تعتبر القطارات من وسائل النقل التي تعتمد عليها وزارة النقل كونها وسيلة تنقل من جهة و وسيلة تضمن تنقل الأعداد الهائلة من المسافرين و كذا تفك الخناق عن الزحمة المرورية تلك التي تعرفها شوارع و طرق العاصمة على غرار جميع الطرق في الولايات الأخرى من جهة أخرى، غير أن حركة القطارات في العاصمة و التابعة للشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية تشهد العديد من الإضطرابات سواءا تلك التي تتعلق بجملة التأخرات اليومية و تذبذب في الحركة، خاصة أن هذا التأخر يؤثر على تنقل و سفريات المتنقلين عبر القطارات، أخرى المشاكل تلك التي تتعلق بالإضرابات المفاجئة و التي يقوم بها في كل مرة عمال الشركة الوطنية سواءا من مهندسي الصيانة أو السائقين أو الأعوان .. غير أن المؤثر الأكبر في حركة القطارات و التي تكبد الشركة الوطنية المسيرة لحركة القطارات خسائر جمة هي الرشق بالحجارة الذي تتعرض له القطارات على مختلف المسالك التي تعبر بها منها تلك التي تمر على بعض المجمعات السكنية.
سلوك غير حضاري يعرقل تحسين الخدمة
رغم كل مساعي الدولة ممثلة في وزارة النقل بالتنسيق مع الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية تمديدي كامل الخطوط بقطارات متطورة من أجل راحة المسافر، و السعي لتحسين خدمة التنقل عبر هذه القطارات سواء تلك الواصلة بين الولايات أو تلك التي تضمن التنقل من العاصمة نحو ضواحيها، إلا أن ظاهرة رشق القطارات بالحجارة في تزايد مستمر، أين تتعرض معظم قطارات الشركة إلى الرشق عند مرورها ببعض المجمعات السكانية حيث يقوم بعض الشبان برمي الحجارة نحو القطار ملحقين خسائر كبيرة مادية تخص القطارات و في بعض الأوقات يخلفون خسائر بشرية تخص أرواح السائقين، المسافرين و إذا لم تقضي إلى الوفاة فإنها تلحق بهم جروحا قد تكون خطيرة.
في نفس السياق، فإن القطارات التي تتعرض للرشق بالحجارة في بعض الأحيان عند نقاط تصل بين العاصمة و ضواحيها تتوقف في الكثير من الأحيان و يجبر المتنقلون عبرها إلى إكمال طريقهم مشيا في خط السكك الحديدية و مثال ذلك الخط الواصل بين العفرون و العاصمة و الذي توقف بالحراش بسسب تعرض السائق إلى إصابة على إثر رشقه بحجارة، و تعرف منطقة السمار و الحراش هذه الحوادث بكثرة، ناهيك عن التوقف الاضطراري فإن القطارات التي تتكبد الخسائر من تكسير للزجاج، تأخذ وقتا طويلا لأجل إصلاحها، هذا ما يعود سلبا و يخلق تذبذبا على حركة النقل.
و تعرضت أحد قطارات العاصمة و المتوجهة نحو الثنية، أول أمس إلى رشق بالحجارة، تعرض على إثرها سائق القطار إلى إصابة بليغة على مستوى العين بعد تكسر الزجاج الأمامي لقاطرة القطار.
في هذا السياق، صرح ممثل سائقي القطارات، أثناء الوقفة الاحتجاجية التي قام بها السائقون على أن الرشق بالحجارة يفقد السائقين التركيز أثناء السياقة، معربا في نفس الوقت أن هذه الظاهرة أصبحت تهدد حياة السائقين و تكبد خسائر مادية للمؤسسة خاصة عند تعرض القطارات الجديدة لخسائر متفاوتة الضرر.
القطار الكهربائي الثنية – العاصمة تحت رحمة الحجارة
ويتعرض قطار الثنية بصفة شبه يومية للرشق بالحجارة، لتلتصق الظاهرة عبر هذا الخط، بحيث طالما كانت القطارات التي تعبر عبر الثنية باتجاه العاصمة أو العكس، عرضة للرشق بالحجارة من طرف الشباب والمراهقين والأطفال أيضا، إذ اتخذ هؤلاء من رشق القطارات عادة ترافقهم في يومياتهم، بحيث أنه ما إن يمر القطار، حتى يتهاطل عليه وابل من الحجارة الناتجة عن الرشق من طرف الشباب والمراهقين وفي صور همجية لما يفعله هؤلاء من عبث باستمتاعهم بتحطيم نوافذ القطارات وتخريبها امتدادا إلى تهديد المسافرين بإصاباتهم جراء الحجارة الكبيرة التي يقومون برشقها، وهو ما بات يخشاه المتنقلون عبر هذه السكك بحيث يتوقعون يوميا تعرض القطار الذي يركبونه للرشق من طرف العصابات التي تفرغت لمثل هذه الأعمال غير المعقولة وجعلت منها روتينا يمارس في حق القطارات بدون دوافع أو أسباب.
43 سائقا أصيبوا بجروح خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة
هذا و كشف المدير المنتدب لأمن السكة الحديدية، ينطرن حكيم، لمصادر إعلامية، أن أكثر من 140 قطار يربط العاصمة بضواحيها، يتعرض يوميا لعملية رشق بالحجارة، سواء كان قطار “الديازال” المخصص لنقل السلع والبضائع، أو القطار الكهربائي.
