– إصدار نص قانوني لحماية المستخدمين الطبيين قريبا
دفعت الاعتداءات اللفظية والجسدية التي يتعرض لها موظفو الصحة، من أطباء وممرضين ومختلف الأعوان، بشكل مستمر، وازدياد حدتها مؤخرا مع تبعات تفشي فيروس “كورونا” المستجد، النقابات المهنية إلى التنديد بهذه السلوكات، وطالبت بضرورة توفير حماية أوسع داخل المستشفيات والمراكز الصحية، كما دعت المواطنين الى التحلي بالحكمة والصبر في مواجهة أزمة كورونا، في حين اعتبر قانونيين أن مثل تلك السلوكات من الاعتداء على الأطقم الطبية أو تصوير فيديوهات مسيئة للمستشفيات وللمهنيين، هي مساس بحرمة المؤسسات والموظفين، تدخل تحت طائلة الجنح التي يعاقب عليها القانون وقد تصل عقوبتها إلى السجن بثلاث سنوات.
تفاقمت ظاهرة الاعتداءات اللفظية والجسدية على الأطقم الطبية وشبه الطبية والإداريين وحتى المواطنين داخل المستشفيات مؤخرا بشكل كبير، ورغم أن هذه السلوكات ليست بالجديدة، إلا أن حدتها زادت مع تفشي فيروس كورونا المستجد، من قبل عائلات بعض المرضى أو ضحايا الوباء، ممن لا يطيقون صبرا انتظار إتمام الاجراءات الخاصة بتسليم جثث الضحايا وفق التدابير الوقائية المعمول بها، أو ممن يعترضون على أسلوب العناية الصحية التي يتلاقاها أهلهم من مرضى هذا الفيروس داخل المستشفيات والمصحات، وهي السلوكات التي تبقى لا مبرر لها مهما كانت الحجج ومهما كانت النقائص التي قد تسجل داخل هذه المستشفيات، خصوصا في ظل الوضعية الصحية التي تعيشها البلاد، والتي استنزفت خلالها الأطقم الطبية كامل قواها في محاربة هذا الوباء، مع تزايد حالات الإصابات يوميا وما يرافقها من تزايد الضغط النفسي والجسدي على هذه الفئة.
ولم تقتصر حالات الاعتداء على الأطباء والممرضين وعمال الصحة، في ولاية أو جهة معينة فقط من الوطن، بل امتدت لتشمل العديد من المصحات والمستشفيات، كما لم تقتصر الاعتداءات على الإساءة الشفوية والشتم وتصوير فيديوهات مسيئة للمستشفيات وعمالها، بل تعدتها إلى الاعتداءات الجسدية، ما يجعل حياة هؤلاء مهددة، ففي مثل حالات الاعتداءات اللفظية وتصوير فيديوهات، قد سجل مثال عن ذلك في كل من مستشفى المدية، المسيلة، وهران وغيرهم، أما حالات الاعتداءات الجسدية، فقد سجلت حالات مثل تلك التي حدثت في مستشفى البويرة، حيث قام مدير مستشفى نفسه من الطابق الأول بعد تهجم أهالي أحد ضحايا كوفيد-19 على مكتبه وطالبوه بتسليم الجثة قبل إتمام إجراءات التسريح، إضافة الى تعرض طبيب بمستشفى عنابة لاعتداء جسدي من قبل بعض المواطنين إضافة إلى اعتداءات في عدة مراكز صحية.
النقابة الوطنية لشبه الطبي تندد بالاعتداءات وتطالب بتوفير حماية أمنية لمهنيي الصحة
من جانبه، ندد الأمين العام للنقابة الوطنية لشبه الطبي، غاشي لوناس، بالاعتداءات التي طالت مؤخرا الطواقم الطبية والممرضين والإداريين بمختلف مستشفيات الوطن، وقال في تصريح لـ”الجزائر” إن “هذه السلوكات لن تحل مشكلة مرتكبيها أو تشفي مرضاهم، بل تزيد من تعقيد الأمور داخل المستشفيات وتساهم في تعطيل الأداء بالواجبات وهو ما ينعكس سلبيا على صحة المرضى”.
