يشارك خلال الزيارة في أشغال المنتدى الإقتصادي الدولي بسان بطرسبورغ
شرع، أمس ، رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في زيارة دولة إلى فيدرالية روسيا، تدوم ثلاثة أيام.
وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية أمس الثلاثاء، “بدعوة من رئيس فيدرالية روسيا، فلاديمير بوتين، يشرع اليوم، رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون في زيارة دولة إلى فيدرالية روسيا، تدوم ثلاثة أيام، في إطار تعزيز التعاون بين البلدين الصديقين”.
وتابع المصدر ذاته “سيشارك رئيس الجمهورية خلال هذه الزيارة في أشغال المنتدى الاقتصادي الدولي بسان بطرسبورغ الروسية”.
وبعد أن استمع إلى النشيد الوطني، استعرض الرئيس تبون تشكيلة من الحرس الجمهوري أدت له التحية الشرفية بمطار هواري بومدين الدولي.
وكان في توديع رئيس الجمهورية الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة ومدير ديوان رئاسة الجمهورية، محمد النذير العرباوي.
محور الجزائر- موسكو يتعزز
تأتي هذه الزيارة في إطار سعي الدولتين لتعزيز علاقاتهما الثنائية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، خاصة أن العلاقات الجزائرية الروسية تتسم بالجدية والديناميكية في التعاملات السياسية والاقتصادية والتجارية والصداقة المستمرة بين البلدين منذ استقلال الجزائر عام 1962 وهذا راجع لدبلوماسية التشاور الجادة التي تعتمدها الجزائر مع موسكو سواء تعلق الأمر ببعض القضايا المطروحة، إضافة إلى تبادل الزيارات بين كبار مسؤولي البلدين.
ثاني شريك تجاري لروسيا في إفريقيا
في سياق متصل، تهدف زيارة الرئيس تبون إلى روسيا لتعزيز العلاقات بين البلدين وعقد شراكة استراتيجية بين الجزائر وروسيا وتعزيز الحوار السياسي والتعاون الاقتصادي ورفع من حجم التبادل التجاري بين البلدين، خاصة وأن الجزائر تعتبر ثاني شريك تجاري لروسيا في القارة الأفريقية، بحجم مبادلات قارب 3 مليارات دولار في 2021.
وبالعودة إلى خلفيات زيارة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى فيدرالية روسيا فقد كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد دعا الرئيس تبون لزيارة موسكو، في شهر ماي من العام الماضي، عن طريق وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي أدى زيارة للجزائر وقال وزير الخارجية الروسي عقب استقباله من قبل الرئيس تبون آنذاك: “بناء على حرصنا على تطوير العلاقات في المجال السياسي والتعاون التجاري والاقتصادي والعسكري والفني والثقافي والإنساني، أكدنا للرئيس تبون دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأن يقوم بزيارة إلى موسكو”.
وجدد الرئيس بوتين في سبتمبر من نفس السنة، دعوته لتبون لزيارة موسكو، خلال حفل اعتماد سفراء أجانب بموسكو وأوضح الرئيس الروسي أن “بلاده تدعم الخط المتوازن الذي تنتهجه الجزائر في الشؤون الإقليمية والدولية”، مشددا على “مواصلة العمل معا لتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الصحراء والساحل”.
وقد سبق للرئيس تبون أن أكد في إحدى لقاءاته الدورية مع وسائل الإعلام الوطنية أنه “سيزور موسكو مطلع العام 2023″، في الوقت الذي سبقه السفير الروسي بالجزائر، اليريان شوفايف، شهر نوفمبر 2022، بالإعلان أن “هناك اتفاقاً وتفاهماً مبدئياً بين الجزائر وموسكو على أنّ زيارة تبون لروسيا ستتمّ قبل نهاية العام الحالي”.
ويطمح البلدان وفق ما سبق لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، التصريح به، التوقيع على اتفاقية استراتيجية تعكس النوعية الجديدة للعلاقات الثنائية بين الدولتين، وتستجيب للتطور السريع للعلاقات الودية من أجل الحفاظ على مستوى عال من التفاعل.