وسجلت مؤسسة السكك الحديدية 705 جريمة رشق بالحجارة على قطارات نواحي العاصمة و عنابة و قسنطينة و وهران، خلال الأعوام 2014، 2015 و2016، ما خلف جرح 43 سائقا ومراقب قطار و44 مسافرا، وأكثر عمليات قذف الحجارة تسجل في العاصمة وضواحيها، تليها ناحية وهران، ثم قسنطينة وأخيرا عنابة.
سائقو القطارات يحتجون ويطالبون بالتّدخل
قرر سائقو القطارات بمحطة أغا، صبيحة أمس، الدخول في وقفة احتجاجية بسبب تعرض زميلهم إلى الرشق و إصابته على مستوى العين أثناء تأدية مهامه أول أمس أين كان على متن القطار الرابط بين خط العاصمة و الثنية، و نوه المحتجون عن تعرضهم الدائم و اليومي للرشق، و دامت الحركة الاحتجاجية ساعتين من الزمن، و عليه فقد عرفت حركة القطارات لضاحية الجزائر تذبذبا بسبب الاحتجاج الذي دام ساعتين، أين قرر السائقون العودة بعدها إلى العمل.
إصلاح زجاج القطار الواحد يكلف أكثر من 12 مليون سنتيم
يتسبب الرشق بالحجارة في خسائر مادية وبشرية معتبرة تتكبدها شركة النقل بالسكك الحدودية.
كشف المدير المنتدب لجر العتاد، بالمؤسسة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، وحيد ضيف الله، أنّ الشركة تتكبد خسائر معتبرة جراء رشق القطارات بالحجارة
وهو الأمر الذي أدى إلى تكسير الزجاج الجانبي وأحيانا الأمامي، وأوضح أن تكلفة إصلاح القطارات تكلف الخزينة أموال طائلة، فسعر الزجاج الجانبي الواحد يعادل 12 مليون سنتيم، في حين أن الزجاج الأمامي يبلغ 250 مليون سنتيم.
و في نفس الموضوع، أفاد رئيس قسم المبيعات والتسويق بمؤسسة نقل المسافرين، هشام بورنان، إلى أنه منذ دخول قطارات كوراديا حيز الخدمة في مارس الفارط تم استقبال 06 قطارات تعرضت للرشق و تسجيل تحطيم 30 زجاجة على الجهة الجانبية، بالإضافة إلى الزجاج الأمامي، و أكد أن تكلفة إصلاح الزجاج باهضة الثمن إذ تبلغ تكلفة الزجاج الواحد 10 ملايين سنتيم، و250 مليون سنتيم للزجاج كما أن الرشق بالحجارة يؤدي في بعض الأحيان إلى إلغاء الرحلات التي يستحيل إكمالها على مستوى القطار.
قطارات نقل البضائع تعاني من الظاهرة
لم تسلم قطارات الديازال، المخصصة لنقل البضائع والسلع من رشق الحجارة، إذ يعتبر هذا الأخير ملاذا لشباب وأطفال الحجارة وتعددت وجهات هذا القطار الذي ينطلق من الجزائر العاصمة باتجاه محطات سطيف، برج بوعريريج، الشلف، تيزي وزو، ليصبح محل ترصد أطفال الحجارة الذين يحفظون توقيت و زمن مرور القطارات لنجدهم مدججين بالحجارة وأحيانا بقارورات زجاجية وفي حالة تأهب تامة لرشق ما تيسر من قطارات.
شركة النقل بالسكك الحديدية تنظم حملات تحسيسية
تفاديا لتكرار السلوكيات غير الأخلاقية، فإن الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية تسعى إلى محاربة ظاهرة الرشق بالحجارة من خلال تنظيم حملات تحسيسية لتجنب مثل هذه الأفعال.
و كشف وزير النقل والأشغال العمومية، عبد الغاني زعلان، أن المؤسسة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية ستنظم حملة تحسيسية لحماية قطاراتها من التخريب، وأشار زعلان إلى ضرورة التحلي بروح المسؤولية والحفاظ على الممتلكات العامة.
كما كشف وزير النقل والأشغال العمومية، بحادثة رشق قطار “كوراديا” خلال عمليات التجريب بالحجارة، آملا أن لا تتكرر مثل هذه الحوادث، وشدد في نفس السياق، على ضرورة القيام بعليات تحسيسية وتوعية اتجاه الفئات العريضة من مجتمعنا، خاصة الشباب، للحفاظ على هذه المكتسبات المسخرة لخدمة المواطن.
أخصائية في علم الاجتماع:
“انعدام القيم هو سبب الظاهرة”
أرجعت أخصائية في علم الاجتماع، في حديث “للجزائر”، سبب خروج بعض الشباب عن السيطرة وقيامهم برشق القطارات بالحجارة، إلى انعدام التربية والأخلاق والقيم في المجتمع لا غير، وأضافت، حينما لا تؤدي الأسرة دورها كما ينبغي ما عسانا أن ننتظر من هؤلاء الشباب حيث أن الأسرة و على رأسهما الوالدين هما المسئولان عن تربية الابن و تعليمه القيم و غرس الأخلاق في نفسه حتى يصبح مدركا للصحيح من الخطأ، و علينا بداية النظر من اللبنة الأولى له في كيفية تنشأته على احترام و التحلي بالأخلاق الموجودة في المجتمع و ضبطه عند خروجه على السيطرة.
ياسين سوادني – فلة -س