا “، كما أشارت الافتتاحية إلى زيارات العمل والتفتيش التي قادت الفريق قايد صالح إلى مختلف النواحي العسكرية، والتي تهدف إلى ” الاتصال الدائم والمستمر مع أفراد الجيش المرابطين بكل مناطق الوطن بغرض الاطلاع عن كثب على وضعية الوحدات العسكرية ” مبرزة تطرقه في كل مرة إلى ” استكمال مهمة مكافحة ما تبقى من فلول الإرهاب، مواصلة تعزيز قدرات قوام المعركة وتأمين متطلبات الرفع من الجاهزية القتالية وغيرها “.
إسلام كعبش