يتجه الحراك الشعبي السلمي في الجزائر بعد الإطاحة بحكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إلى تسديد هدفه الثاني وهو العمل على قطع الطريق أمام بقايا المنظومة السياسية التي تبحث عن تسيير المرحلة الانتقالية التي يريدها الجزائريون فترة جديدة من دون وجوه النظام القائم.
ظهر مصطلح “الباءات الثلاثة” بعد استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ودعوة قيادة الجيش إلى احترام الدستور الذي ينص على أنه في حال استقالة الرئيس أو شغور منصبه يقوم رئيس مجلس الأمة بتسيير دواليب الدولة لمدة 90 يوما تنتهي بانتخابات رئاسية تفضي رئيس جمهورية جديد. ويختزل مصطلح “الباءات الثلاثة” الحرف الأول من ألقاب الشخصيات الثلاثة التي ستتكفل دستوريا بتسيير المرحلة أو لها دور رئيسي فيها وهم: عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة، نور الدين بدوي الوزير الأول والطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري. وبنظرة خلفية عبر المرآة العاكسة لمسار هذه الأسماء التي لعبت دورا سياسيا مهما في مرحلة 20 سنة من حكم بوتفليقة سنجد أنها كانت مقربة جدا من محيط الرئيس السابق، وسبق لنشطاء الحراك الشعبي أن أعلنوا رفضهم منذ البداية تولي شخصيات المرحلة السابقة أي دور في المرحلة الانتقالية التي تلي ذهاب عبد العزيز بوتفليقة وهو الأمر الذي عبر عليه في جمعة جديدة من التظاهر السلمي ضد سياسة الأمر الواقع.
ومن المنتظر أن يحل عبد القادر بن صالح الذي يرأس مجلس الأمة منذ 16 عاما، مكان الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة لمدة ثلاثة أشهر يجري خلالها التحضير لانتخابات رئاسية، وكان حاضرا في جلسة تقديم بوتفليقة لورقة استقالته لرئيس المجلس الدستوري، أما الطيب بلعزيز الذي شغل وزيرا لمدة 16 عاما إبان فترة الرئيس بوتفليقة، لم يكن معروفا في تسيير دواليب الدولة من قبل، وهو اليوم يرأس المجلس الدستوري للمرة الثانية في مسيرته، بعدما غادره سنة 2013 كما تقع على عاتقه مسؤولية مراقبة نزاهة الانتخابات الرئاسية القادمة، في حين أن قائد الجهاز التنفيذي المعين من طرف الرئيس السابق في 11 مارس الفارط، الوزير الأول نور الدين بدوي كان وزير للداخلية والجماعات المحلية، وتحت مراقبته الإدارية تم تنظيم مختلف الانتخابات التشريعية والمحلية والرئاسية منذ 2014 والجميع يعلم ما شابها من انتهاكات وتزوير كما تؤكد بذلك المعارضة إضافة إلى قمع الحريات النقابية والتجمعات والمسيرات السلمية قبل 22 فيفري الماضي.
إسلام كعبش