مجالات تعاون أوسع
يرى مراقبون أن علاقة الجزائر مع روسيا من الممكن أن تنتقل إلى مجالات تعاون أوسع يشمل قطاعات عدة، وأن الجزائر تتحرك وفق منطق مصلحتها وسيادتها، مع الحفاظ على الالتزامات والعلاقات التاريخية مع موسكو.
وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي، عمار سيغة، أن زيارة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون إلى موسكو تأتي في إطار تعميق العلاقات السياسية والاقتصادية وتعزيز الاتفاق الذي تم توقيعه في 2001.
وأوضح سيغة لـ “الجزائر” أن “رئيس الجمهورية سيكون مرفوقا بوفد اقتصادي حيث سيتم توقيع عدة اتفاقيات تعاون بين البلدين خاصة فيما يتعلق بالطاقة والغاز”، مشيرا إلى أن “زيارة تأتي أيضا في ظل في تحضيرات انعقاد قمة “بريكس” المزمع انعقادها شهر جوان الجاري والجزائر مدعوة لحضورها كعضو مراقب فحتما ستكون هناك مخرجات تخدم إعادة تموضع الجزائر خاصة في ظل التكتلات الجديدة”.
وأفاد المتحدث أن زيارة الرئيس تبون إلى روسيا تأتي أيضا في ظل التوازنات الدولية ودلالات ورسائل من الجزائر بأنها تحفظ على مسافة العلاقة بين جميع الأطراف لاسيما في المجموعتين الغربية والشرقية بزعامة روسيا والصين وهذا يدخل في مبدأ عدم الانحياز الذي تحافظ عليه الجزائر في إطار دبلوماسيتها مع دول العالم.
وأشار المتحدث إلى أن روسيا من أبرز الدول الداعمة للجهود الدبلوماسية للجزائر في حل القضايا الدولية والاقليمية وتجلى هذا الأمر بإشادة روسيا لإعلان الجزائر المنبثق عن مؤتمر لم الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وتثمينها لمخرجات القمة العربية.
وأكد سيغة أن “نتائج هذه الزيارة ستعطي الجزائر فرصة لتنويع تعاونها مع روسيا، لاسيما أنّ الجزائر لديها مقاربة شاملة، تضعها ضمن التجمعات والتكتلات الدولية القوية، على غرار مجموعة “بريكس”، حيث من المنتظر أن يتم التطرق بشكل رسمي إلى طلب الجزائر الانضمام إلى هذا التكتل، في لقاء الرئيسين تبون وبوتين”.
تطوير العلاقات بين البلدين
اعتبر المحلل السياسي، عبد القادر سوفي، أن زيارة الرئيس تبون إلى روسيا تتمركز على مجموعة من المحاور، حيث سيتم فتح العديد من الملفات بين الطرفين للحديث حول طبيعة العلاقات بين البلدين وذلك من أجل تقييمها ورفعها إلى مستوى أعلى.
وأوضح سوفى في تصريح لـ”الجزائر” أنه “من المنتظر أن يشمل الحديث بين الطرفين عضوية الجزائر في مجلس الأمن وقضايا تهم البلدين وأبرزها الأزمات التي تمس إفريقيا والتي يمكن للبلدين النظر فيها والبحث عن كيفية التعامل معها”.
كما أشار المتحدث إلى أن الجزائر من خلال هذه الزيارة “ستحاول أن تلعب دورا مهما في حل أزمة أوكرانيا التي تعتبر من أهم الملفات الشائكة في الوقت الحالي”.
وتوقع سوفي أن هذه الزيارة ستفتح آفاق استراتيجية استثنائية بين البلدين في مجالات مختلفة، خاصة في أعقاب الزيارات المتبادلة لرجال أعمال البلدين، إضافة إلى انضمام الجزائر إلى مجموعة “بريكس”.
فلة. س