الرئيس ماكرون تحدث عن أنها “زيارة صديق” للجزائر، في حين أن بيان الإيليزيه وصفها بزيارة “عمل وصداقة”، لكن لم يذهب بعيدا الرئيس الفرنسي بخصوص موقفه من الذاكرة، إذن أين الصداقة من المصالح؟
هي زيارة أولى لرئيس جديد لفرنسا. ثم أن العلاقات الدولية لا تعترف بالعواطف وزيارة الرئيس ماكرون للجزائر تندرج ضمن سلسلة في أجندة عمل إن لم نقل تحقيق مصالح نتمناها مشتركة.
يقول الرئيس ماكرون أنه شاب لم يعش فترة الإستعمار وبذلك لا يمكنه النظر إلى الماضي، لكن العلاقات الجزائرية الفرنسية تبقى محكومة بالماضي الإستعماري، كيف يمكن التقدم إلى الأمام بين باريس والجزائر ؟
من مهام رئيس الدولة أن يمثلها أحسن تمثيل لأنه يعرف تاريخها المرتبط بدول أخرى ومثل هذا التصريح هو تهرب من المسؤولية التاريخية حتى وإن تحدث عن وجود تاريخ مشترك أليم بين البلدين. كان ماكرون حريصا على تجاوز هذا الماضي لبناء حاضر ومستقبل لعلاقة مستقرة بين البلدين لأن الجزائر بوابة إفريقيا ودورها استراتيجي في المنطقة من جهة إضافة إلى الجالية الجزائرية التي هي أهم جالية من حيث العدد جهة أخرى( 5 ملايين) .
تعهد الرئيس ماكرون بالعمل على الدفع قدما بتقديم جزء من الأرشيف إضافة إلى جماجم المقاومين الجزائريين الموجودين بمتحف الإنسان بباريس، كيف ترون هذه الخطوة ؟
هي خطوة إيجابية حتى وإن كانت مكلفة، لكن الأمر المخزي هو موقف بعض أفراد هذا الشعب الذي يطالب الحكومة الفرنسية الحالية بالاعتذار عن جرائمها ضد أسلافه ، في نفس الوقت يطلب منها أمام الرأي العام أن تأخذ بيده وتمنحه التأشيرة الفرنسية، وتقدم للرئيس الفرنسي الفرصة للرد عليه وعلى تناقضاته بـ “التأشيرة ليست مشروع حياة”.
من الجانب الإقتصادي، تبقى فرنسا المستثمر الأجنبي الأول في الجزائر، خارج المحروقات، كيف تقيمون التعاون الإقتصادي بين الحكومتين في ظل الأزمة الحالية ؟
في كل الأحوال الاستثمار الأجنبي هو حل للخروج من الأزمة المالية لكنه ليس الحل الوحيد لذلك يجب تنويع المستثمرين الأجانب والخروج من احتكار الشريك الأجنبي الواحد. أما عن الاستثمارات الفرنسية فكان لها الحظ الأوفر حتى في المنفعة لأنها تبيع ما تريد وتشتري ما لا تملك (المواد الولية) وتستفيد من مزايا المنظمة العالمية للتجارة أما عن 500 مؤسسة المصرح عنها و 40.000 منصب عمل المستحدثة فهي هدر للأموال لا غير خصوصا وأنها لم تساهم في بناء نسيج صناعي قوي يخلق الثروة. في وسعنا أن نعيد الأمور إلى نصابها بوضع حل أسلم هو الاعتماد على النفس بالقدر الممكن لتجنب المخاطر الاقتصادية الأجنبية المتربصة باحتياطات الصرف المتبقية.
تبحث فرنسا على دور جزائري متقدم في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، في وقت ترفض الجزائر إرسال الجيش خارج الحدود، كيف يمكن التعاون العسكري بين فرنسا والجزائر في المنطقة خاصة في مالي وليبيا ؟
الجيش الجزائري هو حامي الوطن والحدود و لا يخرج عن هذا الإطار كما ينص عليه الدستور، ما عدا ذلك فهو خرق له. وبحكم الموقع الجغرافي للجزائر ونشاطاتها الدبلوماسية في المنطقة، فالتعاون العسكري بينهما يكون في الإطار الأمني، المخابراتي والدبلوماسي لمكافحة الإرهاب في دول الساحل .
