لازال الغموض يكتنف مستقبل تركيب السيارات في الجزائر، خصوصا بعد حملة التحقيقات التي فتحها القضاء في شبهة فساد عدد من رؤساء المصانع يتقدمهم رئيس مجمع طحكوت للسيارات محي الدين طحكوت، و مالك مجمّع “سوفاك” للسيارات الألمانية مراد عولمي، الأمر الذي طرح تساؤلات حول مدى قدرة مصانع التركيب من تحقيق النتائج المرجوة منها لاحتواء السوق الوطني وتصدير المركبات نحو الأسواق الخارجية.
في وقت تسابق الجزائر الزمن لطرح السيارات المركبة في السوق وتحرير بيعها وتسويقها، تخطو الجارة المغرب خطوات جبارة في مجال التركيب بعد أن استطاعت في ظرف خمس السنوات الماضية من السيطرة على 73 سوق بينهم إفريقي آسيوية وحتى الأوربية، حيث نجحت الشركات المغربية العاملة بقطاع صناعة السيارات، في أقل من 5 سنوات، في مضاعفة الحجم الإجمالي لصادراتها بنسبة 110 في المائة.
وتشير إحصائيات رسمية مغربية عن حجم نمو ايجابي لتركيب السيارات المغربية في السنوات الخمس الاخيرة، حيث نجح المغرب في تعزيز مكانته في سوق السيارات بأوروبا، بعد أن قام بتصدير ما يزيد عن 283.6 ألف سيارة خلال السنة الماضية. وبلغت قيمة صادرات السيارات، المصنعة في المنصتين الصناعيتين التابعتين لمجموعة “رونو” بالمغرب، نحو مصر ما يقارب 38,80 مليون دولار سنة 2017، لترتفع إلى 42 مليون دولار خلال الشهور التسعة الأولى فقط من العام الماضي.
واردات مجموعة الأجزاء الموجهة لتركيب السيارات ترتفع
بالمقابل، تشير إحصائيات رسمية أن فاتورة واردات مجموعة الأجزاء الموجهة لتركيب السيارات في ارتفاع مستمر، دون ان تتمكن الحكومة من احتواء الطلب على المركبات في السوق الوطنية، حيث بلغت 920.86 مليون دولار خلال الربع الأول من عام 2019، مقابل 758.47 مليون دولار في نفس الفترة من 2018، بزيادة نسبتها 21.41 بالمائة، وهو ما دفع بالسلطات العمومية إلى اتخاذ قرارات للحد من فاتورة الاستيراد من أجل تقليل العجز في ميزان المدفوعات والحفاظ على احتياطيات النقد الأجنبي. من ضمنها اتخاذ قرار بتقليص فاتورة استيراد مجموعة الأجزاء الموجهة للصناعة التركيبية للسيارات السياحية، وتلك التي تدخل في تصنيع المنتجات الكهرو منزلية.
الحكومة تتجه من البحث عن الأسواق إلى البحث عن من يسير مصانع التركيب!
منذ 5 سنوات كانت الانطلاقة في تركيب أول سيارة في الجزائر من طرف العلامة “رونو” تحت شعار “درناها جزائرية”، وكانت رغبة الحكومة من وراء بعث هذا القطاع هو خلق قاعدة صناعية للسيارات وخفض الواردات، غير أن هذا الهدف على ما يبدو يبقى صعب المنال، بعد انم اقتصر التركيب بشكل كبير على العلامة الفرنسية “رونو” وبعض العلامات التي لم تستطع أن تحقق نسبة الإدماج التي اقرها دفتر الشروط رغم أنها استفادت من تسهيلات ضريبية، بل أكثر من ذلك صوبت الحكومة توجهاتها في الآونة الأخيرة نحو متابعة رؤساء المصانع في المحاكم عوض البحث عن الاسواق الخارجية لتصدير المركبات مثلما استطاعت المغرب ان تفعله مؤخرا بتزويد أسواق أوروبا وآسيا وإفريقيا بأزيد من 390 ألف سيارة تم تصنيعها بالمغرب.
عمر حمادي