وأضاف أن مثل هذه السلوكات أضحت مشكلة كبيرة وجب الإسراع بإيجاد حلول لها، فمهنيو الصحة إضافة إلى الإرهاق الذي نالهم جراء وباء كورونا والعمل المتواصل ليلا نهار في مكافحته، والضغوطات النفسية التي يعانون منها، أضيفت لها الاعتداءات اللفظية والجسدية احيانا، بدلا من التقدير ورفع المعنويات.
وأضاف غاشي لوناس أن “سلوكات البعض من أهالي ضحايا كوفيد-19 أو من أهالي المرضى المصابون بهذا الفيروس، هي نتيجة القلق والخوف، فيصبون غضبهم على الطواقم الطبية والممرضين والعمال بالمستشفى، ونحن نتفهم خوفهم و قلقهم على أهاليهم لكن تلك التصرفات لن تفيد بشيء بل ستكون عامل آخر خلاق للفوضى داخل المستشفى، وهو ما سيزيد من تعقيد الأمور للجميع، سواء للعاملين أو المرضى أو المواطنين، وهي تبقى تصرفات غير مبررة”.
وطالب رئيس النقابة بضرورة أن ترافق الشرطة عملية تسليم الجثث من ضحايا “كورونا” لأهاليهم داخل المستشفى لتجنب الاعتداءات أو خلق فوضى داخل المستشفى.
كما طالب بدعم المستشفيات المراكز الصحية بأعوان شرطة على طول السنة لفرض انضباط أكثر وحماية أوفر للمهنيين والعمال بعد أن اتسعت رقعة هذه الاعتداءات.
المحامي، عمار خبابة:
“السب والاعتداء على الموظفين تصل عقوبته إلى 3 سنوات حبس”
أكد المحامي عمار خبابة أن ظاهرة الاعتداء على مستخدمي السلك الطبي وشبه الطبي ومسيري المؤسسات الصحية وما يقوم به بعض الأشخاص من اقتحام للمصحات والمستشفيات وتصوير للمرضى، والأطباء وأماكن الاستشفاء بالقوة والسب والشتم، ونشر ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي يندرج تحت طائلة القانون.
وأوضح المتحدث ذاته، في منشور له على صفحته على “الفايسبوك”، أن “هذه الأفعال يمكن أن تكيف إهانة موظف الفعل المنصوص والمعاقب عليه بنص 144 من قانون العقوبات المعدلة والتي تصل عقوبتها إلى ثلاث سنوات حبس والغرامة الى 50 مليون سنتيم، والبعض الآخر يشكل جنحة نشر وترويج أخبار وأنباء كاذبة أو مغرضة بين الجمهور يكون من شأنها المساس بالأمن العمومي أو النظام العام الفعل المنصوص والمعاقب عليه بنص المادة 196 مكرر وتصل العقوبة بموجبها الى ثلاث سنوات حبس والغرامة الى 30 مليون سنتيم”، وأضاف المحامي خبابة، أن “من هذه الأفعال ما يكيف مساس بحرمة الحياة الخاصة للأشخاص أو ما يعرف بالتشهير المنصوص والمعاقب عليها بنص المادة 303 مكرر وتصل عقوبتها إلى ثلاث سنوات والغرامة إلى 30 مليون كذلك وأدنى تكييف للوقائع التي أشرت إليها هو التشهير والقذف طبقا لنص المادة 296 من قانون العقوبات والتي تصل العقوبة بمقتضاها الى 6 أشهر حبس، أما إذا حدث هناك ضرب وجرح فالأمر أخطر، واعتبر أنه “من الواجب تنبيه السلطات العمومية عن التقصير والعجز والتهاون الذي قد يلاحظه المواطن وأن نبلغ عن كل عمل من شأنه المس بالنفس البشرية، لكن ليس بالاعتداء والضرب والشتم”.
