يفتتح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أولى رحلاته إلى خارج الوطن بزيارة إلى العاصمة الألمانية برلين، لحضور المؤتمر الذي سيناقش الأزمة الليبية، والذي ستحضره 10 دول إضافة إلى الجزائر والأطراف الليبية المتنازعة، وتشكل هذه الزيارة أهمية كبيرة للجزائر وللرئيس تبون المنتخب حديثا، وذلك من عدة جوانب، كون ألمانيا أول وجهة للرئيس خارج الوطن، وأيضا لكونها زيارة تحمل طابعا استراتيجيا يتعلق بأزمة خطيرة ببلد جار له حدود شاسعة مع الجزائر، إضافة إلى كونها زيارة ستسمح للرئيس بعقد لقاءات ثنائية مع 10 رؤساء وممثلي دول وليس مع الجانب الألماني فقط.
استعادة الدبلوماسية الجزائرية مكانتها الحقيقية
يرى العديد من المتابعين، أن زيارة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لبرلين في أول خرجة دولية له منذ انتخابه على رأس البلاد في 12 ديسمبر، تكتسي أهمية بالغة، ولها دلالات كبيرة، وفي هذا السياق يقول المحلل السياسي رابح لونيسي في تصريح لـ”الجزائر”، أن زيارة تبون لألمانيا لحضور مؤتمر برلين، “تعد أول رحلة له نحو دولة أجنبية منذ انتخابه رئيسا للبلاد في 12 ديسمبر الماضي، وهي زيارة مرتبطة بالدرجة الأولى بالأمن القومي الجزائري، وهي مسألة جد هامة” -يضيف لونسي- وكذلك “إشارة لها دلالات قوية وتأكيد على أن الدبلوماسية الجزائرية استعادت مكانتها القوية، وأن مصلحة الأمن الاستراتيجي الجزائري هو من أولويات الرئيس تبون”.
ويضيف المحلل السياسي، رابح لونيسي، أنه “في الآونة الأخيرة أصبحت الجزائر محجا للكثير من الدول والدبلوماسيين وهو دليل على استعادة الدبوماسية الجزائرية عافيتها، إضافة إلى نقطة أخرى مهمة وهي الأهمية البالغة التي يكتسيها مؤتمر برلين بالنسبة للجزائر ولأمنها، فهو مؤتمر سيبحث الأزمة ببلد جار يتخبط في صراعات عميقة، وسيحاول إيجاد مخرج سلمي لها، والجزائر هدفها هو التوصل لهذا الحل بعيدا عن الحروب نظرا لما قد يشكله هذا الملف من تهديد لأمنها في حال استمرت الصراعات واشتعلت الحرب”، ويعتبر لونيسي أن “الجزائر ومنذ 2011 وهي تعيش في مشكلة كبيرة جدا، منذ أن اندلعت النزاعات في ليبيا، و انتقلت إلى شمال مالي، وهو ما جعلها-أي الجزائر- و الجيش الوطني الشعبي مضطران إلى مضاعفة الجهود لحماية الحدود، وأصبحت الجزائر مهددة”، وبالتالي-يقول المحلل السياسي- “فحضور الجزائر في مؤتمر برلين جد مهم، خصوصا أنه لقاء على مستوى الرؤساء”.
ويرى المحلل السياسي، لونيسي أن الجزائر “عليها بذل مجهودات كبيرة لحل الأزمة الليبية، حتى يكون هناك استقرار على مستوى الحدود فالبلاد تعاني أزمة اقتصادية وقد تشتد هذه الأزمة، إضافة إلى الأزمة الأمنية التي قد تنتجها الصراعات في كل من ليبيا ومالي، وفي وضع مثل هذا-أي بلاد تعاني أزمتين اقتصادية وأمنية- فهو وضع جد خطير، ما يتطلب الإسراع في إيجاد حل لإحدى الأزمتين في أقرب وقت”، ويعتقد لونسي أن الأزمة الاقتصادية وحسب خبراء اقتصاديين “يمكن أن تتحكم فيها وتوجد لها مخارج عبر مراحل، ما يستوجب إذا لا بد أن تبحث الجزائر على حلول للأزمة الأمنية في هذا البلد لأنها تشكل الخطر الأكبر”.
ويعتبر المحلل السياسي ذاته، أن الخطأ الأكبر الذي ارتكب في عهد رئيس الجمهورية السابق عبد العزيز بوتفليقة، هو “إهمال ملفات الصحراء الكبرى-الساحل- رغم الخطر الكبير الذي يشكله الصراع في تلك المنطقة على الأمن القومي الجزائري”، ويرى أنه من الضروري على المسؤولين اليوم أن يضعوا هذه الملفات ضمن أولوياتهم”.
المؤتمر فرصة للجزائر لعقد لقاءات ثنائية والدفع بالعلاقات الاقتصادية
من جانب آخر، يرى مراقبون أن زيارة تبون لألمانيا وحضوره لمؤتمر برلين الذي دعي إليه رؤساء العديد من الدول ومسؤولون لهيئات دولية، سيسمح له بعقد لقاءات ثنائية والتشاور حول العديد من الملفات التي تهم الجزائر على مختلف المستويات الإقليمية والدولية، وستكون فرصة أيضا أمام الجزائر لخلق اتفاقيات والدفع بالعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الدول المشاركة.
رزيقة.خ