الأحد , نوفمبر 24 2024
الرئيسية / الحدث / سعيد هادف الباحث في الشؤون المغاربية لـ "الجزائر"::
“الديمقراطية شرط أساسي لبناء الإتحاد المغاربي”

سعيد هادف الباحث في الشؤون المغاربية لـ "الجزائر"::
“الديمقراطية شرط أساسي لبناء الإتحاد المغاربي”

• تعاني الدول المغاربية غياب انسجام داخلي انعكس على علاقاتها البينية
• ستحمل سنة 2019 مفاجآت إيجابية للعلاقات الجزائرية المغربية
• دعوة الجزائر إلى حوار جماعي داخل الاتحاد نابع عن إرادة صادقة

يرى سعيد هادف، الباحث الجزائري المختص في الشؤون المغاربية، أن الأوضاع في المنطقة بصفة عامة لم تعد تطاق، وأن التحركات الأخيرة في تجاه حلحلة مؤسسة الاتحاد المغاربي أضحت “حتمية”، كما أوعز صاحب كتاب “الأزمة الخليجية في ضوء التاريخ” فشل المشروع المغاربي الذي انطلق كفكرة سياسية قبل 60 سنة إلى غياب ثقافة الديمقراطية لدى الأحزاب السياسية وبعدها حكومات “ما بعد الاستقلال”، مرجعا مسؤولية إعادة المياه إلى مجاريها بين الدول المعنية إلى “النخب”، خاصة فيما تعلق بمستقبل العلاقات بين البلدين الشقيقين الجزائر والمغرب.

