أخلط تهاوي أسعار النفط حسابات الحكومة ما جعلها تتحرك لمواجهة الأزمة من خلال اتخاذ الإجراءات الاحترازية لأي هزة محتملة في ظل الركود الذي تعرفه أسعار النفط، من جانبه، أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون رفضه بشكل قاطع اللجوء إلى الاستدانة أو التمويل غير التقليدي، حيث أسدى تعليمات إلى عدة وزراء تقضي باتخاذ إجراءات للحد من آثار انخفاض أسعار النفط وتفادي تأثير الوضع الاقتصادي على المواطنين.
سواهلية: “استبعاد إجراء الاستدانة أمر منطقي”
أكد الخير الاقتصادي، أحمد سواهلية، أن قرار استبعاد إجراء الاستدانة “أمر منطقي”، موضحا أن الحلول الممكنة لحكومة جراد تتمثل في جلب الاستثمارات المحلية والأجنبية والحد من فاتورة الاستيراد، لافتا أن “عملية التمويل تتطلب تقشفا أكثر من خلال تعديل موازنة الدولة بقانون مالية تكميلي”.
وأوضح الخبير الإقتصادي في تصريح لـ” الجزائر” أن الحلول الممكنة لحكومة جراد تتمثل في “جلب الاستثمارات المحلية والأجنبية والحد من فاتورة الاستيراد”، لافتا أن “عملية التمويل تتطلب تقشفا أكثر من خلال تعديل موازنة الدولة بقانون مالية تكميلي”، وأضاف: “استبعاد إجراء الاستدانة الداخلية وهذا منطقي نظرا لاستنفاذ هذا الإجراء سابقا بطبع العملة أو بما يعرف بالتمويل غير التقليدي الذي أوصل الدين الداخلي إلى حدود 47 % من الناتج الداخلي الخام وهو رقم كبير جدا”، مشيرا إلى “التخوفات من الاستدانة الخارجية خاصة فيما تعلق بصندوق النقد الدولي لتجاربه المريرة مع الجزائر”.
وقال سواهلية “فيروس كورونا خلق الرعب ومس أكثر من 100 دولة ومس معه سعر البرميل للنفط وتسبب في انهيار سعره إلى 35 دولارا للبرميل”، مؤكدا أنه “على منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك عقد اجتماع في أقرب وقت للنظر في الآليات والسبل اللاَّزمة للحد من انهيار مستمر لسعر البرميل جراء فيروس “كورونا”، متأسفا: “التحركات باءت بالفشل ولم تستطع المنظمة إقناع حلفائها بتخفيض الإنتاج”.
تراجع أسعار النفط سيخلق مشاكل تمويلية رهيبة
ويعتقد محدثنا أن “تراجع أسعار النفط هذا العام بما يقارب 30 % بسبب تفشي فيروس كورونا ووصول سعر البرميل إلى 35 دولار للبرميل سيخلق مشاكل تمويلية رهيبة لموازنة الدولة خاصة في ظل اعتماد سعر مرجعي للبرميل يقدر بـ 50 دولار للبرميل مسجلة عجزا بما يقارب 15 دولار للبرميل “، وأضاف: “مما يجعل حكومة عبد العزيز جراد في أزمة تمويلية خانقة وتضيف عجزا آخر في إيرادات الدولة من العملة الصعبة”.
سليمان ناصر: “تجميد المشاريع المبرمجة في إطار ميزانية التجهيز وارد”
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي سليمان ناصر أن انهيار أسعار النفط “أربك الحكومة”، متوقعا أن تلجأ هذه الأخيرة إلى تأجيل أو تجميد العديد من المشاريع المبرمجة في إطار ميزانية التجهيز، مشيرا أن استرجاع الأموال المنهوبة ليس بالأمر الهين ولابد من مصادر مالية أخرى للتصدي للأزمة.
وأوضح ناصر سليمان، في تصريح لـ” الجزائر” أن انهيار أسعار النفط أخلط حسابات الحكومة، مشيرا أنه “في السنوات الماضية كان السعر الفعلي في السوق أكثر من السعر المرجعي، والآن أصبح السعر الفعلي أقل من السعر المرجعي حيث عرف انهيارا إلى غاية 30 دولار للبرميل”، مسترسلا: “عجز ميزانية 2020 الذي قدر بـ 1500 مليار دولار، الفرق بين الإرادات والنفقات ما يعني أن النفقات أكثر من الإرادات، وهذا العجز في نظري سيكون أكثر في ظل هذه الظروف، وسيصل إلى العجز المتوقع سيكون 2000 مليار دج، أو أقل وهذا ما يجعل الحكومة تبحث عن مصادر أخرى بديلة”.
استرجاع الأموال المنهوبة ليس بالأمر الهين
وتحدث الخبير الاقتصادي عن قرار الرئيس تبون بعدم التوجه للاستدانة أو لطبع النقود، وقال: “من أين سنأتي بالأموال ؟”، لافتا أنه “لا توجد خيارات كثيرة أمام حكومة الوزير الأول عبد العزيز جراد”، مشيرا إلى أن استرجاع الأموال المنهوبة ليس بالأمر الهين، وأضاف: “وحتى لو استرجعناها فستكون بمبالغ صغيرة وليست كلها”.
فرضية العودة إلى التمويل غير التقليدي
وقال محدثنا “هناك ضرائب غير محصلة متراكمة من السنوات الماضية حتى لو تم تحصيلها لا يمكن تحصيلها كلها”، ويعتقد الخبير الإقتصادي أن الحكومة ستعود إلى التمويل غير التقليدي لأن الرخصة القانونية لازالت سارية المفعول ولا خيارات لديها” أما عن خيار الاستدانة فقال محدثنا إن “الاستدانة ليس أمر بسيط”، لافتا أن الأخيرة “تتضمن شروطا قاسية كما أن تلك المؤسسات لن تقدم قروضا كبيرة وهي غير كافية”، متسائلا عن “المصادر المالية التي ستلجأ إليها الحكومة للتمكن من تمويل برامجها”.
مراجعة اختلالات قانون المالية
وتطرق الخبير الاقتصادي إلى قانون المالية التكميلي، فقال إنه “سيتم خلاله مراجعة الكثير من بنود قانون المالية الأصلي لسنة 2020 نظرا للمستجدات الحاصلة”، لافتا أن “هناك احتمال كبير أنه يتم التوجه لتجميد الكثير من المشاريع الخاصة بالتجهيز” كما أن “الحكومة ستلجأ إلى تأجيل أو تجميد العديد من المشاريع الخاصة بالتجهيز” والتي كانت مقررة في ميزانية 2020 في إطار ميزانية التجهيز”، وأفاد المتحدث “من المستحيل المساس بميزانية التسيير لأن الجبهة الاجتماعية تعرف غليانا في هذه الظروف- تقليص ميزانية التسيير يعني التقليص في الأجور-.
“إعادة النظر في الضرائب المجحفة”
وأضاف الخبير الاقتصادي ذاته، إنه “يستدرك قانون المالية التكميلي 2020 الاختلالات التي حملها قانون المالية من خلال إعادة النظر في الضرائب المجحفة، وإعادة النظر في بعض الضرائب”، متوقعا أنه “سيتم إلغاء بعض الضرائب ليتم إضافة ضرائب أخرى”.
خديجة قدوار