أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أنه لا ينوي “الخلود في الحكم”، وأن الترشح لعهدة ثانية يتطلب توفر ظروف محددة، وقال إنه سيواصل “قرارات التهدئة” وأن الجزائر لم تدخل “مرحلة قمع”، وأكد على أهمية المجتمع المدني والمعارضة والعدالة لبناء دولة قوية، واعتبر بخصوص العلاقات مع فرنسا أنه “وجب معالجة ملف الذاكرة للمضي قدما في العلاقات المربحة للبلدين”.
تطرق رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في حوار للجريدة الفرنسية “لوبينيون”، صدر في عدد أمس، للعديد من المسائل والمواضيع التي تخص السياسة الداخلية للدولة، إضافة إلى القضايا الخارجية التي تخص الجزائر، سيما العلاقات الجزائرية-الفرنسية، وكذا العلاقات مع المغرب والصين وروسيا وغيرها.
ففي ما يتعلق بالمسائل الداخلية والسياسة الداخلية، قال رئيس الجمهورية إنه لا ينوي “الخلود” في الحكم، بل ترشح باسم المجتمع المدني والشباب لبناء مؤسسات”، وأوضح أنه “إلى نهاية العهدة الجارية أتمنى أن تكون كل الأمور سويت وتكون الظروف الاجتماعية والاقتصادية تحسنت ويجب أن تكون ظروف أخرى حتى أفكر في الترشح لعهدة ثانية”.
وأكد رئيس الجمهورية أنه سيواصل سياسة التهدئة قائلا: “قرارات التهدئة ستتواصل، الجزائر لم تدخل في مرحلة قمع” وأضاف “المعارضة والمجتمع المدني ضروريان ودولة قوية وعادلة هي الضامن الوحيد لبناء ديمقراطية أما العكس فما هو إلا فوضى”.
وعاد الرئيس للحديث عن الفترة الماضية التي عاشتها البلاد في ظل حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والتي أدت في النهاية إلى قيام حراك شعبي أرغم بوتفليقة على تقديم الاستقالة، حيث قال إن “الشعب عانى من مرض الرئيس السابق ومن العصابات التي أحاطت به وتسببت في تبذير مقدرات الجزائريين والبلاد”.
الدستور الجديد سيضع حدا للانحرافات السابقة
من جانب آخر، تطرق رئيس الجمهورية في حواره للجريدة الفرنسية، عن الدستور الجديد، وقال إنه “سيضع حدا للانحرافات التي عرفتها الدولة في الفترات السابقة، استجابة لملايين الجزائريين الذي نزلوا إلى الشارع منذ 22 فيفري 2019 للمطالبة بالتغيير”.
وأشار إلى أن الدستور سيعزز رقابة البرلمان على السلطة التنفيذية، كما سيتم تعزيز الحريات العامة، مستبعدا التوجه نحو نظام برلماني بحت لأن ذلك يتطلب سنينا طويلة من الممارسة الديمقراطية للوصول إليه.
إصلاح النظام الانتخابي الملف الثاني بعد الدستور
وأضاف رئيس الجمهورية أن إصلاح النظام الانتخابي يعد الملف الثاني بعد الدستور، مؤكدا أن نظام الانتخابات الجديد سيعمل على القضاء على ظاهرة المال الوسخ في الانتخابات ومنع سيطرة اللوبيات على العملية الانتخابية.
الجزائر وفرنسا ضروريان لبعضهما لكن يبقى ملف الذاكرة جوهري للمضي قدما
أما في ما يخص العلاقات الخارجية، فقد تطرق تبون الى العلاقات مع فرنسا، الصين، روسيا، المغرب وغيرهم، ففيما يخص هذه العلاقات مع فرنسا، فقال الرئيس: “الجزائر ضرورية لفرنسا وفرنسا ضرورية للجزائر، لكن يبقى ملف الذاكرة جوهري، لقد تباحثت مع الرئيس ماكرون هذا الملف وهو يدرك جيدا الأحداث التي ميزت تاريخنا المشترك، من الجانب الفرنسي تم تعيين المؤرخ بن يمين ستورا، هو رجل صادق وملم بملف العلاقات بين البلدين وبتاريخها من الحقبة الاستعمارية إلى غاية اليوم وسنقوم خلال 72 ساعة المقبل بتعيين نظيره الجزائري”، و أضاف:”هاتين الشخصيتين ستعملان مباشرة تحت وصايتنا -الرئيسان تبون وماكرون- أتمنى أن يعملان في جو صادق وهادئ لحل ملف الذاكرة الذي يسمم العلاقات بين البلدين”. وأكد الرئيس تبون أن أهم ما يصبوا اليه الجزائريون هو اعتراف بما اقترف خلال الاستعمار أكثر من أي تعويض مالي”، لكنه قال أن التعويض المادي الذي لايمكن التنازل عنه هو تعويض عن التجارب والتفجيرات النووية في الجنوب والذي لا تزال تبعاته وتأثيراته على الحياة وعلى المواطنين إلى اليوم.
واعتبر الرئيس تبون أنه “وجب أن نواجه هذه الأحداث المؤلمة لنبدأ مرة أخرى في العلاقات المربحة مع البلدين خاصة على المستوى الاقتصادي….يمكنا المضي قدما بهدوء كبير، هناك تعاون علمي واقتصادي بين البلدين…فرنسا لقد خسرت مكانها كأول مورد للجزائر…ولدينا أيضا مجتمع قوي أيضا في فرنسا-الجالية- نريد أن خدمته والحفاظ عليه”، ويرى رئيس الجمهورية أن الرئيس إيمانويل ماكرون ينتمي للجيل الجديد ولا ينتمي للوبيات التي تريد إفساد علاقة بلاده مع الجزائر.
كما تحدث رئيس الجمهورية عن العلاقات مع المغرب، مشددا على ضرورة توقف بناء قواعد عسكرية على حدودنا واصفا ذلك بـ”التصعيد”.
الصين وروسيا كانتا من البلدان الأوائل التي دعمت الجزائر إبان الثورة و بعد الاستقلال
وبخصوص العلاقات بين الجزائر والصين وروسيا، خاصة في الجانب الاقتصادي والعسكري، أكد رئيس الجمهورية أن “الصين اعترفت بالحكومة الجزائرية المؤقتة سنة 1958، والجزائر كانت من أكبر المدافعين عن الصين للانضمام للأمم المتحدة”، كما أن روسيا -يضيف الرئيس- “كانت من بين البلدان الأوائل التي دعمت الجزائر بعد استقلالها مباشرة”.
كما تطرق الرئيس إلى الأزمة في مالي وطبيعة العلاقات التي تربط الجزائر بهذا البلد الحدودي، حيث أكد أن مالي فتحت جبهة من جانبها للثورة الجزائرية لذلك وجب على الجزائر مساعدتها والوقوف إلى جانبها، وأكد أن الجزائر ومنذ استقلالها سنة 1962 لم تتوقف يوما عن المساهمة في حل النزاعات والوقوف إلى جانب الشعوب ومناصرة القضايا العادلة.
رزيقة.خ