إسلام كعبش
الجزائر ترفض المشاركة في القوة الجديدة
مجلس الأمن يجيز للقبعات الزرق دعم قوة الساحل في مالي
أصدر مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارا يجيز لقوات الأمم المتحدة المنتشرة في مالي تقديم دعم لوجستي وعملياتي لقوة دول مجموعة الساحل لمكافحة الجماعات الإرهابية. هذه المجوعة التي تخلفت الجزائر في المشاركة فيها كباقي التحالفات العسكرية لسبب دستورية عدم خروج الجيش عن حدود التراب الوطني.
نقلت وكالة الأنباء الفرنسية أن القرار الذي صاغته فرنسا ” كان موضع مفاوضات صعبة مع الولايات المتحدة التي عارضت لفترة طويلة أي انخراط للأمم المتحدة في هذه القوة المشتركة بين خمس دول هي مالي وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا والنيجر “. ويشمل هذا الدعم الإجلاء الطبي والإمداد بالوقود والمياه والحصص الغذائية، إضافة إلى الاستعانة بوحدات الهندسة في القوة الأممية من أجل بناء معسكرات وقواعد عسكرية لمكافحة الإرهابيين.
وقوة مجموعة الساحل التي بدأت لتوها تنفيذ أولى عملياتها الميدانية تهدف إلى التصدي للحركات الإرهابية على أن تضم لدى اكتمال عددها في مطلع الربيع المقبل، خمسة آلاف عنصر، وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون دعا إلى اجتماع دولي يعقد في باريس في 13 ديسمبر ” لتسريع انتشار” القوة.
والقرار الذي اعتمده مجلس الأمن يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش أن يتوصل ” في أسرع وقت ” إلى ” اتفاق تقني بين الأمم المتحدة ودول مجموعة الساحل لتقديم دعم لوجستي وعملياتي عبر قوة الأمم المتحدة في مالي” إلى القوة الإفريقية الجديدة. وتضم قوة حفظ السلام في مالي نحو عشرة آلاف جندي، ويشدد القرار على أن ” أنشطة التنظيمات الإجرامية والإرهابية في منطقة الساحل تشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين “، وحيال تردد الولايات المتحدة في إشراك الأمم المتحدة في قوة افريقية جديدة في وقت تسعى فيه واشنطن إلى تقليص نفقات المنظمة الدولية، دعا القرار إلى توسل ” آلية ينسقها الاتحاد الأوروبي” ويسدد عبرها للأمم المتحدة كل النفقات المخصصة للقوة الجديدة. وأكد القرار أن هذه المساهمة اللوجستية والعملياتية للأمم المتحدة لن تتم إلا حين تنتشر القوة الجديدة على الأراضي المالية، شرط أن لا تتسبب بأي ضرر للمهمة الأساسية للجنود الامميين المنتشرين في البلد المذكور. وكان المجلس أصدر في جوان قرارا أول أعلن فيه دعمه السياسي لتشكيل القوة الجديدة ولكن من دون أن يلحظ أي مساهمة مالية فيها بسبب رفض واشنطن.
وسبق أن سألت وكالة الأنباء الفرنسية، الوزير الأول أحمد أويحيى، لدى نزوله إلى باريس لترأس لجنة حكومية عليا مع نظيره إدوارد فيليب عن احتمال مشاركة الجزائر في القوة العسكرية لمجموعة الخمسة التي تسعى فرنسا لإنشائها، فأجاب قائلا أن ” حاجزا دستوريا يمنع الجيش الجزائري من المشاركة في أي تدخل خارج حدودها “. كما أن الوزير الأول أويحيى أفاد خلال القمة الإفريقية الأوروبية التي انعقدت في أبيدجان، قبل أسبوعين، أن الجزائر ” منحت ما يفوق 100 مليون دولار مساعدات على مدى 8 سنوات لكل من التشاد والنيجر ومالي وموريتانيا تتمثل في بناء قواعد عسكرية وتكوين القوات الخاصة لتلك الدول بالإضافة إلى منح العتاد العسكري المتطور “. وأكد أحمد أويحي إن الجزائر ” ساهمت بتجربتها الكبيرة في مجال مكافحة الإرهاب من خلال مجلس رؤساء أركان بلدان لجنة الأركان العملياتية المشتركة لدول الساحل ( الجزائر ومالي والنيجر والتشاد)، المعنية بظاهرة الإرهاب، وذلك منذ أكثر من 10 سنوات “، في حين أن الاتحاد الأوروبي، المتكون من 28 دولة عضو، قدم إلى المجموعة الخمسة الإفريقية، من مساعدات مالية في إطار هذه المهمة لم تتجاوز 50 مليون دولار.
إسلام كعبش