يستحوذ الملف الإقتصادي على حصة الأسد في برنامج مختلف الزيارات التي يقوم بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى الخارج، وكذلك مختلف الوزراء، وهو ما يعكس التحول الذي تشهده الجزائر مع سياستها الخارجية التي أصبحت تضع الأهداف الإقتصادية في المقدمة.
يبرز جليا من خلال الزيارات التي قام بها الرئيس تبون إلى العديد من عواصم العالم المهمة، ومنها إيطاليا، قطر، الكويت، البرتغال، تركيا، وأخيرا روسيا، التركيز على الجانب الاقتصادي وإعطائه الأولوية على جوانب أخرى مهمة منها السياسية والأمنية، رغم أن لهذه الأخيرة أيضا نصيب منها.
وقد يتضح هذا التوجه الجديد للجزائر وسياسيتها الخارجية بإعطاء الأولوية للمسائل الاقتصادية والتجارية وإبرام الاتفاقيات في هذا المجال، من خلال الوفود التي ترافق رئيس الجمهورية في زياراته، من وزراء اقتصاد ورجال أعمال ومسؤولي الشركات الاقتصادية الكبرى في البلاد، ما يؤكد الحرص الكبير للسلطات باقتناص كل الفرص التي من شأنها خلق شراكة جيدة وإعطاء قيمة مضافة.
والمتتبع يتضح له هذا التوجه الجديد للجزائر والمبني على إعادة تقييم لعلاقاتها مع الخارج بناء على المصلحة الاقتصادية مع الحفاظ على تحالفاتها السياسية وصداقاتها التاريخية.
وحسب مراقبين، فالجزائر من خلال هذا التوجه ترغب في خلق توازن ما بين رغبتها في تطوير اقتصادها وتحديد احتياجات سوقها، وبين خلق علاقات جديدة تتيح لها شراكات اقتصادية قوية تساهم بدورها في تحقيق هدفها الأساسي ألا هو النهوض بالاقتصاد الوطني، وإيجاد مكانة لها بالأسواق الخارجية.
وتعمل الجزائر ضمن هذه الإستراتيجية الاقتصادية الجديدة على اختيار شراكاتها الاقتصادية بدقة، ووفقا لما تقتضيه مصلحتها الاقتصادية واحتياجاتها، ورغبتها في الانضمام إلى تكتلات اقتصادية ترى أنها تخدم مصلحتها وتدفع باقتصادها نحو الأعلى.
إنشاء شراكات استراتيجية
قال الأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار، عبد القادر سليماني، إن “الزيارات المكثفة لرئيس الجمهورية إلى العديد من الدول الصديقة والشقيقة تندرج في إطار ما يسمى بالدبلوماسية الاقتصادية لتعزيز التعاون الثنائي وتثبيت وإنشاء الشراكات الإستراتيجية، مثل ما حدث مع تركيا، قطر، روسيا وإيطاليا، ولتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية، خاصة بعد فشل الاتفاقيات مع الاتحاد الأوربي ما جعل الجزائر تتجه نحو الاتفاقيات الثنائية التي تراها أحسن وأنجع من التعامل مع كيانات”.
واعتبر سليماني في حديثه لـ”الجزائر” أن “هذه الزيارات مهمة للغاية، وهي دائما ما تتضمن جانب خاص بالجالية، وذلك لأجل تحفيزهم وإعطائهم ضمانات لإقامة مشاريع استثمارية ببلادهم، عن طريق الخبرات التي اكتسبوها كل بمجاله، للترويج للوجهة الجزائرية، ولم لا خلق لوبي جزائرية في مختلف عواصم العالم للترويج للبيئة الجزائرية للاستثمار”.
وتابع المتحدث أنه “تقريبا في كل مرة يرافق الرئيس وزراء مختصون في الاقتصاد ورجال أعمال، فهذا يعني أن الاقتصاد يأخذ حصة الأسد في زيارته للخارج لجلب استثمارات مباشرة والخروج من الريع البترولي لأن الهدف هو بلوغ 13 مليار دولار صادرات خارج المحروقات في 2023 بعدما تم تحقيق قيمة 7 مليار دولار”.
واعتبر أن “الجزائر تركز على الوجهة العربية والإفريقية والدخول في مجموعة اقتصادية قوية “البريكس”، لذلك فالدبلوماسية الاقتصادية تروج بقوة للوجهة الجزائرية، لإدراكها أنه لا يوجد في عالم اليوم مكان للضعيف ولابد من التموقع اقتصاديا، بالنظر للرهانات الكبيرة، رهان الأمن الغذائي، الرهان الطاقوي”.
بحث عن شركاء حقيقيين يتعاملون وفق الندية الإقتصادية
من جانبه، قال البروفيسور والخبير الإقتصادي، مراد كواشي، إن “الاقتصاد والسياسة عملتان لوجهة واحدة، فإذا كانت العلاقات السياسية مع دولة ما جيدة فهذا سينعكس مباشرة على التعاون الاقتصادي والتجاري معها والعكس صحيح”.
وأضاف كواشي في تصريح لـ”الجزائر” أن “الجزائر تبحث عن تنويع اقتصادها وعن شركاء حقيقيين يتعاملون معها وفق الندية الاقتصادية، ووفق المصلحة المشتركة بين الطرفين، والجزائر اختارت دولا تتوافق معها سياسيا كإيطاليا وروسيا التي بينهما مشاريع كبيرة في الأفق في عدة مجالات”.
رزيقة. خ