تعيش المنطقة المغاربية حراكا حكوميا في اتجاه حلحلة وضع مؤسسة الاتحاد المغاربي بعد دعوة الجزائر إلى عقد قمة في أقرب وقت وتفاعل معظم الدول مع الاقتراح.. هل تلمسون إرادة سياسية لدى الجميع للدفع بهذه المؤسسة الإقليمية ؟؟
العالم بأسره يعيش مخاضا عسيرا، فحتى المؤسسات المحلية والأممية التي نشأت بعد الحربين العالميتين لم تعد تفي بالغرض، وأصبحت البلدان المتطورة نفسها تبحث عن بدائل تتجاوز من خلالها مشاكلها المستجدة. ومن الواضح أن هذا الحراك الحكومي يؤشر على إرادة سياسية، فالوضع المغاربي، السياسي والأمني والاقتصادي لم يعد مطاقا، ولم يعد يسمح بأي إرجاء أو استخفاف بالعواقب. الخروج من هذا الجفاء بات حتمية ولم يعد خيارا، وبالتالي فإن محاولة تفعيل الاتحاد هو المدخل إلى إعادة الدفء إلى الطقس السياسي المغاربي، فالمحيط الأممي بكل مخاضاته لن يبقى مكتوف الأيدي أمام ما يحدث على تخومه، وإذا لم تبادر البلدان المغاربية إلى معالجة فشلها بشكل طوعي ستجد نفسها مجبرة على الانحناء كرها.
مرت 60 سنة على اجتماع طنجة لقادة الحركات الوطنية في الدول الثلاث، تونس والجزائر والمغرب، ثم لقاء زرالدة وبعده مراكش من دون الذهاب الحقيقي لاتحاد مغاربي فعلي.. هل غياب الديمقراطية في هذه البلدان هو السبب الرئيسي في فشل مشروع الاتحاد ؟؟
الاتحاد كلمة ثقيلة في ميزان العلاقات العادية فما بالك في المجال السياسي الإقليمي، فالاتحاد بناء وكل بناء يحتاج إلى بناة مهرة ومتخصصين، ومن المؤكد أن غياب الخبرة والدراية السياسية كان وراء فشل مؤتمر طنجة، المؤتمرون كانوا سجناء لفهم قديم للسياسة، والأحزاب التي شاركت في ذلك المؤتمر كانت تفتقر إلى روح الديمقراطية حتى داخل التنظيم الواحد، لقد برهنت الأحداث التي تلت على قصور نظرها السياسي وعاشت تشظيات من الداخل وصلت إلى الاقتتال، فكيف يمكن لها أن تبني اتحادا مغاربيا؟ هذا المأزق الذي عاشته الأحزاب منذئذ قد امتد إلى اليوم ويكفي أن نلقي بنظرة عابرة على بيت كل الأحزاب المغاربية لنجد شروط التشظي مازالت قائمة، الديمقراطية بمعناها العميق شرط مؤسس للتماسك الداخلي المحلي وللتماسك الإقليمي.
تدعو الجزائر دائما إلى الحوار الجماعي داخل البيت المغاربي بعيدا عن الحلول الثنائية.. إلى أي مدى يشكل هذا الموقف توجها صحيحا ؟؟
كل البلدان المغاربية تتوفر على الإرادة والرغبة في الاتحاد، والجزائر ليست حالة شاذة، ودعوتها الأخيرة إلى الحوار الجماعي نابعة عن إرادة صادقة، لكن الإرادة وحدها لا تكفي، الأمر يحتاج إلى جهد علمي مضاعف، وإلى تواضع إلى منطق التاريخ. باحثون ومهتمون بالشأن المغاربي أكدوا أن ما حدث بين البلدين، وما عاشه كل بلد على الصعيد الداخلي أيضا، على مدى العقود الماضية يترجم أزمة سياسية عميقة، ليس في العلاقات البينية فحسب بل حتى في البلد الواحد أيضا؛ فالبلدان المغاربية كلها تعاني من غياب انسجام داخلي، وغياب هذا الانسجام انعكس على العلاقة البينية، الأمر جدي ويحتاج إلى علاج ناجع لا يتأتى إلا بناء على تشخيص عميق للأزمة.
توافقون بعض الأطروحات التي تفترض وجود قوى دولية تعرقل مسيرة تكتل هذه المنطقة، وبالتالي تبقى مستفيدة من التشرذم الحاصل بين الدول المغاربية ؟؟
لا شك في ذلك، فهناك قوى همها الوحيد افتراس الشعوب الضعيفة، لكن هذه القوى لا تعمل بمفردها بل لها حلفاؤها في الداخل، وتستغل هشاشة الوضع لتعرقل أي تقارب بين شعوب المنطقة ودولها، لكن المسؤولية تتحملها النخب المغاربية بالدرجة الأولى.
شارك وزير الداخلية نور الدين بدوي ممثلا للرئيس بوتفليقة، في مؤتمر الهجرة الأممي بمراكش، وبذلك أنهت الجزائر قرارا سياسيا بشأن خفض تمثيلها في المحافل والاجتماعات الإقليمية والدولية التي تعقد في المغرب، هل ممكن اعتبار الأمر مؤشر نحو علاقات جديدة ؟؟
كل إرادة في التواصل تؤشر على إمكانية الانفراج في العلاقات، ثم أن العلاقة بين البلدين ظلت دائما قائمة ولو بشكل محتشم.
رغم الخلافات إلا أن الجزائر تبقى من أكبر الشركاء الاقتصاديين للمغرب، وفق أرقام رسمية.. إذن هناك نية لتجاوز الأمر الواقع بالاعتماد على البراغماتية الاقتصادية ؟؟
أكيد، وهذا ما يؤشر على إمكانية الانفراج بين البلدين وتجاوز الأزمة يبدأ بإعادة بناء السياسة الداخلية والتصور العقلاني للدولة، لأن حالة الانسداد التي يعاني منها البلدان على الصعيد البيني لا يمكن تجازوها إلا بسياسات داخلية أكثر رشادا وتعقلا.
تبرز بعض الأسماء كالدبلوماسي الأخضر الابراهيمي ورئيس الحكومة المغربي الأسبق والقيادي الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي الداعية إلى مصالحة.. حسب رأيكم هل هذه الأسماء تملك التأثير في بناء علاقات جديدة بين الجارتين الجزائر والمغرب؟؟
ربما، وفي جميع الحالات فإن كل مبادرة لرأب الصدع تستحق التثمين والدعم، بشرط أن تكون تلك المبادرات مصحوبة بمقاربات سياسية رصينة وتحليل عميق للأزمة. فكلا الرجلين له رصيده التاريخي السياسي والدبلوماسي ويمكنهما أن يساهما في تذويب الجليد وتقريب المسافة بين أصحاب القرار.
8- في السياق ذاته، تؤكد أحزاب سياسية جزائرية ومغربية على فكرة التواصل والتحاور لإيجاد بديل للجمود الحاصل في العلاقات الرسمية.. إلى أي مدى يمكن أن تذهب فيه هذه التشكيلات السياسية ؟؟
المدى مشروط بالنَفَس، إذا ما كانت هذه الأحزاب تتمتع بطول النفس استطاعت أن تذهب بمبادراتها إلى ما يصب في خدمة التقارب بين البلدين.
أعتقد أن سنة 2019 ستحمل بعض المفاجآت، ومن المحتمل أن البلدين سيتوصلان إلى صيغة لحوار ثنائي دون وساطة، وسيتحقق انفراج جزئي يؤدي بالتدريج إلى تفعيل التواصل بحثا عن حل لكل المشاكل العالقة ومن ضمنها نزاع الصحراء وفتح الحدود البرية.
9- طرحت مصادر دبلوماسية فكرة توجه تونس للقيام بوساطة بين الجزائر والرباط خلال القمة المقبلة، هل تونس قادرة اليوم على لعب هذا الدور؟؟
الوسيط لا يمكنه أن يكون وسيطا إلا برضى الطرفين المتنازعين من جهة وبأهليته في الاضطلاع بدور الوساطة من جهة ثانية، إذا كانت تونس تتوفر على هذين الشرطين فهذا جيد.
10- تظل الأزمة الليبية تراوح مكانها، كما أنها تبقى تشكل تهديد مباشر لدول الجوار على رأسها الجزائر، لماذا لم تستطع الدول المجاورة لليبيا إيجاد حل سياسي لهذا البلد المغاربي ؟؟
لم تحسم النخب المناصرة لثورات 2011 في تصور الدولة بمفهومها الحديث، دولة الحق والقانون التي ثار من أجلها الشارع، وهذا الارتباك الذي عاشته النخب أمام مفردات السياسة الحديثة كان الثغرة التي تسللت عبرها القوى المناهضة للثورة، وكانت ليبيا ضحية هذا الارتباك. يبدو لي أن الأزمة الليبية ستعرف انفراجا بمجرد عودة الدفء إلى العلاقة الجزائرية المغربية، فالوضع المغاربي ولاسيما طبيعة العلاقة المغربية الجزائرية أثرت بشكل سلبي على الوضع الليبي، ومع أن الوضع الليبي ناجم عن تشرذم النخب الليبية وارتهانها لأجندات خارجية، فإن الجزائر والمغرب يمكنهما أن يساهما بشكل إيجابي في عودة الاستقرار إلى ليبيا، كل شيء ممكن إذا ما توفرت الإرادة والكفاءة اللازمتين.