المختص في القانون، عامر رخيلة:
“الاعتداءات واقتحام حرمة المؤسسات يعاقب عليهما القانون”
من جهته، قال القانوني عامر رخيلة في تصريح لـ”الجزائر”، إن “الاعتداءات اللفظية والجسدية على مهنيي الصحة لم تبق سلوكات معزولة بل تحولت اليوم إلى ظاهرة”، ويرى أنه لتجنب أي انفلات في حماية العاملين بالمصحات، يتطلب الأمر دعم المستشفيات بأعوان الأمن.
وأكد رخيلة أن الفعل المرتكب من قبل أهل الضحايا أو المرضى بفيروس كورونا غير مبرر مهما كانت درجة الإهمال أو التقصير اللذان قد يسجلان بالمستشفيات، فالقيام بالاعتداء أو بالضرب أو الجرح أو اقتحام حرمة المؤسسة وتحطيم ممتلكات الغير لا مبرر له، وهي تصرفات يعاقب عليها القانون.
وأشار رخيلة إلى أن “السب والشتم والمس باعتبار العاملين يعاقب عليها القانون ويطلق عليها تسمية: جريمة المس بشرف الأشخاص”، كما أن “الاعتداء على أشخاص وهم يؤدون عملهم تكيف ضمن الاعتداءات المادية والجسدية على العاملين أثناء أداء رسالتهم وانتهاك حرمة المؤسسة ولا بد من ردع، ومتابعة قضائية لمن ارتكب هذه التجاوزات في حق المهنيين و العاملين”.
وأكد عامر رخيلة أن “القانون في هذا الأمر واضح، من قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية”، كما أشار إلى أن تسجيل الفيديوهات داخل المؤسسات لديها أيضا عقوبة لأنها مساس بحرمة المؤسسة وتشل حركة أعوان الإدارة.
إصدار نص قانوني لحماية المستخدمين الطبيين قريبا
وسيصدر قريبا نص قانون لتعزيز منظومة حماية كافة المستخدمين الطبيين، وشبه الطبيين والإداريين وهذا فضلا عن النصوص التي تكرسها حاليا قوانين الجمهورية، حسب ما جاء الثلاثاء في بيان لمصالح الوزير الأول.
وجاء في بيان مصالح الوزير الأول، “لوحظ في الأسابيع الأخيرة تنامي الاعتداءات الجسدية و اللفظية ضد الاطقم الطبية و شبه الطبية و الادارية و المواطنين داخل بعض المستشفيات و المؤسسات الصحية مصحوبة في بعض الاحيان بأعمال تخريب تطال الممتلكات العامة و العتاد الطبي”، مشيرا أنه أمام هذا الوضع “قرر رئيس الجمهورية تعزيز منظومة حماية الطاقم الطبي وشبه الطبي والاداري بنص قانون يضاف إلى النصوص التي تكرسها قوانين الجمهورية”.
ويهدف هذا النص، حسب المصدر نفسه إلى “حماية الطاقم الطبي من أي اعتداء أو عنف مهما كانت طبيعته و وسيلته و صاحبه بداخل المستشفيات و المؤسسات الصحية الأخرى بكامل التراب الوطني وهذا خلال ممارسة مهنته النبيلة في خدمة الأمة”.
و في الإطار نفسه، تم توجيه تعليمات لوزير العدل حافظ الأختام و وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية و قائد الدرك الوطني و المدير العام للأمن الوطني و كذا الولاة قصد اتخاذ كافة التدابير اللازمة، وللتطبيق الصارم للقانون والتنفيذ الفوري لأشد العقوبات ضد أصحاب هذه الخروقات.
وأضاف البيان أنه لوحظ “التلاعب بالصور ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام والتي تمس بكرامة المرضى و عائلاتهم و كذلك بمهنية والسلامة المعنوية للطاقم الطبي”، واعتبر إن “هذه الأفعال غير المقبولة التي تهدف إلى المس بأمن و سلامة الأشخاص و الممتلكات العامة و التي يسعى من خلالها مرتكبوها إلى ضرب مصداقية الخدمة العمومية في مجال الصحة والجهود والتضحيات المبذولة من طرف كافة مستخدمي القطاع الصحي، تعاقب عليها قوانين الجمهورية”.
رزيقة.خ