نبذة عن الباحث سعيد هادف:
من مواليد 28/08/1960 ببلدة تامزوغا (ولاية عين تموشنت) باحث، صحفي وفاعل جمعوي، وشاعر، يعيش حاليا متنقلا بين الجزائر والمغرب وبالضبط مدينة وجدة الحدودية.
أصدر مجموعته الشعرية الأولى “وعيناي دليل عاطل عن الخطوة” سنة 1994 بالجزائر، و”مخطوط أكتو”، سنة 2007 بالمغرب، و”أحجيات زمن قيد الطبع”، سنة 2011 بفاس، المغرب، و”تخوم” سنة 2014 بوجدة، تناول أشعاره نقاد من المشرق والمغرب العربي، وترجمت بعض قصائده إلى الفرنسية والانجليزية والرومانية والألمانية.
لديه مؤلف أخير تحت عنوان “الأزمة الخليجية في ضوء التاريخ”
دخل غمار النقاش السياسي والتاريخي بعد التحولات المفاجئة التي عرفتها المنطقة العربية في الربع الأخير من القرن العشرين، بداية بحرب الخليج الثانية.
شارك في عدد من الندوات والمؤتمرات حول القضايا المغاربية ذات البعد السياسي والفكري، وقضايا ذات صلة بالهجرة والمدينة والمواطنة والإعلام.
ساهم في تأسيس وحدة الدراسات المغاربية بمركز البحوث والدراسات الإنسانية والإجتماعية بوجدة المغربية.
يكتب باستمرار في موقع “الحوار المتمدن” وهو مركز بحوث أيضا، مقره بلندن.
عضو بمكتب اتحاد الجالية الجزائرية بالمهجر وممثلهم بالمغرب.

حاوره: إسلام كعبش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super